راود حلم الحصول على سيارة جديدة الشاب تركي محمد 36 عاماً، فاتجه إلى إحدى وكالات السيارات واشترى سيارة متوسطة الحجم ب"التقسيط"، لكنه اضطر تحت وطأة غلاء إيجار مسكنه الخاص إلى بيعها بخسارة، وبقيت الأقساط وزراً ثقيلاً يقلق منامه وصحوه. إذ لم تقف القصة إلى هنا، تحول حلم السيارة الجديدة إلى"لعنة"تطارده أينما حل، فاشترى سيارة مستعملة من أحد معارفه بأقساط ميسرة عجز عن تسديدها أيضاً، لأن معظم دخله الشهري يذهب لتسديد أقساط سيارته الأولى، ودفع إيجار مسكنه الخاص. وغرق تركي في حالة من الاكتئاب، خصوصاً أنه بات عاجزاً عن إكمال نصف دينه بالزواج، فدخله الشهري بالكاد يكفي لمصروفاته الشخصية فأجّل زواجه حتى تمكن من تسديد كل أقساط السيارة. ولتأمين كلفة الزواج اضطر للاكتواء مرة أخرى بنار التقسيط، فاشترى سيارة جديدة بالتقسيط وباعها نقداً، واستطاع بجهد كبير تأمين كلفة الزواج، وتكاثرت عليه بعد ذلك الالتزامات الأسرية، بعد أن رزق بطفلين، فتوقف مضطراً عن تسديد أقساط السيارة. وهنا وجهت له الحقوق المدنية إنذارات عدة بناء على مطالبة الشركة البائعة انتهت بإيداعه السجن، فتدخل إخوته وأقاربه وسددوا ديونه كاملة حتى يعود لأسرته وعمله. خرج تركي من تجربة مريرة استنزفت ماله وأعصابه وتحول حلم السيارة الجديدة إلى جحيم لا يطاق، وهو يقول عن تجربته"كانت الأقساط هماً في الليل وذلاً في النهار، وكنت أتحسر على ذهاب جزء كبير من راتبي الشهري على تسديدها". ويضيف،"ما إن تتورط في الديون حتى تدخل في متاهة لا نهائية، وتضطر مع كثرة الالتزامات إلى الاستدانة مرات ومرات فتزيد همومك، وتتحول إلى شخص عصبي مكتئب تضيق ذرعاً بكل من حولك". خلاصة تجربة تركي أن التقسيط لا بد وأن يكون خطاً أحمر. يجب ألا يتجاوزه الإنسان تحت أي ظرف، لأنه طريق معبدة لمأساة أسرية. ويتذكر تركي بمزيد من الأسى والحرقة أيام سجنه، قائلاً"فارقت أسرتي وعملي وصرت من أرباب السجون لولا تدخل إخوتي وأقاربي".