لم تكمل الدمية "فلة" عامها الأول بعد، لكنها تحتفل كل يوم بعيد ميلادها. عبر قناة الأطفال "سبيس تون" التي بشرت بقدومها، ونقلت أخبارها إلى محبيها من الصغار، وخصوصاً الفتيات. لكن"فلة"لم تبدأ طفلةً صغيرةً بل فتاةً كبيرةً تفخر بشعرها، وكل شيء يحيط بها وردي اللون، من فستانها الجميل، إلى المنزل الصغير إلى الأثاث، فالزهرة المثبتة في شعرها، لكن"فلة"حافظت على حجابها ذي اللون الأسود. و"فلة"ليست الوحيدة التي تصارع لنيل إعجاب الأطفال. ف"باربي"المتحررة سبقتها، لكنها لم تناسب البيئة العربية والإسلامية، خصوصاً بعد انفصالها عن حبيبها بحجة أن موجة الانفصال عن الأزواج والعشاق تجتاح عالم المشاهير. وإلى جانب"باربي"كانت هناك"سارة المحجبة"القادمة من إيران. التي لم تلق الرواج الكبير، ليس لأنها محجبة، بل لأنها لم تحظ بالترويج الإعلاني الذي حظيت به"باربي". لكن"فلة"سرعان ما تحولت من مجرد أغنية في التلفزيون إلى واحدة من مروجات السلع الاستهلاكية، مثلها في ذلك مثل بعض المغنين أو الفنانين الذين يستغلون شهرتهم في كسب المال. ولم يتساءل الأطفال لماذا هذا التحول في"فلة". بل راحو يطالبون الآباء بتوفير السلع التي تظهر فيها. ولم يسأل الآباء عن ذلك أيضاً. فلماذا تحولت من مجرد دمية محببة للأطفال إلى الترويج لنفسها، وما تحتاج إليه من مكياج وملابس، والحقائب المدرسية وأدوات القرطاسية التي تحمل شعارها أيضاً، وانتهت قبل أيام لترويج منتج رقائق الذرة؟ هل فتحت"فلة"مؤسسة تريد منها الربح أم أنها استغلت من أصحاب شركات يسعون للربح بتوظيف كل قيمة وإن كانت على حساب عقول صغيرة؟ مستفيدين من حب الأطفال لها للترويج لبضائعهم، أم أن عالم الإعلام ليس سوى طريق للإعلان؟ يخاطب الإعلان التجاري المصاحب لفلة أو الحامل لصورتها عاطفة الطفل وليس عقله. ويقول أستاذ الإعلام في جامعة الملك سعود إبراهيم البعيز:"إن صناعة الإعلان أسهمت بشكل كبير في تمويل دراسات عدة، للكشف عن أفضل الأساليب والاستراتيجيات الإقناعية للوصول إلى محفظة المستهلك، وبينت نتائج الدراسات أن العاطفة وليس العقل تمثل الطريق الأسهل والمختصر لتلك المحفظة". ويوضح البعيز أن"المتلقي يخضع هنا لأحد المضامين الإعلامية التي تقسم آثارها إلى ثلاثة، أولها الأثر المعرفي، ثم الأثر العاطفي، فالأثر السلوكي". ويشير إلى أن"الآثار المعرفية تتمثل في المعلومات الجديدة التي يكتسبها المتلقي، والآثار العاطفية يكون تأثيرها بالمضمون من دون معرفة، والأثر السلوكي حين يتحرك الفرد بسلوك معين نتيجة قناعته بالمضمون". مؤكداً أن الإعلان التجاري عادة ما يهدف"إلى تحقيق هذه الأهداف الثلاثة، بأن يعرف المستهلك أن السلعة متوافرة، والتأثير فيه عاطفياً كي يشعر أنه في حاجة إليها، ثم التأثير فيه سلوكياً ليشتري السلعة". ويعتبر البعيز أن"الخطورة تكمن في استغلال العواطف في مجتمعاتنا لتحقيق أهداف سياسية وتجارية، والعزف على الأوتار الحساسة مثل العواطف والقيم الاجتماعية والدينية لمواطن ليست له الثقافة الكافية التي تحميه".