تؤكد إحصاءات رسمية أن في السعودية نحو 7807 مصابين بالفيروس المسبب لمرض نقص المناعة المكتسبة"الإيدز"، وتعتمد مكافحة هذا المرض في السعودية على حملة توعية عن طرق انتقاله والوقاية منه، بمشاركة عدد من القطاعات الحكومية والخاصة، وكذلك التوعية الدينية المتمثلة في إقامة الندوات والمحاضرات للتذكير بتعاليم الدين الحنيف التي تدعو إلى العفة والزواج المبكر. أنشأت وزارة الصحة السعودية مراكز لعلاج المصابين بهذا الفيروس ما يساعد في الحد من انتشار المرض، فضلا عن اشتراط عمل تحاليل لاستبعاد مرضى الإيدز من العمل في السعودية، وكذلك منع استيراد الدم وتطبيق أنظمة صارمة لفحص الدم ومشتقاته. وأجرت"الحياة"حواراً عن الموضوع مع مستشار وزير الصحة المشرف على برنامج مكافحة الإيدز في السعودية، الدكتور طارق مدني. هل هناك أسباب اجتماعية وراء تفشي مرض الإيدز عموماً؟ - بصفة عامة توجد كثير من الظواهر الاجتماعية وراء ظاهرة تفشي مرض الإيدز عالمياً ومنها ضعف الوازع الديني والأخلاقي وانتشار فاحشة الزنا والشذوذ الجنسي والمسكرات والمخدرات والتبرج والسفور والغزو الفكري الفضائيات ? والإنترنت ? والمجلات... إلخ وسهولة السفر والتنقل والفقر والبطالة وغلاء المهور. ونحمد الله سبحانه وتعالى على أن هذه العوامل لا تزال محدودة في مجتمعنا بفضل الله أولاً ثم بفضل تمسكنا بتعاليم ديننا الحنيف وحرص ولاة الأمر حفظهم الله على تطبيق حدود الشريعة الإسلامية ومحاربة الفقر والبطالة. تنسيق بين الوزارات كيف تنسق الوزارات والجهات ذات الصلة بين بعضها البعض في شأن المصابين؟ وما آلية التعامل معهم؟ - يتم التنسيق بين وزارتي الصحة والداخلية في شأن المرضى المصابين من غير السعوديين حيث تتم إعادتهم إلى بلادهم عند اكتشاف إصابتهم بالفيروس بعد إعطائهم العلاج اللازم لأي مضاعفات حادة للمرض والتأكد من استقرار حالهم. ويتم التعامل مع مرضى الإيدز السعوديين كغيرهم من المرضى غير المصابين بالفيروس من ناحية السماح لهم بالمخالطة غير الجنسية كالمصافحة والتقبيل والمشاركة في الطعام والمجلس وغيرها من الأنشطة اليومية العادية ويشجعون على الاندماج في المجتمع كغيرهم من المرضى. ويتم التنبيه وأخذ التعهد على المصاب بالآتي: إتباع الإرشادات والتدابير الخاصة بالوقاية وعدم التبرع بالدم في أي مرفق من مرافق الصحة أو أي جهة أخرى، وعدم استخدام أدوات الآخرين أو السماح لهم باستخدام أدواتهم التي من الممكن أن تسبب خدوشاً أو جروحاً أو ثقوباً بالجلد والأغشية المخاطية فرش الأسنان ? فرش الحلاقة ? الإبر وأخذ تعهد على المصاب بذلك، والالتزام في حالة كونه زوجاً أو كونها زوجة بإخبار الطرف الآخر بطبيعة حالته واتخاذ الاحتياطات اللازمة لمنع انتقال العدوى واستخدام العازل المطاطي الذكري في جميع الاتصالات الجنسية. كما يُطلب منه في حالة الإقبال على الزواج الالتزام بعدم إخفاء إصابته عن الطرف الآخر وولي أمره وإعلامه بها, وتجري دراسة استصدار قانون يمنع زواج المصاب من غير مصاب. ونطلب من المصاب أيضا مراجعة العيادات المختصة بصفة دورية ومنتظمة للمتابعة والعلاج، وعند مراجعة المرافق الصحية عليه الالتزام بإعلام الطبيب أو أي شخص يقوم بالتعامل معه بحالته لاتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة، وفي حالة عدم التزامه بذلك كله فانه يتحمل التبعات النظامية والشرعية كافة المترتبة على هذا الأمر، ويحق للوزارة اتخاذ اللازم وإشعار ذوي العلاقة بإصابته. تشجيع السياحة الداخلية ألا يمكن ربط السياحة الداخلية وضعف مغرياتها وغلائها في الوقت نفسه مع المرض؟ - كما ذكرت سابقاً فإن السفر للخارج وسهولة التنقل من الأسباب المهمة لانتقال المرض، وقد يكون في تشجيع السياحة الداخلية ضمن إطار الشريعة الإسلامية اثر إيجابي في تقليل معدل سفر السياح السعوديين إلى الخارج، إلا أن ذلك لن يؤدي إلى منع سفر من يريدون ممارسة المحرمات بعيداً عن مجتمعنا الإسلامي. ألا تعتقد أن غلاء المهور والمؤدي إلى عزوف الشباب عن الزواج يعد من الأسباب الرئيسية لوقوعهم في المحظور؟ - نعم، كما ذَكرت سابقاً فإن غلاء المهور وكلفة الزواج من العوائق المهمة أمام إقدام الشباب على الزواج، ولقد حثنا ديننا الحنيف على الزواج المبكر حيث قال صلى الله عليه وسلم"يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج"وحض المسلمين على عدم المغالاة في المهور، فقال، صلى الله عليه وسلم، عن النساء"أكثرهن بركة أقلهن مؤونة". وهناك، والحمدلله، العديد من المشاريع الخيرية لمساعدة الشباب على الزواج وتقوم على تبرعات المحسنين وتسهم في شكل فاعل وكبير في مساعدة الآلاف ليحصنوا أنفسهم. بين المرضى وذويهم هل يوجد اتصال بين المرضى وذويهم؟ - يُنصح المصاب بفيروس الإيدز بممارسة حياته بصورة طبيعية سواء مع أسرته أو أصدقائه والاستمرار في عمله، فالمرض لا ينتقل عن طريق الهواء أو الملامسة المعتادة كالمصافحة والتقبيل والأكل من الآنية نفسها والمخالطة غير الجنسية، وينصح من يخالط المريض بعدم استعمال أي أدوات تخصه قد تكون ملوثة بدمه مثل أمواس الحلاقة وفرش الأسنان. هل توجد حالات لأزواج نقلوا المرض لزوجاتهم والعكس؟ وماذا يتم في شأنهم؟ - غالباً ما يحدث ذلك قبل اكتشاف الزوج أو الزوجة الإصابة بالمرض وتقوم وزارة الصحة باتخاذ الإجراءات الوقائية المذكورة سابقاً لمنع حدوث ذلك. مريضات الإيدز اللاتي ينجبن.. ما مصير أطفالهن في حال نقل المرض إليهم؟ - تتخذ إجراءات علاجية للأم الحامل المصابة بفيروس الإيدز تمنع بإذن الله تعالى إصابة طفلها بالمرض حيث تعطى الأم المصابة الحامل أدوية مضادة للفيروس ابتداء من الشهر الرابع وطوال فترة الحمل, ثم خلال الولادة من ثم يعطى الطفل المولود علاجاً وقائياً لمدة 45 يوماً لمنع انتقال الفيروس من الأم إليه ومنع الأم من الرضاعة الطبيعية وباتباع هذه الإجراءات تنخفض احتمالية انتقال الفيروس إلى الطفل مما يقارب 28 في المئة من دون هذه الإجراءات إلى الصفر تقريباً. الانخراط في المجتمع كيف يواجه المرضى حياتهم خارج مكان علاجهم؟ وكيف يتم انخراطهم في المجتمع؟ وهل هناك حجر على مريض الإيدز؟ - هناك صعوبة تواجه مرضى الإيدز تتمثل في رفض المجتمع لهم وعدم توظيفهم وهذا نابع من قلة الوعي بهذا المرض وطرق انتقاله وكيفية الوقاية منه. ومع زيادة التوعية الصحية بهذا المرض فإن المؤمل أن يتم تحسين وضع هؤلاء المرضى داخل مجتمعاتهم، والعملية تحتاج إلى بعض الوقت وليس هناك أي حجر أو سجن على مريض الإيدز وليس هناك قانون يمنع توظيف المصابين بهذا الفيروس. الوعي بخطورة الإيدز يزداد بين السعوديين في السنتين الأخيرتين تشير إحصاءات وزارة الصحة السعودية إلى أن معدل تسجيل الإصابة بفيروس الإيدز في السنتين الأخيرتين بلغ ثلاثة أضعاف المعدل الذي كان عليه في السابق. وحتى نهاية العام 2003 بلغ عدد الحالات المكتشفة 1743 حالة من السعوديين و6064 حالة من غير السعوديين. وتصدرت مدينة جدة قائمة المدن السعودية التي تضم مصابين بالإيدز بنسبة 46 في المئة، تليها الرياض بنسبة 14,3 في المئة، ثم جازان بنسبة 7,1 في المئة والدمام بنسبة 6,7 في المئة، والعاصمة المقدسة مدينة مكةالمكرمة 6,3 في المئة، وعسير 5 في المئة، والمدينة المنورة 8,3 في المئة، والطائف 3,4 في المئة، والباحة 2,5 في المئة، والإحساء 2,1 في المئة وأخرى 2,8 في المئة. وهناك استراتيجية وطنية للتوعية الصحية عن المرض وطرق انتقاله والوقاية منه بمشاركة الجهات المعنية مثل وزارة الشباب والرياضة، ووزارة التربية والتعليم، ووزارة الثقافة، ووزارة الداخلية، كل حسب تخصصه. كما أن لوزارة الداخلية دوراً جوهرياً في مكافحة أوكار الفساد ومكافحة تهريب المخدرات نظراً إلى علاقتهما الفساد والمخدرات المباشرة بانتشار المرض.