هل بقاء المحال النسائية"اللانجري تحديداً"حكراً على الرجال هو خير أم مدعاة إلى منكر أعظم؟ فعلى رغم أن"الأمر بالمعروف"أحالوا الأمر بحكم عدم اختصاصهم إلى وزارة العمل، فإن الصورة الذهنية الاجتماعية تجاه تأنيث المحال يحيطها كثير من الغبش، ولم تقدم وزارة العمل ضوابط مهدئة للضجيج الذي اصطحب القرار المؤجل سلفاً. تأرجح القرار والمواربة فيه بين الإقدام والإحجام يثير الدهشة، إذ هو بديهي في رأي البعض، لكن لا يزال أكاديميون يرفضون حتى الفكرة، فمن جهته اعتبر عضو هيئة التدريس في جامعة الملك سعود قسم التربية الإسلامية الدكتور إبراهيم العبود أن الوضع الحالي الذي يبيع فيه الرجال الملابس النسائية الداخلية أفضل من بيع المرأة في محال مختلطة،"حتى لو كان الذين يبيعون الملابس النسائية رجالاً فلا تعد مشكلة، إذ لا يمكن أن يُساء إلى المرأة إذا كانت بمعية زوجها أو ولي أمرها"، واصفاً بيع المرأة في محل مفتوح ب"الإشكال الكبير". ورحب العبود بفكرة بيع المرأة في سوق مختلطة، شريطة أن يكون المحل مغلقاً ولا يدخله إلا النساء، أي كالمشاغل النسائية التي يوجد في مدخلها رجل أمن ولا يسمح بدخول الرجال، ونادى بتعميم فكرة الأسواق المغلقة التي يكون العاملون فيها كلهم من النساء. ويرى المحامي والمستشار القانوني زامل شبيب الركاض، أن من حق المرأة البحث عن عمل كريم يحفظ خصوصيتها ويبعدها عن الحاجة وذل السؤال، خصوصاً الأرامل والمطلقات وبنات الأسر الفقيرة، وأضاف:"أعتقد أنه يجب تسليط الضوء على مبدأ العدل والمساواة في الشريعة الذي يعتبر العدل، هو المساواة بين المتماثلين والتفريق بين المختلفين"، مشيراً إلى أن الرجل والمرأة تختلف طبيعتهما الجسمانية والنفسية، إذ لكل منها تركيبته البيولوجية التي تؤهله للقيام بأعمال ليس بمقدور الآخر القيام بها لاختلاف طبيعة الفطرة التي خلق الله الناس عليها. وأضاف ل"الحياة":"نص نظام العمل السعودي في المادة الرابعة على أنه يجب على صاحب العمل والعامل الالتزام بمقتضيات الشريعة الاسلامية، إذ كفل حق العمل للمواطنين بالتساوي من دون تفريق أو تمييز بين الرجل والمرأة". لافتاً إلى أن النظام لم يغفل عن خصوصية المرأة المسلمة وطبيعة المجتمع السعودي وقيمه،"تضمنت المادة 149، مع مراعاة ما ورد في المادة 4 من هذا النظام، أن تعمل المرأة في كل المجالات التي تتفق مع طبيعتها، ويحظر تشغيلها في الأعمال الخطرة أو الصناعات الضارة، ويحدد الوزير بقرار منه المهن والأعمال التي تعد ضارة بالصحة، أو من شأنها أن تعرض النساء لأخطار محددة، ما يجب معه حظر عملهن فيها أو تقييده بشروط خاصة". وشدد على أن المادة 150 تنص على انه لا يجوز تشغيل النساء أثناء فترة من الليل إلا في الحالات التي يصدر بها قرار من الوزير، مؤكداً أن عمل المرأة يُعد من القضايا المهمة التي تحظى باهتمام الدولة. من جهة أخرى، قدّرت الفنانة التشكيلية عواطف حمد القنيبط دور وزير العمل الدكتور غازي القصيبي في توطين الوظائف وسعودتها، وتغير النظرة الدونية لبعض الأعمال الشريفة في"السوبر ماركت"و"الفنادق"و"المطاعم"، وشددت على ضرورة"صدور قرار يُلزم جميع الشركات بوضع حد أدنى للأجور، كما هو معمول به في بعض الدول المتقدمه وكذلك الدول المجاورة". وترى سيدة الأعمال سارة آل شيخ أن"غالبية المجتمع السعودي ينظر للمرأة التي تعمل في المحال النسائية بنظرة غريبة، كون هذا الأمر جديداً في مجتمعنا، إلا أن ذلك قد يخدم الفتيات، إذ يختبرهم على تحمل ظروف الحياة الصعبة". وأشارت إلى أن"الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها العالم، عسرت الحياة لدى بعض فئات المجتمع، لذا من الضروري توظيف الكوادر البشرية النسائية لتخفيف بطالة المرأة السعودية، وترسيخ مبدأ التعاون في العائلة". وطالبت وزارة العمل بإقامة"دورات للفتيات المتقدمات للعمل، تركز على طرق التسويق وكيفية التعامل مع الزبائن"، معتبرة أن مهنة البيع للمرأة تحتاج إلى وقت حتى يتقبلها المجتمع السعودي. آلية تنفيذ القرار تواجه صعوبات عدة يقول المحامي والمستشار القانوني زامل شبيب الركاض:"إن القرارات المتعلقة مباشرة ب"تأنيث المحال النسائية"، قرار مجلس الوزراء رقم 120 وتاريخ 12-4-1425ه بشأن زيادة فرص ومجالات عمل المرأة السعودية، وكذلك القرار الوزاري رقم 793/1 وتاريخ 22-5-1426ه بشأن تطبيق الإجراء الخاص بقصر العمل في محال بيع المستلزمات النسائية على المرأة السعودية، من خلال تهيئة أماكن ومحال بيع المستلزمات النسائية، وذلك بحجبها عما حولها، بشكل يمنع رؤية من بداخلها من العاملات والمتسوقات أو اختلاطهن بالرجال، وبأن يكون لتلك المحال والأقسام أبواب خاصة يتم التحكم بها من الداخل". ويرى الركاض أن"آلية تنفيذ القرار الأخير، تواجه العديد من الصعوبات التي أدت إلى تأجيله منها معوقات تنظيمية، فعلى سبيل المثال يمتد العمل في الأسواق إلى ساعات متأخرة من الليل، وهذا يتعارض مع النظام الذي يحظر عمل المرأة ليلاً لعدم ملاءمته لطبيعتها ويعوقها عن أداء واجباتها المنزلية والزوجية". ونبه إلى أن تنفيذ القرار يتطلب معالجة المعوقات وإيجاد الآليات التي تضمن توفير الحماية والخصوصية للمرأة السعودية. ولخص رأيه في القضية قائلاً:"إن إسقاط عدم تنفيذ القرار على وجود نوع من الرفض الاجتماعي وعدم التقبل من المؤسسات الدينية يُعد زعماً غير صحيح"، وأرجع عدم تنفيذه إلى"وجود معوقات متنوعة مثل معارضة بعض التجار لوجود أسواق نسائية متخصصة ومتكاملة تحظى بها المرأة بفرص عمل تناسب خصوصية المجتمع وقيمه"، وأكد أن هذه المعوقات"تتطلب المزيد من الدراسة والبحث في إيجاد الآليات المنظمة لتنفيذ مثل هذا القرار حتى يتوافر نوع من توطين الوظيفة للمرأة على وجه الخصوص في المجتمع، وحتى لا نجد أنفسنا أمام إشكاليات أخلاقية مقننة".