كشفت استشارية الطب النفسي في المستشفى السعودي الألماني الدكتورة أميرة البطراوي أن"نسبة الرهاب الاجتماعي عند الرجال تفوق ما نسبته عند النساء في السعودية، إذ وصلت لدى الرجال إلى 16 في المئة"، وقالت في محاضرة ألقتها أمس تحت عنوان"اضطراب الرهاب الاجتماعي"،"لعل أكثر ما نعاني منه في السعودية هو أن المريض يكتشف أنه مصاب بالرهاب الاجتماعي في فترة متأخرة أي بعد وصوله إلى سن الأربعين فما فوق، في حين أن اكتشاف المرض باكراً يساعد في التقليل من مضاعفاته والإسراع في علاجه". وأشارت البطراوي إلى أن الرهاب الاجتماعي هو"عبارة عن خوف غير طبيعي مرضي دائم وملازم للمرء من شيء غير مخيف في أصله"، مشيرة إلى أن هذا الخوف لا يستند إلى أي أساس واقعي، ولا يمكن السيطرة عليه من قبل الفرد، على رغم إدراكه أنه غير منطقي، ومع ذلك فهو يعتريه ويتحكم في سلوكه، هو شعور شديد بالخوف من موقف لا يثير الخوف نفسه لدى أكثر الناس، وهذا ما يجعل الفرد يشعر بالوحدة والخجل من نفسه، ويتهم ذاته بالجبن وضعف الثقة بالنفس والشخصية، ويمكن وصفه بأنه اضطرابات وظيفية أو علة نفسية المنشأ لا يوجد معها اضطراب جوهري في إدراك الفرد للواقع. وأوضحت البطراوي"أن هذا الخوف أكبر بكثير من الشعور العادي بالخجل أو التوتر الذي يحدث عادة في التجمعات، بل إن الذين يعانون من الرهاب"الخوف"الاجتماعي قد يضطرون لتكييف حياتهم ليتجنبوا أي مناسبة اجتماعية تضعهم تحت المجهر، وأن علاقاتهم الشخصية ومسيرتهم التعليمية وحياتهم العملية، معرضة جميعها للتأثر والتدهور الشديد، وكثير من المصابين يلجأون إلى الإدمان على الكحول أو المخدرات لمواجهة مخاوفهم. وتشير إلى أن حالة الرهاب الاجتماعي تبدأ عادة أثناء فترة المراهقة وإذا لم تعالج فقد تستمر طوال الحياة وقد تجر إلى حالات أخرى كالاكتئاب والخوف من الأماكن العامة والواسعة. يذكر أن حالة الرهاب الاجتماعي تسبب أعراضاً مختلفة مثل احمرار الوجه، رعشة في اليدين، الغثيان، التعرق الشديد، والحاجة المفاجئة للذهاب إلى الحمام خصوصاً عند المتقدمين في السن أو الكبار، وفي بعض الحالات مجرد التفكير في تلك المناسبات الاجتماعية، ما يحدث القلق والخوف في نفس الشخص وذاته، كما أن المحاولة الجاهدة لمنع حدوث الأعراض قد تدفع المريض إلى تجنب هذه المناسبات بصورة نهائية مما يكون مدمراً للحياة الاجتماعية أيضاً، وتختلف الأعراض في هذا المرض لاسيما عند المراهقة التي تبدأ بين سن 14 و16 سنة حيث تظهر أعراضه عند صغار السن في الوحدة والتلعثم عند بداية الحديث، التبول اللاإرادي وتزايد في ضربات القلب عند بعض الأطفال أو المراهقين نتيجة الخوف من أشخاص أو من أحلام ليلية الكوابيس. وأكدت البطراوي ضرورة تشجيع الأطفال الصغار على الجرأة والكلام حتى وإن كان كلاماً غير نافع أو به أخطاء فهذا لا يُضيرهم، بل يجب ترسيخ مفهوم أن الخطأ وارد في كل شيء وليس عيباً أن يُخطئ المرء، ولكن العيب أن يتجنب الحديث مع الآخرين وعدم التعامل معهم . وشرحت البطراوي الطرق الصحيحة لعلاج الأشخاص ممن يعانون من حالة الرهاب الاجتماعي وذلك من خلال تشجيع المريض للذهاب إلى طبيب نفسي.