ينظر كثير من المسافرين على الحدود إلى الكلاب البوليسية الجمركية، التي تتمشى على الحدود مقيدة بسلسلة متينة تتدلى من يد سائس الكلاب في الجمارك، بنظرة الكره والخوف والشك، وأحياناً تتماثل صورة الدم المتطاير أمامهم، خصوصاً حينما تدلق تلك الكلاب لسانها، وتظهر أسنانها البارزة الحادة. لكن هذه الحيوانات المكروهة غالباً، تربطها"علاقة جادة"لا يمكن التلاعب بها مع المسؤولين عن الأجهزة الرقابية في المنافذ الجمركية البرية والبحرية والجوية، خصوصاً أنها الفاضح الأكبر لكثير من عمليات التهريب. وعلى رغم أن المهربين يتفننون في وسائل التهريب، إلا أن الكلاب الجمركية تتفنن أكثر منهم في الوصول إليها، حتى لو كانت شيئاً دقيقاً، ومحشوة في أحد ضروس المهرب. فهذه الكلاب تخالف المثل العربي الشهير القائل:"القافلة تسير والكلاب تنبح"، إذ إنها ما أن تصل إلى أنفها رائحة مخدرات أو غيرها من الممنوعات، حتى تجدها ترجف ظهر الأرض منقضة على ذلك الشيء، من دون خوف أو نباح من بعيد. أنف الكلاب البوليسية الجمركية له تقدير واحترام خاصان في جميع الحدود والمنافذ في العالم، إذ إن هذا الأنف الذي يمتلك حاسة شمّ شديدة، يستطيع تفتيش السيارة في وقت لا يزيد على سبع دقائق، وحين تكون شاحنة لن يتطلب الأمر سوى عشر دقائق تقريباً، وإذا تطلب الوضع تفتيش طائرة من طراز 747، فربما لن تستغرق الكلاب البوليسية سوى 25 دقيقة، إذا كانت أربعة كلاب. وعلى رغم تطور تحصينات الأجهزة الأمنية، إلا أنه لا يمكن الاستغناء عنها، لأداء دور مهم في الكشف عن المخدرات والأسلحة والمتفجرات والممنوعات، مستخدمة في المنافذ الحدودية كافة البرية والبحرية والجوية في السعودية. إنه أنف يحمي البلاد من تهريب ممنوعات قد تهلك البشر. وأنشئ برنامج الكلاب الجمركية في السعودية عام 1403، فيما أنشأت الجمارك عيادة طبية في ميناء الملك عبدالعزيز في الدمام، لكي تخدم أقسام الوسائل في المنطقة الشرقية، هي: جمرك مطار الملك فهد في الدمام، جمرك ميناء الملك فهد في الدمام، جمرك البطحاء، جمرك سلوى، جمرك الرقعي، جمرك الخفجي، جمرك جسر الملك فهد، وتم تجهيز العيادة بكامل المعدات والأدوات الطبية اللازمة. ولأن الكلاب عنصر مكمل ورئيس لاكتشاف الجريمة، فهي تحظى باهتمام رسمي، وتصرف عليها مبالغ مادية من الجمارك السعودية لرعايتها من الجوانب كافة، إذ إن طعامها يجب أن يحتوي على النشويات والدهنيات، وذلك لمنحها الطاقة والدفء، والبروتينات لتساعدها على عملية بناء الجسم، والمعادن لتعويض ما يلزم من عناصر ذات خاصية كهربائية مهمة في الجسم، والفيتامينات لتمنح جسمه الحيوية والنشاط. وجميع الكلاب التابعة للوسائل الرقابية يتم تحصينها سنوياً ضد جميع الأمراض، ما عدا دودة القلب، فيتم تحصين الكلاب كل شهر، بحسب الطبيب البيطري الدكتور محمد عبدالله العجلان، العامل في العيادة البيطرية في إدارة الوسائل الرقابية في جمارك السعودية. وتستخدم الجمارك السعودية كلب الرعي البلجيكي، الذي يصل وزنه إلى 25-35 كلغم تقريباً، وعمره الافتراضي 10-14 عاماً. ويستخدم كلب الرعي الألماني، الذي يصل ارتفاعه وزنه إلى 32-48 كلغم، وعمره الافتراضي 11-13 عاماً، ويعتبر هذا النوع أصيلاً غير مهجن، ويتميز بأنه ذو تركيز ممتاز في العمل، وسريع الاستجابة وذكي وحذر ومطيع، ويمكن أن يعيش في المدن والأرياف، ويستخدم كثيراً في الحراسة والحماية وتعقب الأثر والكشف عن المخدرات والمتفجرات، وأيضاً الإسعافات والإنقاذ. وتستخدم أيضاًنوع Flat?Coated Retrirever، الذي يصل وزنه إلى 30-35 كلغم، وعمره الافتراضي 10-14 عاماً، ويستخدم كلب Golden Retrirver الذي يصل وزنه إلى 25-28 كلغم، وعمره الافتراضي 12-14 عاماً، ويعتبر من الكلاب الودودة، وهو مخلص وحنون وذو حركة رشيقة خفيفة وذو نشاط جيد، ويستخدم في الكشف عن المخدرات والمتفجرات، ويستخدم للحراسة أيضاً. ويصل مدى الاهتمام بالكلاب إلى حظائرها ومنشآتها، إذ إن الحظيرة يجب أن تكون ذات مساحة محدودة، وهي مكان أكل الكلب وشربه ونومه، وتُهيأ له ساحة الراحة، وهي المكان الذي يكون فيه الكلب من دون قيد في حيز أكبر من الحظيرة، وفيها يقضي الكلب حاجته، وأيضاً يقوم السائس بتمشيط الكلب والتأكد من خلوه من أي عائق مرضي قبل خروجه إلى العمل. وتُهيأ لع ساحة التمارين، وفيها يأخذ الكلب التمارين اللازمة للياقته حتى يستطيع أن يجاري ضغط العمل. لكن هذه الكلاب"العظيمة الفائدة"سيأتي يوم يتم التخلص منها، عن طريق حقن مادة باربيتونات الصوديوم السامة في الوريد، وتكون أسباب التخلص، طبية، حين إصابة الكلب بمرض لا يمكن علاجه، أو قد تكون تكاليف العلاج باهظة الثمن، ويحتاج إلى مدة طويلة أو مدى حياة الكلب، أو يكون أصيب بتشوهات خلقية في منطقة الحوض تمنعه من الاستمرار في العمل، أو لأسباب فنية، وهذا يتم تقريره عن طريق مدربين متخصصين في هذا المجال. أو لكبر سن الكلب، وذلك بحسب العمر الافتراضي له.