نالت الرواية السعودية، النصيب الأكبر من التقرير الذي نشرته مجلة"القافلة"، تحت عنوان"المشهد الثقافي السعودي بين انتصار الرواية وبطولة القارئ"، إذ استطاعت الرواية اقتحام التابوهات الاجتماعية، واستبدال الصمت والإقصاء، بصيغ سردية مشاكسة. وأكد الدكتور صالح زياد في قراءة نشرتها مجلة"القافلة"، أن التعاطي مع التابوهات كان دلالة على تعرية الواقع، بسبب كثافة تناول الرواية السعودية للأنثى،"لتصير الشخصية الأولى في روايات عدة، ناطقة بلسان الأنا، وليس الغائب". وعزا هيمنة الرواية على ملامح المشهد الثقافي السعودي، إلى تميز المرحلة السابقة التي امتدت طوال السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، التي ازدهر فيها شعر التفعيلة وقصيدة النثر والقصة القصيرة، إذ تسبب ذلك في النفور من التقليد والمحاكاة، والرغبة في البحث عن التشكيل المتفرد والتجريب واستشعار قلق الإنسان واغترابه، ما أدى إلى بروز بنية اللغة، في الرواية السعودية. وعرج التقرير على اتجاه الحركة النقدية نحو"النقد الثقافي"، الذي انصب على إبراز العيوب الثقافية النسقية، وتعرية نماذجها في السلوكيات والعادات والأعراف، وفي النصوص التي لم تعد ذات قيمة جمالية شكلية، بل أصبحت وثيقة ثقافية، لا تقل النكتة أو الطرفة العابرة فيها، أهمية عن القصيدة العصماء. موضحاً أن النقد الثقافي اتجه إلى الكشف عن أبوية المجتمع وذكوريته، والاستبداد بوصفه معنى ثقافياً، إذ شغلت قضية المرأة والتمييز الجنسي جانباً من اهتمامه. فيما اهتمت الجهات الأكاديمية أيضاً"بظاهرة الرواية"، وقام طلاب الدراسات العليا بتقديم 25 أطروحة، أنجز بعضها بالفعل، وذلك بخلاف ما كانت عليه المرحلة السابقة التي كان يهيمن فيها الشعر على الرسائل الجامعية. ولم ينف زياد وجود تفاوت بين الأعمال الروائية في مدى إجادة تقنيات السرد، لافتاً إلى التشابه الذي يطغى على عدد منها، ما يعني أننا أمام ظاهرة هي أقرب إلى حد الموضة سواء من ناحية"الاستسهال"، أو من ناحية التجديد الشكلي. وشدد زيَاد على أن مكمن المشكلة التي تواجه كتاب الرواية السعوديين - لا سميا النساء - تتمثل في النقد الصحافي، والرقابة، متهماً الصحافيين بإسباغ المديح على البعض لأسباب لا علاقة لها بالإبداع والفن، والعجلة في خلق نجوم لا قدرة لهم على الإضاءة والتحليق والصمود، مؤكداً أنهم بذلك يفسدون المواهب. وتساءل زيَاد عن سبب إقحام اسم مدينة مثل"الرياض"على أغلفة الروايات، معتبراً أن تجربة رجاء الصانع في روايتها"بنات الرياض"، أسست قطعة"الدومينو"الأولى، وبعدها أخذت القطع الأخرى في الظهور مثل"الآخرون"و"الآوبة"، وعلى صعيد الرجال رواية"حب في السعودية"لإبراهيم بادي، و"شباب الرياض"لطارق العتيبي وغيرها. لكنه على الجانب الآخر، أشاد بروايات أخرى مثل رواية"ستر"لرجاء عالم، وقال:"على رغم أنها تعرضت لخطوط أكثر حمرة في الحساسية، إلا أنها لم تفتعل الضجة الإعلامية التي صارت موضة السرد اليوم، بل تترك لأعمالها الحديث عن نفسها ... لأنها تمتلك حساً سردياً ناضجاً".