تثاقلت عليهن الهموم والأحزان، وتلاشى بصيص الأمل الذي لاح من بعيد، القلق هو عنوان حياتهن والخوف من المستقبل قاسم مشترك، لسن موظفات ينعمن بالاستقرار ويفكرن في بناء حياة سعيدة، ولا عاطلات يبحثن عن مصدر رزق آخر، حتى لو كان قليلاً.وتقول أم سدن، وهي إحدى المعلمات البديلات: «كنت معلمة بديله لمدة سنة وشهرين وقبل القرار الملكي، وتحديداً في شهر ذو الحجة الماضي، أتيحت لي فرصة وظيفة بنظام التعاقد، إلا أن الوزارة رفضت بحجة أنني حاملاً، وبذلك فوتوا علي فرصة التثبيت»، موضحة بأن معلمة أخرى حلت مكانها وشملها أمر التثبيت، مع أن تلك المعلمة مارست عملها معلمة بديلة لمدة شهر فقط. وتضيف: «أنا خريجة بكالوريوس منذ نحو سبع سنوات، وأحمل الكثير من شهادات الدبلوم والدورات الأخرى، إضافة إلى الخبرة»، لافتة إلى أن ما يحزنها أن قرار رفض التعاقد معها لم يراع ظروفها والتعب الذي تحملته طيلة 14 شهراً، وعلاوة على ذلك فإن هذا القرار المتسرع، بحسب أم سدن، قد قضى على مستقبلها بأكمله. وتلفت أم محمد إلى أن الكثير من المعلمات البديلات مطلقات أو أرامل أو يعلن أسراً كبيرة ومن سوء حظهن أو لظرف معين لم يكن على رأس العمل أثناء صدور الأمر السامي الكريم، «هذا الواقع المعاش يفرض على المسؤولين في وزارة التربية والتعليم النظر من جانب إنساني من دون إغفال الجانب التنظيمي، فلا يوجد في رأيي تعارض»، موضحة: «لنأخذ مثالاً على ذلك، فأنا تخرجت منذ نحو 13 سنة، وطوال تلك السنين وأنا أتقدم في كل عام إلى ديوان الخدمة المدنية، ولكن لم يشأ الله لي الوظيفة، وفي إحدى السنوات تم التعاقد معي على بند محو الأمية براتب 2800 ريال فقط، وكانت المسافة من بيتي إلى المدرسة أكثر من 170 كيلومتر وأجرة السائق ألف ريال شهرياً، ولا أنسى ما حييت أنني ولدت واضطررت إلى ترك ابنتي الرضيعة ذات ال40 يوم سعياً وراء الرزق». وتتابع: «في السنة التي تليها ألغي عقد محو الأمية وتم التعاقد معي على بند الساعات براتب شهري يبلغ 6700 ريال، وعينت معلمة في قرية تبعد عن منزلي نحو 130 كيلومتر، ولكن وللأسف الشديد كان لزيادة الراتب دور في تدخل الواسطات والشفاعات، ما أدى إلى عدم تجديد عقدي»، مشيرة إلى أن أصحاب النفوذ عينوا قريباتهم، مع أن النظام ينص على التعاقد مع من تم التعاقد معهن في السنة الماضية، فإن لم يوجد فبحسب قائمة وزارة الخدمة المدنية بالمفاضلة. وتؤكد أم محمد أن هناك فتاة حديثة التخرج وغير تربوية وليس لديها أي خبرة أو دورات، ومع ذلك شملها التثبيت، متسائلة: «أليس من حقنا نحن متعاقدات الأعوام الماضية التثبيت أسوة بمتعاقدات السنة الماضية؟ أليس من الظلم رمي سنوات الخبرة في حين يتم تثبيت حديثات التخرج، خصوصاً أن إلغاء التعاقد يتم من الوزارة وليس من المعلمة؟». ولفتت إلى أن عقود البديلات تختلف عن جميع العقود بلا استثناء، «توجد قائمة لدى إدارات التعليم بأسماء البديلات، وهذه القائمة الصادرة من وزارة الخدمة المدنية لها الأولوية في التوظيف، إلا أنه لم يتم العمل بها، والملاحظ أن المفاضلة تطبق في شكل غير دقيق. وإلا كيف يتم تعيين الآلاف من الخريجات الحديثات ونحن مازلنا نقبع في قائمة البديلات من دون تعيين؟». وتستغرب أم محمد أن تعتذر معلمة بديلة عن الوظيفة لظروف حرجة ألمت بها، ثم يختارون من بعدها ويجري تثبيت الأخيرة وتهمل الأولى، معيدة الأمر برمته إلى اجتهادات المسؤولين في الوزارات، الذين فضلوا الخروج بأقل الخسائر من أخطائهم المتراكمة عبر السنين.