التعليم: إلغاء ارتباط الرخصة المهنية بالعلاوة السنوية    9300 مستفيد من صندوق النفقة خلال 2024    الكتابة على الجدران.. ظاهرة سلبية يدعو المختصون للبحث عن أسبابها وعلاجها    الملتقى البحري السعودي الدولي الثالث ينطلق غدًا    مهرجان وادي السلف يختتم فعالياته بأكثر من 150 ألف زائر    قسطرة قلبية عاجلة تُنقذ حياة رضيع في مدينة الملك سعود الطبية    النسخة الصينية من موسوعة "سعوديبيديا" في بكين    قمة مجموعة العشرين تنطلق نحو تدشين تحالف عالمي لمكافحة الفقر والجوع    القيادة تهنئ ملك المغرب بذكرى استقلال بلاده    45.1% من سكان المملكة يعانون من زيادة الوزن    سماء غائمة جزئيا تتخللها سحب رعدية بعدد من المناطق    المملكة تجدد إدانتها استهداف إسرائيل ل«الأونروا»    "سلمان للإغاثة" يوزع 1.600 سلة غذائية في إقليم شاري باقرمي بجمهورية تشاد    المملكة ونصرة فلسطين ولبنان    حسابات ال «ثريد»    صبي في ال 14 متهم بإحراق غابات نيوجيرسي    محافظ جدة يستقبل قنصل كازاخستان    الأخضر يكثف تحضيراته للقاء إندونيسيا في تصفيات المونديال    وزير الإعلام اختتم زيارته لبكين.. السعودية والصين.. شراكة راسخة وتعاون مثمر    أمير الرياض يفتتح اليوم منتدى الرياض الاقتصادي    «حزم».. نظام سعودي جديد للتعامل مع التهديدات الجوية والسطحية    «السلطنة» في يومها الوطني.. مسيرة بناء تؤطرها «رؤية 2040»    القصبي يفتتح مؤتمر الجودة في عصر التقنيات المتقدمة    مع انطلاقة الفصل الثاني.. «التعليم» تشدّد على انضباط المدارس    إحباط 3 محاولات لتهريب 645 ألف حبة محظورة وكميات من «الشبو»    الإجازة ونهايتها بالنسبة للطلاب    قتل 4 من أسرته وهرب.. الأسباب مجهولة !    1.7 مليون عقد لسيارات مسجلة بوزارة النقل    كل الحب    البوابة السحرية لتكنولوجيا المستقبل    استقبال 127 مشاركة من 41 دولة.. إغلاق التسجيل في ملتقى" الفيديو آرت" الدولي    كونان أوبراين.. يقدم حفل الأوسكار لأول مرة في 2025    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    يا ليتني لم أقل لها أفٍ أبداً    موافقة خادم الحرمين على استضافة 1000 معتمر من 66 دولة    وزير الدفاع يستعرض العلاقات الثنائية مع سفير الصين    المملكة تدين استمرار استهداف" الأونروا"    قلق في بريطانيا: إرهاق.. صداع.. وإسهال.. أعراض فايروس جديد    القاتل الصامت يعيش في مطابخكم.. احذروه    5 أعراض لفطريات الأظافر    مكالمة السيتي    الخليج يتغلب على أهلي سداب العماني ويتصدّر مجموعته في "آسيوية اليد"    تبدأ من 35 ريال .. النصر يطرح تذاكر مباراته أمام السد "آسيوياً"    أوربارينا يجهز «سكري القصيم» «محلياً وقارياً»    الله عليه أخضر عنيد    أعاصير تضرب المركب الألماني    المكتشفات الحديثة ما بين التصريح الإعلامي والبحث العلمي    الدرعية.. عاصمة الماضي ومدينة المستقبل !    «القمة غير العادية».. المسار الوضيء    لغز البيتكوين!    مجمع الملك سلمان يطلق النسخة الرابعة من «تحدي الإلقاء للأطفال»    شراكة إعلامية سعودية صينية واتفاقيات للتعاون الثنائي    وزير الدفاع يلتقي سفير جمهورية الصين الشعبية لدى المملكة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل المندوب الدائم لجمهورية تركيا    محافظ الطائف يلتقي مديرة الحماية الأسرية    اللجنة المشتركة تشيد بتقدم «فيلا الحجر» والشراكة مع جامعة «بانتيون سوربون»    بيني وبين زوجي قاب قوسين أو أدنى    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل توجد لدينا ثقافة إعلانية لمواجهة تأثيراتها؟
صورة الإعلان الاستخفافية
نشر في اليوم يوم 12 - 06 - 2004

لا أحد يشك في أهمية الإعلان كصورة موصلة للهدف والغاية التي يبتغيها الإنسان، فمنذ أقدم العصور كان الإنسان يوصل أفكاره بطرق مختلفة، اعتمدت على رموز ورسوم وحركات معينة ليوصل من خلالها الفكرة التي يرغب في التحدث عنها..
ومع تقدم وسائل المواصلات والتكنلوجيا العصرية أخذ الإنسان يبتكر الوسائل التي تجعله أكثر راحة ورقياً، وكانت وسائل الإعلان هي الأكثر حظوة خلال العقود الأخيرة، إذ بات على الإنسان أن يفكر في الإعلان قبل أن يفكر في شراء سلعة ما، وهذا لا يعني بالطبع أن الإعلان غير مؤثر، وإنما قد يكون الأمر أكثر طغياناً بحيث أنه المؤثر الأول في عملية الشراء.
لماذا يمارس المعلن عملية التجهيل أو الاستخفاف، فيصور الشخصية وكأنها... لا يهمها سوى البحث عن الطعام!!
فهل هذه الصورة حقيقية؟ هذا ما توخيناه من هذا التحقيق..
الإعلان التجاري كمنتج
في البداية تحدث علي الشيخ (كاتب وأخصائي الهندسة النفسية) عن الآلية التي من خلالها يتم إخراج الإعلان التجاري كمنتج موجه إلى اللاوعي الجمعي للجمهور، وقال إنه يهدف إلى ايجاد حافزية لا شعورية نحو شراء هذا المنتج أو ذاك.
وأضاف الشيخ عادة ما تقوم شركات الإعلانات التجارية بعمل مسح نفسي اجتماعي للجمهور المستهدف في بلد ما. و من خلال هذا المسح يتم تحديد القيم العامة للمجتمع و من ثم تحديد ما يسمى بسلم القيم الحياتية التي يتحرك المجتمع من خلالها و عن طريقها يتم توجيهه. وقد تستغرق عملية المسح شهورا عديدة و تصل ميزانية هذه العملية الى مئات الآلاف من الريالات إن لم تكن أكثر.
وظيفية الإعلان
ويضرب الشيخ على ذلك مثالاً بالمجتمع الأمريكي حيث يقول إنه مجتمع تحتل فيه الأفكار العملية درجة عليا في سلم القيم لديه. فكل فكرة لها تطبيقات عملية هي فكرة مهمة أما الأفكار غير العملية أو الجدلية فليست لها قيمة كبيرة. وعلى هذا الأساس فان المجتمع الأمريكي يفكر بطريقة وظيفية أكثر من الطريقة الرمزية وهم يقيمون الأشياء بناء على وظيفتها أكثر من القيمة التي تحملها أو تشير إليها.
لذا نجد أن الإعلانات التجارية الأمريكية تركز على هذه القيمة وهي التأكيد على أن المنتج يحل مشاكل عملية حياتية عند شرائه واقتنائه.
في المقابل يرى الشيخ أن المجتمع الفرنسي يتركز معنى الذكاء والثقافة والتميز المعرفي لدى أفراده في أعلى سلم القيم لديه و من هنا يمكن القول أن المنتج الذي يربط نفسه بهده القيمة سوف يكون حظه تسويقيا أفضل وفرص شرائه أكبر وأكبر.
عند هذه النقطة يدخل محلل الهندسة النفسية آل الشيخ ويقول عندما نسقط هذه المقدمة على طبيعة الإعلانات التجارية الموجهة للمواطن السعودي يلاحظ أن اغلبها يدور حول قيمتين؛ الأولى متعلقة بالمرأة وعلاقتها بالرجل، والثانية متعلقة بالبحث عن التميز بأي شكل كان.
التميز وشركة الاتصالات
وعن القيمة الأولى يقول ليس من الضروري التدليل عليها لشدة وضوحها خاصة عندما نلفت نظرنا في الصفحات الأولى من المجلات و الإعلانات التجارية التلفزيونية. أما بالنسبة للقيمة الثانية وهي حب التميز فلا أدل عليها من استغلال شركة الاتصالات السعودية لهذه القيمة في بيع الأرقام المميزة بأسعار خيالية قد تصل عشرات الألوف تطبيقا لقانون العرض والطلب و لا غرابة أن نجد من يشتري ويدفع لان الكثير منا متعطش للتميز حتى وان كان ذلك التميز في رقم هاتف أو رقم لوحة سيارة أو ربما رقم جواز سفر أو حتى حفيظة نفوس.
اختيار وسيلة الإعلان
ويخلص آل الشيخ إلى نتيجة أن المعلن لا يقدم رسالته الإعلانية بأي شكل ولا بأية طريقة . وإنما يتخير لها ما يناسب منظومة القيم الحياتية التي تجذب الجمهور المستهدف و تحركه.
ويطرح آل الشيخ تساؤلاً هل ما تبثه وسائل الإعلان من رسائل غير لفظية عبر الإعلانات التجارية للمواطن السعودي هو ما تم استنتاجه من خلال دراسات النفس اجتماعية؟ أم أن هذه الرسائل تعكس الصورة النمطية المفترضة للمواطن في نظر الآخرين خصوصا عندما نكتشف أن اغلب من يقوم بتصميم هذه الإعلانات هم من فئة الوافدين. ؟
و سواء كانت الإجابة بنعم أو لا فان النتيجة غير مريحة في كلتا الحالتين.
إذ أنها تعكس شيئا مما نحن عليه. أو على الأقل الصورة التي يرانا الآخرون بها.
وحول كيفية قراءة الإعلان دون التأثر به يقول آل الشيخ إن هدف الإعلان التجاري يتركز حول توجيه رسالته إلى العقل الباطن للمتلقي ويتم ذلك عبر التحايل على العقل الواعي الذي يعتبر بمثابة الرقيب و الحارس للعقل الباطن.
وهناك عدة طرق يتم من خلالها الولوج إلى لا وعي المشاهد و تجاوز وعيه . مشيراً إلى أن أحد هذه الطرق هو كثرة تكرار الإعلان . فحتى لو كان المتلقى واعيا لهذه الحيلة فانه سوف يستجيب سلوكيا بمعدل إحصائي اكثر لفكرة شراء المنتج والسبب أن الفكرة الأكثر وضوحا في الذهن هي أكثر تأثيرا في السلوك حسب ما يعرف في علم النفس الاجتماعي بقانون (التهيئة).
كما أن هناك طريقة أخرى وهي أن يتم بث وتزويق مضمون الرسالة الإعلانية والمشاهد في حالة انفعال عاطفي معين بحيث تترتب مشاهد الإعلان لإثارة انفعال عاطفي معين كالغضب أو الضحك و بعدها مباشرة يبث مضمون الرسالة اما بطريقة لفظية أو غير لفظية.
ولشدة تأثير بعض الطرق على استجابة المشاهد فقد شرعت بعض الهيئات الرقابية قوانين بمنع طرق معينة في الإعلان التجاري . على سبيل المثال فان طريقة عرض الإعلان التجاري بصورة سريعة جدا لدرجة يصعب معها رؤية الصور المعروضة تؤثر بشكل كبير على المتلقى وتحثه بشكل لا واعي نحو اقتناء المنتج الخاص بالإعلان. ويؤكد آل الشيخ على عدم إمكانية إلغاء تأثير الإعلان التجاري على المشاهد بشكل نهائي، ويستدرك قائلاً إن درجة التأثر مرتبطة بشكل مباشر بوعي المشاهد لمضمون الإعلان و الحيل المستخدمة فيه.
لا احترام للقيم
أما فهد الأحمري ( إعلامي) فيرى وبشكل واضح أن شركات الإعلان تتعدى حدودها في أكثر الأحيان، ولم يعد احترام القيم له أي معنى في قواميس تلك الشركات, وللتدليل على ذلك ضرب الأحمري مثلاً على ذلك بالإعلانات التي نزلت قبل فترة والتي تصور الشعب السعودي وكأنه شعب لا يهمه سوى الأكل.. ذلك المنظر الذي أثار تقززاً لدى الكثير من الناس، وببساطة فقد كان الإعلان يبرز ثلاثة من الشباب يمسكون بشماغاتهم وهم يسيرون في ثلاثة اتجاهات وكانت الكلمة التي يبحثون عنها (كبسة).. ويضيف الأحمري قائلاً من الواضح أن كل من يقرأ هذا الإعلان يفهم بأن هؤلاء الأشخاص يبحثون عن أكلة تسمى الكبسة، وهي موجودة فقط في السعودية وبعض دول الخليج، ولن ينصرف هذا المسمى الى أن هناك (كبسة) أي حملة تفتيش من قبل الشرطة كما يرى البعض، لأنه لا يوجد في كل اللوحة أي معنى يشير إلى ذلك. ويحتمل بحسب الأحمري أن يكون الاحتمال الثاني وارداً إذا كانت الشركة تهدف إلى التغطية على هدفها الخفي، وعلى الرغم من ذلك فإن غالبية الناس انصرفت أذهانهم إلى حقيقة الإعلان وربما وقعوا في المطب فهم بكل تأكيد بحثوا عن هذه الكبسة عندما نزلت الدفعة الثانية من الإعلان لتعلن عن أن (كبسة.. كبسة .. مو أي كبسة) يعني كبسة فلان مطعم هي الكبسة الحقيقية..
العقل السعودي والكبسة!
ويعلق الأحمري على ذلك متهكماً: أي استسخاف رسمته للعقل السعودي الذي لا يهمه سوى الكبسة والبرياني والمظبي؟ وبالتأكيد فإن من حق كل شركة التسويق لمنتجها ولكن ذلك لا يتأتى عن طريق اللعب بأحاسيس الناس ومشاعرهم والاستهزاء بقيمهم وتمثيلهم على أنهم يجرون وراء الكبسة الطيبة فقط.
ثقافة استهلاكية
ويرى إبراهيم البحراني (كاتب ومشرف اجتماعي) أن الإعلان أخطر واقعة اجتماعية وإعلامية وثقافية واستهلاكية في عصرنا ، وحتى سياسياً فلقد لعب دوراً كبيراً حتى في الحروب فمثلاً في غزو العراق استخدمت قوات التحالف الإعلام والتأثير النفسي، حيث أدى ذلك بحسب الخبراء لانتصارات كبرى لجيش التحالف في العراق.
ويضيف قائلاً إن الإعلان هو مسار تثقيفي استهلاكي يسير عقليات الناس ويؤثر على نفسياتهم دون أن يدور في الاتجاه الصحيح . ويستشهد البحراني بقول للدكتورة فاطمة البكر: إن نمط السلوك الاستهلاكي لدى الفرد يتأصل لديه منذ الصغر ويتأثر بالعديد من العوامل النفسية والاجتماعية والاقتصادية وأهمها وسائل الإعلام والإعلان والدعاية ومن ثم، فلا يمكن إهمال تأثير التليفزيون والإعلانات على أنماط استهلاك الفرد.
فمن خلال دراسات، وتحقيقات عديدة تبيّن أن الإعلانات التجارية تمارس دوراً كبيراً في خداع المستهلك ودفعه إلى المزيد من الشراء لأشياء كثيرة لا حاجة به إليها فعلاً، وهذا هو ما يسمى بالإسراف، والمشكلة أن الإعلانات تمارس دوراً بارزاً في تغليب البواعث الوجدانية كالتقليد وحب التميز وتسعى لإثارتها في نفسية المستهلك المسكين.
احتقار العقلية
وعن احتقار الإعلان للعقلية السعودية والعربية يرى البحراني أنه منذ عدة سنوات لم يتعد الإعلان عدة كلمات أو سطور عن سلعة (ما) وفيما بعد أضيف إلى تلك الأسطر والكلمات رسم أو صورة وتطور حتى صار بهذا الشكل الجذاب وتم مراعاة التأثيرات النفسية والاقتصادية لجعله مؤثراً .فتطور من الهواية إلى الحرفية ثم إلى التجريبية . ولم يقف عند هذا المستوى بل غزانا بثورته المتحدية في شوارعنا ومدارسنا وأسواقنا وداخل منازلنا حتى وصل ذروته أن دخل جيوبنا بحفيظته المتسمية بالجوال., وإن الطفل البالغ من العمر 5سنوات في كثير من الأحيان يكون عرضة للتصيد وتمرير الكثير من المنتجات ذلك أنه يشاهد الأفلام الكرتونية والتي تتخللها الإعلانات للسلع التجارية والتي تعرض على شكل كرتوني ومؤثر يجذب الأطفال ويدخل عقولهم، وحدث ذات يوم أن أمسك ابني بيدي ليريني هذه السلعة وتلك لشرائها له.
مسار ضيق
ويؤكد البحراني أن هذه النوعية من الإعلانات لا شك تؤدي إلى إيجاد مسار معين للإنسان مما يدفعه نحو خيارات ضيقة قد تكون أغلبها في غير صالحه وتستهزئ بشخصيته.
تأثير وتأثر
كيف يستطيع الإنسان قراءة مضمون الإعلان دون أن يتأثر به؟
عن هذا السؤال أجاب البحراني قائلاً إنها مشكلة العصر التي صارت كعملية (غسيل للمخ) لإقناع المستهلك صغاراً أو كباراً بأهمية سلعهم وبضائعهم المعلنة من قبل مصمّمين للإعلانات متخصصين في الدعاية والإعلان، وحتى صار أمراً حتمياً علينا أن نسعى جاهدين عبر الدراسات والتجارب لتغطية هذا الجيد الملفت للنظر وبالتالي الانحراف .
أهمية التثقيف
و يكمل البحراني: من وجهة نظري كمستهلك أن الحل يكمن في التثقيف بخطورة تأثير الإعلانات وبالخصوص التجارية منها، فمثلاً إقناع الام والأخت والزوجة بضرورة الدوافع الشرائية دون التأثيرات النفسية أو التقليدية أو حتى التجريبية . ومن جهة أخرى يرى البحراني أهمية مراقبة المنشأة من قبل الدولة لضبط هذه الإعلانات التجارية وتقليل فاعليتها المؤثرة , وكذلك الإعلانات المرئية عبر التلفاز أو الانترنت أو حتى الجوال بضرورة دراسة هذه الإعلانات بأن لا تكون مائعة أخلاقيا أو مؤثرة على أطفالنا , فكم من ولد طلب من أمه لعبة وهي لا تقدر على شرائها فلنخاف الله في أولادنا ومجتمعنا ولا يكون هدفنا هو المادة دون التحمل للمسئولية.
نسبية في التعامل مع المتلقي
وحول احتقار الإعلان لشخصية الإنسان السعودي والعربي عموماً قال ناصر النصر إن الأمر نسبي بدرجة كبيرة، حيث أن هناك بعض الشركات تحترم نفسها وبالتالي تحترم المتلقي، حيث تبتعد عن الإسفاف واستغلال ضعف ثقافة الناس عموماً، الأمر الذي يجعلها تركز على تسويق منتجها بطريقة ذكية وفي نفس الوقت تحاول عدم توجيه أي إهانة من أي نوع لشخصية المستهلك. أما بعض الشركات فإنها تحسب حساب الربح فقط .
من جهة أخرى أشار النصر إلى أن هناك تنافساً محموماً بين هذه الشركات، وفي كل يوم تظهر تقنيات جديدة ووسائل جديدة لعرض المنتج، مما يدفع هذه الشركات للسباق حول كسب المشاهد بغض النظر عن السلوكيات المطلوبة في هذا العالم الغريب.
الكرة في ملعب المتلقي
ويرمي النصر الكرة في ملعب المتلقي نفسه بتوجيه بعض الأسئلة منها لماذا لا توجد لدينا ثقافة استهلاكية؟ ولماذا لا نهتم بتوجيه أبنائنا عند مشاهدة التلفاز على سبيل المثال؟ ولماذا نقرأ الإعلان مرة واحدة فقط خاصة في عروضات التخفيضات؟
ويحاول النصر الإجابة عن بعض هذه الأسئلة بقوله لقد تعودنا على ألا نقرأ وألا نتعب انفسنا بالبحث والتنقيب عن الحقيقة مهما كانت صغيرة وفي بعض الأحيان لا تكلفنا سوى التبصر لمدة دقيقتين لنكتشف الغش أو التلاعب الذي يبثه اللون أو الكلمة..
الثقافة البصرية اللونية غير موجودة لدينا وهي مطلوبة بدرجة كبيرة، وفي هذا الاتجاه يمكن توجيه اللوم على وسائل الإعلام نفسها، والتي يمكن أن تبث بعض البرامج في نطاق حماية المستهلك، وبالطبع فإن التلفزيونات التجارية لا يمكن أن تشارك في مثل هذه النوعية من البرامج ويمكن التعويل بدرجة ما على التلفزيونات الجادة، خاصة بعض القنوات ذات الأهداف غير التجارية.
علاقة المتلقي بالإعلان
ويؤكد النصر عن العلاقة بين الإعلان والفرد فإنها علاقة قوية ومن غير المنطقي والمعقول أن ننفي هذه العلاقة، لأن الإعلان بات يشاركنا في كل شيء تقريباً، فنحن نشاهده في الشارع والمدرسة والبيت ومكان العمل وفي المجمعات التجارية والأندية الرياضية وحتى المساجد، فقد استغلت شركات الإعلان كل الأماكن المتاحة تقريباً، وليس هناك مفر من قبول التعايش معه.
ويستدرك النصر قائلاً لكن السؤال هل من صيغة مقبولة للتعايش معه؟ وهل من الممكن أن نعيش معه دون أن يؤثر على نمطية الحياة التي نعيشها؟
ويجيب النصر بكل أسف لقد أثر علينا بشكل كبير، وبات يؤثر في اتخاذنا لقرارات بعضها هام في حياتنا كشراء منزل أو الدخول في مجال عمل ما..
وببساطة يقترح النصر لتفادي هذا الإزعاج إيجاد أرضية خصبة لتوعية ثقافية وإعلامية بحيث نتعايش مع الإعلان بتوازن بحيث نستفيد منه ولا يستفيد منا هو..
تنوع في الإعلان
مطر الشلوي (صاحب محل دعاية) قال إن الإعلان مفتوح للجميع وبإمكان أي شخص أن يعلن عما يريده، كما أن الإعلان نفسه متنوع ومفتوح أيضاً للجميع، مشيراً إلى أن عناوين الإعلان كبيرة ولا يمكن مناقشتها بشكل منفصل.
وأكد الشلوي أن الدعاية ضرورية ولم يعد خافياً على أحد هذه الأهمية نظراً للتطورات التي نعايشها بشكل يومي في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، وهي وسائل يتعامل معها الكثير من الناس، وبذلك فإن المعلنين يشعرون بأهمية الإعلان في هذه الوسائل.
وأكد الشلوي على أهمية المعرفة والثقافة بالنسبة للشخص المتلقي، حيث ان الإنسان مسئول عن نفسه، ولا يمكن توجيه اللوم لشركات الإعلان أو المعلنين في جميع الأمور، فالكل يبحث عن مصلحته. وذلك قد يعني أن شركات الإعلان حسب سؤالكم لا تستصغر عقلية الشاب أو الإنسان السعودي، ذلك أنه يحمل فكره وعقله معه، فلماذا ينجر وراء إعلان إذا لم يكن بحاجة إلى هذه السلعة المعلن عنها؟
ومن جهة أخرى يرفض الشلوي استغلال بعض الشركات للمرأة في ترويج السلعة، ذلك لأنها تمتهن المرأة وتجعلها سلعة رخيصة تهدف من وراءها كسباً مادياً وحسب، دون النظر بعين الاعتبار إلى العادات والتقاليد التي يعيشها مجتمعنا.
وأرجع الشلوي هذا التسيب إلى عدم وجود الرقابة على بعض الإعلانات التي تخدش الحياء.
المصداقية غير موجودة
وأشار سعود مطر الحارثي (صاحب محل للإعلان) إلى أن بعض المحلات تفقد المصداقية في التعامل مع المتلقي، ذلك لأنها تستخدم بعض الأساليب الملتوية في إعلاناتها مما يؤدي إلى توصيل صورة غير حقيقية لهذه السلعة، مما يؤدي في النهاية إلى أن يعرف المتلقي مدى مصداقيتها.
ودعا الحارثي إلى أن يكون المتلقي يقظاً في التعامل مع الصورة والخبر والكلمة في الإعلان الذي يقرأه أو يسمعه أو يشاهده، لكي لا يساهم في الإسفاف الذي تمارسه الكثير من شركات الإعلان.
خداع المتلقي
و حمل هاني المبارك جزءا من المسئولية تجاه الإعلان وقال إن من الضروري أن يتثقف المواطن تلك الثقافة التي تجعله عارفاً بوسائل الخداع التي غالباً ما يستخدمها المعلنون لتمرير سلعهم، مشيراً إلى أن المعلن من حقه أن يلمع بضاعته لكي يحظى بسوق جيد، لكن المشكلة تكمن في أن بعض الشركات يخادع المتلقي بإعطائه توصيفاً مغايرا يجعله يسارع في اقتناء تلك السلعة التي قد تكون بائرة أو أن جودتها قليلة.. والأمر يحدث مع الشركات الكبرى أيضاً، فالجميع في هذا الأمر سواسية.
وشدد المبارك على دور الأسرة في أهمية التوعية وتوجيه الأبناء نحو التعرف على الأِشياء ذات الفائدة على الأسرة.
الشعب السعودي متفهم
وفي اتجاه آخر يرى عبدالله القرني أن الشعب السعودي متفهم للدعاية والإعلان، وهو مواكب للتطور، ولا يرضى بما يمارسه بعض الشركات من التخفيف من عقلية المواطن. مشيراً إلى أن معظم السعوديين على مستوى عال من العلم والمعرفة والثقافة.
ودعا القرني شركات الإعلان إلى ممارسة هذه المهنة بحرفية وذوق عاليين والابتعاد عن الإسفاف، مشيراً إلى أن فن الإعلان ضروري ومهم ولا يمكن للناس الاستغناء عنه، ولكن من جهة أخرى يمكن التعامل معه بطريقة أخلاقية عالية ودون المساس بشخصية الإنسان السعودي أو غيره. خاصة وأن تعاليم الدين الإسلامي تحثنا على الصدق والإخلاص للآخرين، فلماذا السعي وراء الكسب المادي غير الواضح السبل، وندخل أنفسنا في طريق الشبهات.
الحرص في التعامل مع المتلقي
فايز بجاد العتيبي وافق على ما ذهب إليه القرني مشيراً إلى ان طبيعة المجتمع السعودي المسلم تحتاج منا إلى أن نكون أكثر وعياً وحرصاً في التعامل الحياتي معه، ذلك أن الكثير من الشباب يحرصون على متابعة الإعلانات بشكل كبير، وحتى الكبار والصغار، ولذلك لزم على شركات الإعلان والمعلنين الانتباه لهذا الجانب وعدم الوقوع في مصيدة التجهيل والاستخفاف من أجل المال.
العلاقة الحقيقية
ويشاركهم الرأي أيضاً سعد محمد الجلوي مشيراً إلى ضرورة أن تكون هناك علاقة جيدة بين المستهلك - المتلقي وبين المعلن المرسل، حتى يستفيد الجميع، لا أن يحدث مثلما هو الآن (المعلن هو المستفيد الأول والأكبر).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.