يكتفي صائمو الشهر الفضيل خلال إفطارهم داخل المسجد النبوي الشريف ببضع تمرات وقطع من الخبز ورشفات عدة من ماء زمزم واللبن أو القهوة، ذلك لما تمليه عليهم حرمة المكان في مدة لا تتجاوز خمس عشرة دقيقة، حتى يتسنى للصائمين التأني في الإفطار وإكرام النعمة في رفع تلك"السفر"عن الأرض استعداداً للإيذان بإقامة الصلاة، ليبدو مظهرهم وهم مصطفون حولها كأسنان المشط متراصين جنباً إلى جنب من دون فرق عرقي أو عنصري، متعبدين بذلك المولى عز وجل، كل ذلك يتم بحركة آلية سريعة من القائمين على تلك الموائد والمشرفين من داخل المسجد النبوي الشريف وحتى المصلين الذين يهرعون بالمساعدة لرفع تلك"السفر"وتنظيف المكان للصلاة، كل ذلك يتم بين الآذان والإقامة في قسم مصلى الرجال وقسم مصلى السيدات. يقول صاحب إحدى السفر داخل الحرم مفضلاً عدم ذكر اسمه:"نقوم بتوزيع ورص مواد الإفطار المكونة من التمر واللبن الرائب وخبز"الشريك"وخبز"الفتوت المديني"والقهوة على جميع السفر التي سبق أن حددت أعداد الصائمين عليها، هذه المواد التي لا يسمح بإدخال غيرها داخل الحرم بتحديد موعد موحد لدخول الجميع وهو قبل آذان المغرب بساعة تقريباً استعداداً لمد تلك السفر في أماكنها المخصصة". ويضيف أحد فاعلي الخير في تلك السفر الرمضانية قائلاً:"نقوم بتجهيز لوازم إفطار الصائمين قبل رمضان بشهر على الأقل كمؤنة لتلك السفر، فمثلاً نحصل على أجود أنواع التمور لنقوم بتنظيفها وتجميدها منزلياً حتى تقدم طازجة آنذاك". ويذكر أحد أعلام المدينة وكبارها، والذي اعتاد كل عام على تجهيز"سفر"في ساحات الحرم الخارجية."منوهاً إلى عدم ذكر اسمه"أنه يقوم بتجهيز سفرة خارجية في الساحات المحيطة بالمسجد النبوي الشريف، لأنه يقدم فيها وجبة لكل صائم، موضحاً:"تتكون الوجبة من سمبوسك"بُف"وأرز ودجاج وتمر ولبن وقنينة ماء، كل هذا على مدار الشهر الفضيل، مبتغين أجر إفطار صائم". "وعلى رغم أنه لا يسمح بمد"سفر"للسحور إلا أنه يتم تقديم وجبات من أهل الخير على جميع المصلين قبل دخولهم إلى الحرم النبوي لصلاة التهجد لتناولها في الخارج"، كما يقول مدير خدمات النظافة والفرش عبدالعزيز محمد المرعشي، مضيفاً:"أنه نظراً إلى حرمة المكان وقدسيته وحرصاً على نظافته الدائمة لا تدخل أي من الوجبات المطبوخة داخل المسجد النبوي". وينوه مدير إدارة خدمات الساحات والمواقف عبد العزيز بن عُمير الردادي، مفصلاً عن سفر الإفطار قائلاً:"تقدم وجبات الإفطار للصائمين داخل المسجد النبوي بطريقة مرتبة ومنظمة مراعى فيها خصوصية المسجد النبوي وحرمته، ففي داخل المسجد النبوي يسمح بدخول القهوة والتمر واللبن الرائب والخبز، وتغطي موائد الإفطار كامل مساحة المسجد النبوي والتي تكفي لأكثر من 170 ألف شخص، إذ يسهم مراقبو الممرات وعددهم 80 مراقباً في تنظيم الموائد ولا يسمحون بمد السفر في الممرات داخل المسجد النبوي". "أما الموائد في ساحات المسجد النبوي فلها ترتيب خاص، إذ يتم تحديد مواقع لها في الساحات الشمالية والغربية فقط، مع مراعاة سعة الممرات بينها لمرور المشاة وعربات الخدمات وفصل مواقع الرجال عن النساء، كل ذلك تحت إشراف ومتابعة من إدارة الساحات والمواقف وبضوابط واشتراطات يتماشى بها أصحاب السفر الذين تحتفظ الإدارة بأسمائهم وعناوينهم وأرقام هواتفهم ومواقع سفرهم". ويصل عدد الوجبات التي تقدم في الساحات أكثر من 60 ألف وجبة يومياً، يتولى مراقبو الساحات في الفترة المسائية وعددهم 97 مراقباً متابعة تنظيم موائد الإفطار ورصد المخالفات وإنهائها، أما موائد الإفطار في أقسام النساء فيتولى متابعتها مراقبات الأقسام النسائية، ويتم رفع مخلفات الموائد بعد الإفطار مباشرة قبل إقامة صلاة المغرب، إذ يخرج المصلون من المسجد بعد أداء الصلاة ولا يجدون في طريقهم ما يعوق حركتهم مع استمرار العمل في غسل مواقع الموائد حتى تكون جاهزة قبل صلاة العشاء بوقت كافٍ، ولا يسمح بمد سفر للسحور في المسجد أو ساحاته. ويذكر الردادي أن شروط وكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي الشريف لسفر إفطار الصائمين في ساحات المسجد النبوي الشريف التي لا يتم تجاوزها هي: إحضار فرش مناسب يغطي كامل موقع المائدة المخصص لصاحب السفرة يتسع للمائدة ولمن يجلس حولها، تكون السفر من النوع السميك القوي الذي يُضمن عدم تمزقه عند رفعه من الأرض، عدم إحضار أي شيء من السوائل أياً كانت ما عدا اللبن والماء والعصيرات المعبأة آلياً، كما يلزم أصحاب تلك السفر أن يكون موقع إعداد الوجبات مرخصاً له من أمانة المدينةالمنورة، عدم إحضار الوجبات إلى الموقع قبل أكثر من ساعة من آذان المغرب، عدم تقديم الوجبات على السفر قبل أكثر من نصف ساعة من آذان المغرب، أن يرتدي مقدمو الوجبات القفازات اليدوية خلال تجهيز الوجبات وتقديمها، الاكتفاء بما يقدم على السفرة وعدم توزيع أي شيء خارج موقع المائدة، يتولى صاحب السفرة ومن يعمل معه رفع بقايا الأطعمة والسفر عقب الإفطار مباشرة بطريقة هادئة".