مرت عقود من الزمن ونظرة عامة الناس لرؤسائهم وعلمائهم ورموزهم ومثقفيهم عموماً نظرة لا تفصح عنها ألسنتهم بل أخبرتنا بذلك أحوالهم. كان هناك تبرير واضح جلي لكثير من الأخطاء والإشكالات التي يقعون فيها، وكأنهم لا يعلمون أن العصمة للرسل فقط! أما بقية الخلق فهم معرضون للخطأ والزلل، وهذا لا يعني أني أدعو للكسل أو أحبذ ممارسة الخطأ. ولكن أحب أن أبين الفرق بين النقد البناء وبين النقد الهادم، وبين ما يحل المشكلات وما يزيدها إشكالاً. لذا تجد أن البعض في تقويمه لواقع معين يقوم بوضع البيض في سلة واحدة. فمن أخطأ هو كمن لا يخطئ، ويدينه بجريرة أن الراضي كالفاعل أو الساكت كالراضي. لذا تسمع عبارات رنانة وكلمات جذابة في التحذير من أناس صالحين جعلوهم أئمة مارقين. ولكن ما هكذا تورد الإبل يا دعاة الإصلاح. ففرقوا بين الصديق المحب الناقد، وبين العدو البغيض الناصح. فليس حلاً أن نكون كالأعمى المضروب ينتقم من كل من يواجهه أو يلاقيه. ولا تلقوا التهم جزافاً فتضطرون إلى الاعتذار في موطن لا ينفعكم فيه الاعتذار. وتقبلوا النقد معشر الناس من جميع الأجناس حتى تكون نفوسكم طيبة. واستحضروا مقولة إمامكم عمر بن الخطاب الذي أظهر الباطل من الصواب. وأرعب الخونة الأسراب. فقال"رضي الله عنه":"رحم الله إمرءاً أهدى إليّ عيوبي". ولدي هاجس كنت لا أصرح به لترددي فيه، وبعد التمحيص والتفكير اعتقدت أن ما توصلت إليه هو الصواب، ألا وهو لماذا نستغيض على من يسعى لإسقاطنا، ومن سخّر نفسه معولاً للهدم؟ ومسماراً في نعش النهضة الحضارية؟ وكما كانت تقول العرب"وبالضد تعرف الأشياء". أحمد المسيند - الرياض