لم يعد بعض الرسائل الدعائية التي يتلقاها المواطنون والمقيمون، عبر هواتفهم النقالة، تقتصر على وعود زائفة بأرباح هائلة، سيحصلون عليها حال اتصالهم على الرقم المسجل في رسالة SMS، التي تعرف برسائل ال 700، وتتراوح كلفة الدقيقة الواحدة من الاتصال بها بين خمسة وسبعة ريالات. إذ عرفت هذه الرسائل تطورات كبيرة في الفترة الأخيرة، وأصبحت هذه الرسائل تزف بشرى الفوز بمئات الآلاف من الريالات، وتطلب من متلقيها الاتصال لتزويدهم برقم حسابه لإيداع المبلغ في حسابه الخاص. وعلى رغم أن الكثير من المواطنين والمقيمن لا يؤمنون بهذه الأرباح، ويصفها البعض ب"الضحك على الذقون"، ويكتفي آخرون بما بثه المشايخ عنها، إذ اعتبرها عدد منهم من المحرمات، ووصفوها بالمقامرة، إلا أن وجود عدد من المصدقين لهذه الطرق السهلة لتحقيق الربح والظفر بالجوائز، إضافة إلى عدد ليس بالبسيط من السذج، يكفي تلك الشركات لتحقيق بضعة ملايين من الريالات. وكان المقيم السوداني سليمان ناصر ضحية من نوع خاص لتلك الرسائل، بعد أن جذبته سهولة الفوز بجوائز مالية ضخمة عبر الاتصال بإحدى مسابقات ال 700، وقيامه بمحاولات عدة، تلقى رسالة لم يكن يعلم أنها من متصيد آخر لسذاجة أمثاله، وورد فيها"مبروك عليك 200 ألف ريال، سجل معلوماتك وحافظ عليها، اتصل الآن"، وبمجرد اتصاله تلقى رسالة أخرى تطلب منه إعادة الاتصال لتدوين رقم حسابه. ما جعل ناصراً يتوقع أنه امتلك فعلاً مبلغ الجائزة، ليقوم بعد ذلك بالاتصال على أقربائه في السودان، وزف بشرى توديعه الفقر، وقرب انتهاء أيام غربته، وتحقيق أحلامه على أرض الوطن، ولم تقتصر انعكاسات الفرح والغبطة التي تملكته، على اتصالاته فقط، إذ قام بالتخلص من سيارته القديمة، بعد أن باعها لأحد أصدقائه بسعر رمزي. لكن ناصراً تلقى رسالة أخرى بمواصفات الرسالة الأولى نفسها، جعلت الشك يتسرب إليه، وبعد معاودته الاتصال على الرقم المدون، تلقى ناصر الرد نفسه والرسالة الموالية ذاتها، ما جعله يكشف لأصدقائه عن سر سعادته وكرمه المفاجئ، ليتلقى ناصر بعدها صدمة قوية، إذ لم يكن الوحيد الذي وقع ضحية الخطة الجديدة لمسابقات ال"700". ولم يتوقف ناصر، الذي يعمل الآن سائقاً لسيارة أجرة، عن سرد قصته لكل راكب يرافقه، وعلى رغم اختلاف الردود التي يتلقاها، إلا أن جميع راكبي سيارته أكدوا له علمهم بعمليات النصب المقنن التي تلجأ إليها بعض مسابقات"700"، وكانت بعض القصص التي يبادر الراكبون بسردها، عن تجارب بعضهم وبعض معارفهم مع مسابقات مماثلة، تهّون بعض الشيء عن سائق الأجرة الدخيل على مهنته، إذ اضطر للعمل فيها، بعد أن خسر سيارته التي كانت مصدر رزقه، إذ كان يعمل مندوباً لبعض أدوات البناء. أما المواطن عبدالعزيز العقيل الذي تلقى بدوره رسالة تؤكد فوزه بمبلغ خمسة آلاف ريال، على رغم عدم مشاركته في أي مسابقة هاتفية، وجاء في نص الرسالة"مبروك فزت بخمسة آلاف ريال، اتصل لتعرف كيفية تسلمها"، فلم يعرها أي اهتمام، إلا أن استمرار ارسالها على هاتفه النقال، وإلحاقها برسالة أخرى من الجهة نفسها تحذره من احتمال خسارته جائزته، كونه لم يتصل لتزويدهم برقم حسابه، جعله يتصل للتأكد من صدقية الرسالة، إلا أنه ذهل لسماعه كلمات ترحيب استمرت لمدة دقيقة كاملة، وبعدها جاءه خيار الاشتراك في المسابقة وطرحت عليه بعض الأسئلة. وبعد إغلاقه الخط حسم من رصيد هاتفه مبلغ 30 ريالاً، وهو ثمن تحريه صدقية الرسالة التي اتضح له أنها مجرد عملية احتيال. وشرع بعدها في البحث عن محام ليتولى رفع قضية على هذه الشركة ومطالبتها بسداد مبلغ الجائزة التي أوهمته بها، إلا أن العقيل أكد أن عدداً من المحامين أكدوا له عدم قدرتهم على رفع مثل هذه القضية، كون مثل هذه المسابقات غير قانونية أو شرعية من أساسها، ونصحوه بالتوجه بشكايته إلى شركة الاتصالات السعودية، وإخبارهم بما تعرض له من احتيال استعملت فيه الجهة المستفيدة شركة الاتصالات كوسيلة للتحايل على المواطنين والمقيمين.