يجد أبناء الطائف وخصوصاً الشبان منهم الكثير من المتعة أثناء قيادة السيارات في طريق الهدا المتعرج نزولاً وطلوعاً، البعض يعتبر هذا الطريق تجربة حقيقية لاختبار مهارة القيادة والقدرة على المراوغة بين السيارات في طريق حلزوني بمسار واحد. وبالطبع لا يخلو هذا المشهد من حوادث واصطدامات تشفع لها السرعة المحدودة التي يفرضها رتم الطريق في أن لا تكون قاتلة. طريق الهدا الشهير غدا علامة فارقة في تاريخ الطائف القديم والحديث، حتى أن جيل السبعينات ما زال يتذكر تلك الأغنية التي صدح بها الفنان أبو بكر سالم بلفقيه التي يتغنى فيها بحبيبه المسافر ويقول مطلعها"يا مسافر على الطائف طريق الهدا". وإلى جانب هذه الإفراز العاطفي الذي عبرت عنه الأغنية فإن طريق الهدا من الطرق السلسة والانسيابية على ما فيه من خطورة. الكثير من أهالي مكة يقصدون هذا الطريق صيفاً لمجرد قضاء ساعة أو ساعتين في طرقات ومتنزهات مرتفعات الهدا، بعيداً من حرارة طقس تهامة وهدير أجهزة التكييف. أنشئ الطريق في منتصف الستينيات الميلادية في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز على يد المقاول محمد بن لادن الذي كان يملك أكبر شركة إنشاءات في السعودية. وتمكن ابن لادن من فتح العقبات وتعليق الجسور حتى اتخذ الطريق شكله الذي هو عليه الآن، ولكن يبدو أن هذا المشروع الضخم كان آخر المشاريع التي وقف عليها محمد بن لادن إذ وافته المنية في طائرة عامودية أثناء تفقده المشروع في العام 1970م. وبعد ذلك خضع الطريق إلى مشاريع تطوير وصيانة عدة كان آخرها عمل ازدواجية"وصلة الكر"بمسافة عشرة كيلومترات في بداية التسعينيات الميلادية. واليوم تجري الاستعدادات لإغلاق الطريق لتنفيذ مشروع ازدواجية 12 كيلو متراً هي المسافة المتبقية بمسار واحد، بكلفة 200 مليون ريال وفي مدة تصل إلى ثلاث سنوات، وسيحول خلال هذه الفترة مسار السيارات العابرة من الطائف إلى مكةالمكرمة إلى طريق السيل. وبمحاذاة هذا الطريق يوجد طريق ترابي متواضع كانت تسلكه القوافل المتوجهة للحج، ويستخدم هذا الطريق اليوم لتنظيم مسابقات الجري والتحمل التي تشرف عليها لجنة التنشيط السياحي في كل صيف. ويستمتع المارة بطريق الهدا الذي يعتبر ممراً"سياحياً"أكثر منه"خدمياً"بمشاهد الجبال المخضرة التي يشقها الطريق، وعربات التلفريك المحلقة في السماء، وقبل ذلك لا بد من وقفة أمام جموع القردة التي تستوطن مدخل الطريق من الأعلى لمشاركة المارة بعض الأجواء المرحة.