ازدحمت ساحة القديس بطرس بالرؤوس المتوّجة وبحملة الألقاب الدستورية المختلفة، إلى جانب غالبية زعماء العالم ممن اتفقوا مع البابا يوحنا بولس الثاني ومن اختلفوا معه، إضافة إلى ملايين الناس الذين غصت بهم روما. راجع ص 16 أكثر من مئتي وفد أجنبي حضروا مراسم الجنازة إلاّ أن أحد الكبار كان من أبرز الغائبين، فبعد أيام من تأكيد موسكو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيكون في مقدم الحاضرين لإلقاء النظرة الأخيرة على البابا، ناب عنه رئيس حكومته. وسادت تكهنات بأن بوتين لم يرد إغضاب الكنيسة الروسية التي مانعت على الدوام زيارة البابا لموسكو وانتقدت الكنيسة الكاثوليكية لما سمته بسياسة"الكثلكة"التي تمارسها تجاه الأرثوذكس في روسيا. كذلك غابت بكين، ولم تُرسل أيّ ممثل عنها احتجاجاً منها على مشاركة وفد تايواني في مراسم الدفن. غير أن الكثيرين يؤكدون أن الفاتيكان سيسعى سريعاً إلى رأب الصدع مع الصين نظراً الى وجود ملايين الكاثوليك في هذا البلد الشاسع. وترأس عميد الكرادلة الكاردينال الالماني جوزف راتسينغر 77 عاماً مراسم الجنازة. وقال في العظة التي قاطعتها الحشود بالتصفيق 12 مرة، ان الراحل"حمل عبئاً تجاوز قدرات البشر، ولم يشأ يوماً حماية حياته الخاصة، بل اراد ان يقدم نفسه من دون تحفظ حتى اللحظة الاخيرة". وسبقت الجنازة مراسم مغلقة في كاتدرائية القديس بطرس تم خلالها وضع الجثمان الذي سجي لثلاثة ايام امام المذبح الرئيس للكاتدرائية في نعش من السرو. ووضع منديل من الحرير الابيض على وجه البابا ووضع معه في النعش كيس يحتوي على ميداليات تم طبعها خلال فترة حبريته إضافة الى سيرة حياته. ومع انتهاء مراسم التشييع، تنتقل الأنظار الى مجمع الكرادلة الذي ينطلق في 18 الجاري. وبدأت التكهّنات والضغوط والتمنيات بالظهور، أولها جاء من إسرائيل التي طالبت باختيار بابا جديد يواصل حواره مع الديانة اليهودية، بينما أشيع ان الولاياتالمتحدة تمارس ضغوطاً للحيلولة دون انتخاب حبر أعظم من أميركا اللاتينية. وبدا الكرادلة الأميركيون، الذين أكدت غالبيتهم أن الوقت ليس ناضجاً لانتخاب بابا أميركي شمالي، كأنهم راغبون في انتخاب بابا أفريقي على أن تناط الخلافة إلى أحد كرادلة إيطاليا. وتزداد في الساعات الأخيرة حظوظ الكاردينال كاميلّو رويني نائب أسقف روما، الذي سيعتبر انتخابه تواصلاً في نهج البابا الراحل والذي عمل مساعداً له ورئيساً لمجلس أساقفة روما. إلا أن الكثيرين يرون في اختيار رويني مرحلة انتقالية، لكبر سنه، وستحتاج الكنيسة الكاثوليكية بالتأكيد إلى شخصية قوية للغاية تُحدث فعل الثورة التي قام بها الكاردينال البولندي كارول فويتيلا عندما انتخب حبراً أعظم في عام 1978.