ما إن تثبت إصابة المريض بمرض الإيدز حتى يلفه خجل يجعله يشعر بخزي وعار لا يصاب بمثله مريض بأي مرض آخر، فتراه ينسحب من الحياة الاجتماعية والمهنية والشخصية ويحكم على نفسه قبل أن يحكم عليه من حوله ! مريض الإيدز يتخلى عن حقوقه في كل شيء معتقدا أن هذا ما يجب أن يكون، ومعظم مرضى هذا المرض، إن لم يكن كلهم، لا يعرفون أساسا أن لهم حقوقا مهنية واجتماعية يجب أن تؤمّن لهم لأنها من حقهم ! «الرياض» تناقش قضية مرضى الإيدز وتأثير المرض عليهم صحيا ونفسيا واجتماعيا، وتبحث في أوضاعهم وحقوقهم المهنية والاجتماعية والقانونية، وتتساءل عن وضع مريض الإيدز في منظمة العمل الدولية، وطرق التعامل مع هذا المريض بالمنزل والعمل والأماكن العامة .. ونستعرض الإجراءات المتخذة لعلاج هذا المرض ومنع انتشاره .. كما نتعرف على الفتاوى الدينية المتعلقة بتداعيات هذا المرض على المريض نفسه وعلى الأطراف الأخرى التي تشاركه حياته .. ونطرح في هذا التحقيق بعض الأفكار على ضيوف تحقيقنا الخمسة من شأنها مساعدة مرضى الإيدز على تخطي عواقب حالتهم ومساندتهم في مرحلة علاجهم . مع البداية في وقفتنا الأولى للتعرف على زمن بدء ظهور الإصابة بهذا المرض في المملكة والإجراءات المتخذة للحد من انتشاره منذ ذلك الحين . يذكر ضيفنا الدكتور ناصر بن صالح الحزيم مدير عام الإدارة العامة للأمراض الطفيلية والمعدية بالوكالة المساعدة للطب الوقائي في وزارة الصحة أن أول حالة إصابة بالإيدز تم اكتشافها في المملكة كانت عام 1984م لرجل سعودي، نتيجة نقل دم ملوث. ونتيجة لتسجيل حالات المرضى بعد ذلك تم تأسيس «البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز» والذي يهدف إلى منع وفادة المرض للمملكة عن طريق تطبيق استراتيجيات هي : (وقف استيراد الدم منذ 1987م - وإجراء الإجراءات الطبية المستمرة لمراجعي عيادات الأمراض التناسلية ونزلاء السجون ببعض المؤسسات التي قد تكون عرضة اكثر من غيرها للإصابة بالعدوى نتيجة طبيعة عملهم- كما أقر إجراء فحص العمالة الوافدة في بلدانها قبل منحها تأشيرة الدخول وإعادة الفحص عند الوصول إلى المملكة وقبل منحها الإقامة النظامية- وايضاَ تم التركيز على نشر الوعي الصحي على كافة المستويات عن المرض وطرق الوقاية منه- كما أقر تقديم العلاج المتكامل لمرضى الإيدز المواطنين مع دعمهم اجتماعياً. هذا بالإضافة إلى تطبيق أدق المعايير الدولية لفحص دم المتبرعين في بنوك الدم بالمملكة للتأكد من خلوه من الميكروبات المسببة للأمراض بما فيها فيروس الإيدز وفيروسات الالتهاب الكبدي البي والسي. أما بالنسبة للحج والعمرة فلا يشترط فحص الإيدز للقادمين للحج والعمرة) . ٭ ما الإحصائيات الحالية لحالات الإصابات بمرض الإيدز في المملكة ؟ يجيب الدكتور ناصر الحزيم أن العدد الإجمالي التراكمي لحالات نقص المناعة (الإيدز)المكتشفة في المملكة منذ بداية اكتشاف أول حالة عام 1984م حتى نهاية 2004م بلغ حوالي (8919 حالة) منها 2005 سعودي و6914 غير سعودي . وكان انتقال المرض في 78,4٪ من الإصابات عن طريق الممارسات الجنسية وتمثل النسبة المتبقية انتقال المرض عن طريق الدم (قبل عام 1987م)وتعاطي المخدرات، ومن الأم الحامل المصابة إلى الجنين . وقد بلغت نسبة الرجال إلى النساء 31 ويشكل البالغون في الفئة العمرية 15- 49 سنة نسبة 87٪ من المرضى. حقائق طبية ٭ هل يظهر فحص الدم الأولي السريع (والذي يجري عند التبرع بالدم) وجود فيروس الإيدز؟ كم يحتاج فيروس الإيدز من الزمن بعد الإصابة ليظهر في تحاليل الدم ؟ - توجد فحوصات متعددة البعض منها لتحديد وجود أجسام مضادة لدى المصاب وظهور الأجسام المضادة لفترة 6 أسابيع على الأقل وفحوصات أخرى لتحديد أجزاء من الفيروس وهذه تحتاج إلى مدة أسبوعين. ٭ هل نقل الفيروس من الزوج المصاب إلى زوجته حتمياً؟ وهل من طرق ناجعة لوقاية الزوجة من عدوى زوجها المصاب بالإيدز؟ يذكر د. ناصر الحزيم أن الدراسات أوجدت أن نسبة انتقال الفيروس من خلال الاتصال الجنسي تصل إلى 60- 70٪ وان استخدام الواقي الذكري يقل من انتقال المصاب لزوجته والعكس صحيح كذلك. ٭ هل إصابة جنين الأم المصابة بالفيروس حتمية؟ وهل من طرق لوقاية الجنين من عدوى الأم؟ يجيب د. ناصر أن الدراسات أوجدت أن نسبة إصابة الجنين من الأم المصابة بالفيروس أثناء الحمل أو الولادة أو الرضاعة تصل إلى 25 - 40٪ وهناك طرق لوقاية الجنين من عدوى الأم وهي متابعة إعطاء العلاج وإعطاء الطفل واقياً وتجنب الرضاعة الطبيعية إذا كانت الأم مصابة. ٭ هل تؤيدون فكرة عمل كشف دوري (كل 6 أشهر مثلاً) على موظفي القطاعين الخاص والعام (نساء ورجالاً) للكشف عن مرض الإيدز واحتوائه ومعالجته في مراحله الأولية؟ ولماذا؟ لا يؤيد الدكتور ناصر الحزيم إجراء كشف دوري على الموظفين لأسباب كثيرة منها أن هذا الإجراء غير معمول به في أي دولة من دول العالم.كذلك فإن أعداد حالات المرض في السعودية مقارنة بدول الإقليم والعالم قليلة ومعدل الإصابة منخفض. بالإضافة إلى أن نسبة كبيرة من الموظفين ليسوا من الفئات المعرضة للإصابة بالمرض أو الفئات الأكثر خطورة للإصابة بالمرض حسب المفهوم الوبائي للمرض. هذا ناهيك عن التكلفة العالية لهذا الإجراء والإرباك الذي يسببه في أماكن الفحص أو الأجهزة أو الإدارات. وكبديل لذلك تنفذ الوزارة مسوحات طبية دورية على الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالمرض بهدف اكتشاف الحالات ووضعها ومخالطيها في برامج وقائية. ٭ لو أصيب شخص بمرض الإيدز نتيجة خطأ طبي (بسبب نقل الدم أو تلوث جراحي أو غيره) ما العقوبات المتخذة بحق المسؤول عن هذا الخطأ الطبي؟ - باختصار موجز يؤكد د. ناصر الحزيم أن هناك لائحة تحدد العقوبات الخاصة بالأخطاء الطبية والتي تعالج مثل هذه الأمور في حال حدوثها لا قدر الله. جمعية .. وعلاج ٭ ماذا عن علاج مريض الإيدز؟ ومن يتكفل بعلاجه؟ وكم تبلغ تكلفة العلاج؟ - يذكر الدكتور ناصر بن صالح الحزيم أن علاج مرضى الإيدز يتم في مراكز علاجية متخصصة في كل من الرياضوجدة والدمام والتي تم تزويدها بالكوادر الفنية المؤهلة والمستلزمات المخبرية والطبية اللازمة ويتم علاج المواطنين بأحدث الأدوية على نفقة الدولة مجانا وتقدر التكلفة العلاجية للفرد الواحد ما بين 60- 80 ألف ريال سنوياً وقد تصل مع إجراء بعض التحاليل المخبرية إلى 120 ألف ريال سنوياً. أما المتخلفون والمتخلفات المصابون بالمرض فيتم ترحيلهم إلى بلدانهم فوراً بعد إجراء الاستقصاء الوبائي لهم إلا إذا كانت حالة المصاب الصحية لا تسمح بترحيله فيما يتم ترحيله بعد استقرار حالته. ٭ ما نسبة الشفاء من مرض الإيدز؟ هل هناك حالات معالجة لديكم (أو حالات عالمية) وصلت إلى مرحلة الشفاء من الإصابة؟ اكتفى الدكتور ناصر بإجابته على هذا السؤال أن الدراسات أثبتت أن العقاقير الحديثة المستخدمة في علاج الإيدز تؤدي إلى تقليل ظهور الأعراض والأمراض المصاحبة وتؤدي إلى حياة أفضل. ٭ من حق مرضى الإيدز أن تكون هناك جمعية خاصة بهم ترعى شؤونهم وتكفل لهم حقوقهم .. فهل لدينا في المملكة جمعية خاصة بمرضى الإيدز؟ يقول الدكتور ناصر الحزيم انه لا توجد في الوقت الحاضر جمعية خاصة بمرضى الإيدز، ولكننا نشجع قيام مثل هذه الجمعية، وهناك اجتهادات من بعض الزملاء والزميلات في برنامج مكافحة الإيدز في بعض المدن لتقديم المساعدات الاجتماعية والعينية والدعم النفسي والاجتماعي للمصابين وأسرهم. مريض الإيدز .. اجتماعياً تشكل الحالة الاجتماعية المحيطة بمريض الإيدز عاملاً أساسياً في مدى تأثر المريض بمرضه أو درجة تقبله لهذا المرض .. وغالبا ما يؤدي فعل المجتمع إلى تداعيات سلبية لدى المريض تضعه في حالة ذعر وتخبط من مرضه ويدفعه إلى فعل ما لا تحمد عقباه .. في حوارنا مع الأخصائيين النفسيين الأستاذ سليمان القحطاني والأستاذة هند الغصن أن نضع النقاط على الحروف ونتبين السلوكيات الاجتماعية الصحيحة من الخاطئة لمساعدة مريض الإيدز على تحمل صدمة مرضه ومرافقته في مرحلة علاجه : ٭٭ يصعب على المريض تقبل إصابته بمرض خطير كالإيدز، كيف عليه أن يتعامل مع مرضه؟ هل يعلنه أم يبقيه طي الكتمان؟ وكيف عليه أن يتعامل في الحالتين ؟ يقول الأستاذ سليمان القحطاني أن مرض الإيدز معيب، وقابل للعدوى، ويشبه في وقعه مرض الإصابة بالسرطان في الكثير من وجوهه كما انه يختلف عنه من وجوه أخرى، فكلاهما كارثة، وذوي علاقة بالجهاز المناعي، ومرض خطير ومميت مع آمال معالجتهم على الأقل إطالة في عمر المريض والتعايش معه وفقا لشدته، وطبيعته .. لذا نجد المصاب يمر بعدة مراحل بعد الإصابة به .. مرحلة الصدمة «ذات مدة تتراوح من لحظات معرفته إلى عدة أيام .. حالة من الذهول تجاه الإصابة، وشدة المرض . «ثم مرحلة الإنكار» ويساعد هذا الميكانزم المريض بأن يتصرف في البداية وكأن شيئاً ما لم يحدث أو مرحلة هستيرية غالبا ما يحدث خلالها محاولة نقل العدوى . وبعدها مرحلة الكآبة «شعور المريض بالعجز، والتعلق بالجهاز الطبي، لما يعانيه من أعراض نفسية وعصبية نتيجة للاكتئاب الذي يصيبه نتيجة لتفكيره الذي يسيطر عليه بأنه سوف يموت خلال وقت قريب وأن مرضه لا علاج له، وأخطر ما في هذه المرحلة التفكير في الانتحار بشكل كبير ونسبة عالية» .ثم مرحلة التمرد على الاستقلالية قيادته لنفسه في عملية العلاج وبما أن الاستقلالية مرتبطة بالمخاوف تجاه مرضه فإن المريض يرفض هذا من الجهاز الطبي. وأخيرا مرحلة التلاؤم «تقبله لمرضه بدرجة ما، واكتسابه استخدام المهارات والإمكانات المتبقية بصورة مثالية لواقعه، وحالته رغم الصعوبة في إقناع المريض بالتعايش مع واقعه لأن هذا التعايش شبيه بالتعايش مع الموت . من هنا يصعب على المصاب إبقاء مرضه طي الكتمان لأن أعراضه ستتفاقم جسديا، ونفسيا، ولن يجدي تجاهلها لحاجته إلى التدخل الطبي، ومن الطبيعي أن يعاني في البدء، وعملية التقبل تحتاج وقتاً، ومهارة من الجهاز الطبي المتكامل في كيفية التعامل والخطة العلاجية . التعامل مع المريض ٭٭ الإصابة بهذا المرض تحديداً تولد لدى المصاب بها شعوراً بالعار .. لماذا؟ وهل هذا الشعور صحيح أم أنه توهم ومبالغة من المصاب؟ وهل شعور المصاب بالعار من هذا المرض يتوقف على طبيعة الطريقة التي أصيب بها ؟ بمعنى أن شعور من أصيب بفيروس الإيدز عن طريق خطأ طبي لا ذنب له فيه، يختلف عن شعور ذاك الذي أصيب به نتيجة انحلال أخلاقي مثلاً؟ ما هو التعامل الأمثل مع هذه المشاعر في كلا الحالتين؟ يؤكد سليمان القحطاني أن الإصابة بهذا المرض تولد العار، والشعور بالذنب، وتأنيب الضمير، والندم إذا حدث نتيجة الممارسة غير الشرعية لمعرفته المسبقة بحكم الدين في ذلك خاصة في مجتمعنا المسلم، فحاله مع نفسه شعور لا يقدر على الفكاك منه كعقوبة إن احتسب فيها فهي بنفس منطق ديننا تكفيرا لِما اقترفه إضافة إلى وقع تأثير معرفة المجتمع بحالته التي قد لا يتحملها نفسيا بقدر تحمله لشدة مرضه جسديا .. بينما إصابته نتيجة لخطأ طبي أو بسبب أحد الشريكين «الزوجين» للآخر فإن التأثير النفسي موجود لكن بدرجة مختلفة لا يحمل فيها المصاب نفسه وزرها فهو أشبه بأي مرض آخر فاتك قضاءً، وقدرا. ٭٭ هل يحتاج المصاب بهذا المرض لعلاج نفسي مع علاجه الصحي؟ والأهل أيضاً؟ وهل هناك مراكز لعلاج هؤلاء المرضى نفسياً؟ يقول سليمان القحطاني أن لا جدال في أن مريض الإيدز يحتاج إلى تضافر جهود الجهاز الطبي المتكامل من أطباء متخصصين في هذا المرض، وممرضين، وأخصائيين نفسيين واجتماعيين لديهم الخبرة، والمعلومات الكافية بكافة التفاصيل عن أعراضهم، وحالتهم النفسية، وأساليب التعامل معهم المبنية على تأهيل صحيح لدوره، وبرامج مكثفة نظريا، وتطبيقيا . وتشارك بالإجابة على هذا السؤال الأخصائية النفسية هند الغصن فتقول : إن مرض نقص المناعة البشرية المكتسبة الإيدز يسببه فيروس HIV وهو يدخل في جهاز المناعة في الجسم ويعطله مما يؤدي إلى إصابات مميتة . لذلك الحالات المصابة بالإيدز تتطلب معالجة خاصة ذلك يعني أن توجد لهم مستشفيات تتولى عنايتهم كما في إحدى المستشفيات في جدة المتخصصة لتلك الحالات وكل حالة أصيبت بالإيدز تعتمد على متغيرات كثيرة مثل الحالة الاجتماعية سواء أكان أعزب أو متزوج وعلى سبب إصابته بهذا الفيروس الخطير سواء كان السبب الممارسة الخاطئة أو نتيجة العدوى، بالإضافة إلى طبيعة شخصية المصاب ولا جدال أن المصاب يحتاج إلى علاج طبي إضافة إلى علاج نفسي مما يعني وجوب متابعة نفسية المريض داخل المستشفى ومن خلال ظروف المريض وطبيعة شخصية المريض والآثار التي تترتب على إصابته من هنا يسهل وضع برنامج لتغيير المفاهيم الخاطئة والسلبية وحالات الكآبة والمخاوف وربما التفكير في الانتحار وغيرها مع الأخذ بالاعتبار إلى الاهتمام بذويه إن كان زوج أو زوجة. الشيء المهم أن من يعاني أعراض الإيدز أو أسرته لابد أن يبادروا بمراجعة مستشفى متخصص لتلك الحالات . ٭٭ شعور أهل المصاب أيضاً فيه نوع من الخجل والخزي من طبيعة هذا المرض وتداعياته الأخلاقية في ذهن الناس .. برأيكم ما هي الطرق المثلى لتعامل أهل المصاب مع مريضهم؟ وأيهما أفضل تكتمهم على إصابته أم جهرهم بها خلال فترة العلاج ؟ حين يصاب أحد أفراد الأسرة بهذا المرض فإن الهروب لمواجهته، وليس التكتم هو أنجع الطرق لمساعدة المريض نفسه لأنه واقع، لا يمكن إنكاره، ولأن مشاعر الأهل مهما تكون لا تقارن بالمصاب نفسه، وعليه فإن المواجهة تعني تواصلا مع الجهاز الطبي، وإتباعاً لإرشادات الجهاز الطبي بعد المعرفة التامة عن المرض، واكتساب أفضل الطرق لمساعدة أنفسهم من خلال تفهمهم لطبيعة المرض، وتقبلهم لذات مريضهم، ومحبتهم له دون شروط أو قيود بعيداً عن فكرة أنه إنسان خاطئ وبعيداً عن الأخلاق لأن واقع إصابته يملي علينا تجاوز الحديث في الأسباب، والظروف التي أوصلته إلى هذا، فالله سبحانه وتعالى أرحم بعباده، وأكثر شفقة بهم، مهما ارتكبنا من الأخطاء، مادامت الشمس لم تشرق من مغربها، والروح لم تتغرغر بعد، وخالقنا جعل باب التوبة مفتوحاً بل يستبدل السيئات بالحسنات . ٭٭ كيف يجب التعامل مع مرضى الإيدز بالمدرسة، وأماكن العمل، والأماكن العامة؟ يقول سليمان القحطاني أن المحاضرات العامة أو المطويات التي توزع في مناسبة أو يوم ما لن تجدي بقدر ما نحن في حاجة إلى خطة جادة، وشاملة، تتطور مع كل جديد في تطور ما يستجد في علاج هذا المرض من قبل الجهات الطبية، والتربوية، والإعلام عمل يتضافر في تنفيذه الدوائر الحكومية، بدءاً بالمناهج لإيصال ثقافة صحية، ودينية، وتوعية مستمرة من قبل طب الأسرة في مراكز الرعاية الطبية في كافة المدن مبنية على نشر حقيقة هذا المرض، وطبيعته، وكيفية العدوى منه، والتوجيهات العامة لطريقة التعامل مع المصاب داخل مجتمعه وداخل أسرته للوقاية من العدوى، وهذه المعرفة، والوعي ستجعل أفراد المجتمع قادرين على تقبل المصاب دون نبذ له اجتماعياً وخصوصاً في أسرته، والمقربين له كي يقدر على التعايش بدرجة تسمح له دون توتر أو مشاعر عدوانية تدفعه إلى الانتقام بنشر مرضه . ومن جهتها تجيب الأخصائية النفسية هند الغصن على ذات السؤال بقولها : بالرغم من أن نهاية المصاب غير معروفة على وجه الدقة إلا أن المريض يبقى معديا طوال حياته، لذلك لابد من فحص المريض ومتابعته ومراقبته صحياً وخاصة عند ظهور علامات أو أعراض مرض الإيدز كما يجب علينا منع المصابين أو حاملي فيروس الإيدز من التبرع بالدم أو إعطائه منعاً باتاً،كذلك الامتناع عن مشاركة المرضى في أدواتهم الشخصية التي من الممكن أن تتلوث بدمائهم كما أن على المصابين إشعار أطبائهم وخاصة الجراحة والأسنان عن مرضهم،وارى هنا أن أشير إلى أن عدوى الإيدز لا تنتقل عبر أو عن طريق الاتصالات العارضة في المدرسة أو العمل أو عن طريق المصافحة أو المعانقة ولاعن طريق المأكل أو المشرب أو زيارة المرضى أو استخدام دورات المياه أو أحواض السباحة أو ارتياد الأسواق العامة أي بمعنى لا خوف من ممارسة الاختلاط الاجتماعي في الحياة اليومية مع المرضى. مريض الإيدز .. كزوج ٭٭ هل تؤيدون زواج المصابين من المصابات؟ هل لهذا الزواج آثار إيجابية على العلاج أم العكس صحيح؟ وكيف؟ يجيب سليمان القحطاني: من المعروف أن من أعراض الإيدز الضعف الجنسي، وفقدان الاهتمام بالاتصال الجنسي إضافة الحالة النفسية السلبية، لكن في حالة لديه الرغبة فزواجه بمصابة مثله يعني إشباعه لرغبته الجنسية كي لا يلجأ إلى تكرار خطئه، وإصابة غيره مع التقيد بعدم الإنجاب، ورأي طبيبه المتابع لحالته . و تقول الأخصائية النفسية هند الغصن في إجابتها عن هذا السؤال : اعتقد أن حالة المريض وهو مازال في المرض وحسب درجة المرض لا يمكن أن يكون لديه رغبة في الزواج لان الزواج مسؤولية اجتماعية تتطلب استقراراً نفسياً وقياماً بعدة أمور وأدوار يقوم بها الأزواج بالإضافة إلى الإنجاب سوف يعني ولادة طفل مصاب بالإيدز ورغم ذلك ان كان هناك حالات مصابة بالإيدز تفكر في الزواج فإن الطبيب المختص والمتابع لحالة المريض هو أقدر على منح الاستشارة تجاه الزواج أو عدمه. ٭٭ وماذا عن تعامل الزوجة مع زوجها المصاب؟ والزوج مع زوجته المصابة؟ والزوجة المصابة مع جنينها ؟ يقول القحطاني إن إصابة أحد الشريكين يعني إصابة الأخر بنفس المرض، والجنين في حالة تمت الممارسة الجنسية أو حدث الحمل، لكن في حال المعرفة مسبقا دون ممارسة فإن من حق الزوجة بالذات في حال كان الزوج المصاب طلب طلاقها حتى لو خلعا لأنه ثبت طبياً أن أهم أسباب انتقال العدوى بفيروس الإيدز هو الممارسة الجنسية، لكن في حالة الرضا من الطرفين ببقاء الزواج مع وجود هذا المرض في أحد الشريكين فذا عائد لقبول السليم منهم مع إخباره، ومعرفته بما سيحدث له ما لم يتم الاحتراس بتجنب الممارسة المباشر، واللجوء إلى استخدام الواقي استعمالا صحيحاً بمعرفة، ومتابعة الطبيب، واستشارته . الفحص قبل الزواج ٭ هل تؤيدون أن يكون تحليل فيروس الإيدز من ضمن شروط إجراءات الفحص الطبي قبل الزواج؟ وما مميزات التواجد الإجباري لمثل هذا الاختبار؟ يجيب أخصائي العلاج النفسي الأستاذ سليمان القحطاني بقوله : في البدء علينا الاعتراف دون خجل بوجود حالات لمرضى الإيدز في مجتمعنا العربي بشكل عام لأنه أصبح ظاهرة في معظم المجتمعات، وليس مرضا غربيا فقط، والمشكلة الآن ليست في حجمها أو نسبتها بقدر ما حاجتنا إلى الوقفة الجادة، والصادقة في مواجهتها دون تعتيم أو تردد للوضع، وصياغة الخطط المدروسة من قبل المختصين في تحجيمها، ومعالجتها، والوقاية منها .. كي لا نبقى متعثرين في تجاهلها كما كان الحال في ابراز مشكلة المخدرات، وإدمانها، ظننا أن إقامة مستشفيات كما هو الآن «مستشفيات الأمل» تعريا، لواقع لا يمكن إنكاره أو إخفاؤه، خدشا لحياء المجتمع وتقاليده وقضاء على سلامه وأمنه الداخلي كحجة معلبة أشبه بالمسكن لا بد أن تتضاعف، ولا يجدي معها الصمت .. فالمسألة نسبية، ومجتمعنا ليس ملائكيا مع الانفتاح، والتواصل، والثورة التكنولوجية الهائلة، والسفر، والإعلام، والإنترنت والبث الفضائي .. فلم يعد هذا المرض نتيجة إلى نقل الدم أو تعاطي المخدرات وإنما نتيجة في معظم الحالات إلى دور العلاقات الجنسية غير المبررة لفئة الشباب . وأضاف القحطاني أن من المتعارف عليه طبيا ان هذا المرض يمر بعدة مراحل من ضمنها ما يسمى مرحلة الكمون «المرحلة الثانية» من أربع مراحل، وهي التي لا يظهر فيها أعراض المرض على المريض في مدة تتراوح بين «7 - 10» . وهنا المشكلة، والإشكالية لدى من يقع في دائرة تلك العلاقات الجنسية المشبوهة، وهو يعلم ويعرف باحتمالية الإصابة بتلك المرض قبل زواجه أو لكونه مرتبطا بزوجة، لأن الإصابة به قد لا يعلم بها المصاب وفقا لمرحلة الكمون فينقل المرض دون أن يعي ... لذا فإن الفحص الطبي قبل الزواج أصبح أمرا حتميا، لا يجب التهاون فيه أو التساهل فيه، في مستشفيات معترف فيها . مريض الإيدز .. كعامل يمثل العمل الجانب الآخر من حياة مريض الإيدز، وتشكل الإصابة بالمرض منعطفاً مصيرياً يهدد عمله فيقف أمامه عاجزاً لا يعرف وضعه في نظام العمل ولا ماهية حقوقه التي يكفلها له القانون .. لذلك توجهنا إلى المحامي الأستاذ فراج العقلا ببعض الأسئلة للتعرف على ما خفي علينا من هذا الجانب في حياة المريض : ٭ ما هو وضع مريض الإيدز في منظمة العمل الدولية؟ وهل هناك تشريع خاص لمريض الإيدز كعامل ؟ يقول المحامي فراج العقلا في معرض إجابته عن هذا السؤال: في البدء لابد من الإشارة إلى ان هناك أنماطاً ومعايير اجتماعية خاطئة أدت إلى وجود هذا الوباء الخطير، والذي يمثل بنطاقه وأثره المدمرين حالة طوارئ عالمية بل وتحدياً من أشق التحديات لحياة الإنسان وكرامته ولذا حذرنا الله تعالى وحذرنا رسوله الكريم من إظهار الفاحشة أو السعي لها، وأنها سبب لمقت الله وعذابه وشيوع الأمراض والأوبئة الخطيرة التي لم تكن معهودةً من قبل، وندرك خطورة الأمر عندما نلاحظ أن عدد المصابين بفيروس نقص المناعة (الإيدز) وصل في نهاية عام 2000 إلى 36,1 مليون شخص على المستوى العالمي حسبما صرحت به منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة مما يؤدي إلى ضعف الإنتاجية عموماً وخصوصاً إنتاجية العمل، ولهذا جاءت الأنظمة والقوانين بالعديد من القيود والمحاذير في محاولة للحد من هذا الوباء، وقد قدمت منظمة العمل الدولية نتائج تحليل عالمي قامت به حول تأثير مرض نقص المناعة على قطاع العمل وقد انتهت فيه إلى أن القوة العاملة العالمية ستخسر هذا العام ما قد يصل إلى 28 مليون عامل مما يجعل مرض نقص المناعة أحد أعظم الأسباب المؤدية إلى الوفاة في قطاع العمل، مما يستوجب إمعان النظر وتكثيف الدراسات اللازمة وسن القوانين والأنظمة ذات العلاقة وتقديم الخدمات ذات الصلة للحد أو للمنع من تفشي هذا الوباء. ٭ هل القانون الدولي يساوي بين المرأة الموظفة المصابة بمرض الإيدز والرجل الموظف المصاب به ؟ يجيب المحامي فراج أن الأنظمة عموماً تساوي بين الرجل والمرأة حتى في تطبيق الأنظمة ولا سيما في مرض نقص المناعة حيث إن منظمة العمل الدولية قد أكدت على أن النساء هن الأكثر تأثراً بمرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) ولهذا المرض تأثير متعدد الجوانب على النساء في الدول الأكثر تأثراً بهذا المرض، وسواء كان النساء يعملن بشكل مثمر داخل أو خارج المنزل لأن عملهن سيتوقف بفعل كونهن الجهة الأساسية لتقديم الرعاية الصحية وذلك مما يعيق عن أداء العمل ويمثل خطورةً على البيئة المحيطة، مما يتعين معه المساواة بين الرجل والمرأة المصابين بهذا المرض في الأنظمة المقيدة حرصاً على السلامة للجميع، ولخطورة الأمر فقد وضعت عدد من الدول تشريعات على شكل قوانين معدلة أو جديدة لتلعب دوراً هاماً في التخفيف من تأثير المرض على مكان العمل لكلٍ من الرجل والمرأة وحمايةً لحقوق الأشخاص المحيطين بمريض الإيدز، وبالرغم من هذا لم تستطع هذه الدول الاستفادة من تلك التشريعات حسب الأهداف المبتغاة . ٭ هل يحق للموظف أن يشتكي من تواجد زميل له مصاب بالإيدز بنفس الشركة أو الإدارة التي يعمل بها خوف العدوى ؟ يؤكد المحامي العقلا أن أقل ما يكفله النظام لأحد أفراد العمل في البيئة المحيطة بمريض الإيدز هو أن يرفع شكواه عن المريض لتحقيق عدة أهداف أهمها حماية أفراد العمل والبيئة المحيطة بمريض الإيدز وبالتالي حماية المجتمع من انتقال العدوى أو تفشي الوباء، مما يؤدي إلى تفاقم المشكلة وتوسع الضرر، وحتى لا يتم مراقبة المجتمع ووضع العديد من المجموعات السكانية تحت تهديد المرض، والذي يمكن تلافيه وحُدُّهُ بسرعة التحرك وتضييق الدائرة التي تخص المريض في أضيق حدٍ ممكن، ومن حسن التصرف أن يعي المريض طبيعة مرضه وبناءً عليه يتخذ الإجراءات السليمة حرصاً على سلامته وسلامة الآخرين . ٭ هل أنظمة الأممالمتحدة تقر حق إجراء اختبارات للكشف عن مرض الإيدز على الشخص المقبل على الزواج ولماذا؟ وهل توصون بتطبيق هذا الكشف إلزامياً لدينا في المملكة ولماذا ؟ يقول العقلا لا بد أن نعي أننا في المملكة العربية السعودية حريصون على كل ما من شأنه حماية المجتمع والأفراد من تفشي الأوبئة والأمراض وقد قفزت المملكة قفزات هائلة في احتواء الأمراض والأوبئة عن طريق رصد الأموال اللازمة لذلك، وتكثيف الوعي لدى أفراد المجتمع ولا نطالب بتطبيق الفحص الخاص بمرض الإيدز على المتقدم بهدف العمل وذلك لعدة أسباب أهمها سلامة المجتمع السعودي من الأمراض المعدية وخصوصاً مرض الإيدز سوى حالات معينة لا تأثير لها، ولذا فلا يوجد المسوغ الذي يدعو إلى القيام أو الإلزام بمثل هذا الفحص، أما فحص ما قبل الزواج فقد وضعت له المعايير الخاصة به والتي تكفل سلامة الذرية من الأمراض الوراثية، مع العلم بأن الفحص المطبق حالياً لما قبل الزواج يشمل مرض الإيدز حرصاً وتحسباً لوجود حالات معينة قد تؤدي إلى تفاقم المرض وانتشاره، ولهذا حرصت الحكومة الرشيدة على احتواء المشكلة وتفاديها وسخرت الإمكانات اللازمة لمواجهة مثل هذه التحديات والتي تعد من أصعب التحديات التي تجابهها الدول في المجال الصحي للوقاية من الأمراض الوراثية. ٭ ما هي أشد القطاعات تأثراً بهذا المرض؟ وهل أوردت منظمة العمل الدولية تقريرات بهذا الشأن ؟ يذكر المحامي فراج أن هناك تأثيرات عديدة ومختلفة لمرض الإيدز على العديد من القطاعات، غير أن منظمة العمل الدولية أشارت إلى أن قطاعي التعليم والصحة في الدول النامية أشد تأثراً بمرض نقص المناعة المكتسبة مع ارتفاع معدل الوفيات بين المعلمين والقائمين على الرعاية الصحية كما ذكرت المنظمة أن الأحداث سيعانون من عدم توفير الوالدين أو المتوفين الرعاية لهم وقد يجبرون على ترك المدرسة والبحث عن عمل، مما يكون له اسوأ الضرر على الأسرة التي هي الأساس المكون للمجتمع، كما أن هناك عبئاً اقتصادياً أكبر في الرعاية نتيجة الإصابة بالمرض وتوفير الحلول المناسبة لوقاية المجتمع من تأثير المرض وحفظاً للتنمية من التراجع أو الاستقرار. ٭ كيف تقيمون دور التوعية والإرشاد في الحماية من هذا الوباء وهل لعقد الندوات المتخصصة في مجال الأنظمة والقوانين المتعلقة بالمريض دورٌ فعال في هذا المجال ؟ يقول المحامي العقلا إن الدول المتقدمة - بما فيها المملكة العربية السعودية - تسعى إلى تكثيف برامج التوعية والوقاية والإرشاد الموجهة إلى جميع الفئات في المجتمع وعبر مختلف القنوات الرسمية، والتي تعمل جميعها من أجل تحقيق الأهداف المرجوة، على الجانب الآخر تقوم الدول النامية أيضاً بجهود وبرامج وقاية وإرشاد وتوعية وإن كان ينقصها التخطيط والإعداد الجيد لكي تحقق أهدافها كما ينبغي، ولابد أن ندرك أنه يجب أن تكون هناك خطط بعيدة المدى تهدف إلى الحد من هذا الوباء سعياً بذلك إلى الحد من تلك النسب من الخسائر، لابد أن تتكاتف الجهود لنشر وتعميم الثقافة الوقائية من الأمراض، وليس لعقد المؤتمرات أو الندوات القانونية ذلك الأثر الذي تقدمه الندوات الطبية في هذا المجال . ونسأل الله أن يبعد عنا الأوبئة والأمراض وأن يحفظ مجتمعنا من مثل هذه الموبقات إنه سبحانه القادر على ذلك . فتاوى خاصة بمرضى الايدز يبقى علينا أن نتعرف على وضع مريض الإيدز الشخصي من وجهة نظر دينية لذلك وجهنا إلى ضيف تحقيقنا فضيلة الشيخ الدكتور عيسى بن عبد الله الغيث القاضي بوزارة العدل بعض الأسئلة التي تمس وتهم مرضى الإيدز والمتعاملين معهم : ٭٭ إذا أرادت الزوجة طلب التفريق من زوجها المصاب بمرض الإيدز فهل تحصل على التفريق بالطلاق أم بالخلع؟ وفي حال رفض الزوج تطليقها هل يأمر لها القاضي بالطلاق رغم ممانعة زوجها - دون أن يترتب عليها شيء - باعتبار أن مرضه معد، وأمل الشفاء منه ضعيف إن لم يكن معدوماً؟ أم أنها لن تحصل على التفريق إلا بالخلع في حال رفض زوجها تطليقها؟ أجاب د. عيسى الغيث بأن من الواجب ذكره هنا افتراض سمو العلاقات الزوجية ووجوب وقوف أحد الزوجين مع زوجه عندما يلم به مرض ونحوه، ولكن إن حصل مثل ذلك ورغب أحد الزوجين في الانفصال فإن كان الزوج فيملك الطلاق وإن كانت الزوجة فتملك الخلع عن طريق القضاء إن رفض الزوج التطليق، ولها حق رفع الطلب وللقضاء حينئذ النظر في مدى جواز تحقيق طلبها من عدمه، ولكن في مثل هذه الأمراض غالباً يحق للزوجة الانفصال، مع تكراري بأنه ينبغي وقوف الزوج مع زوجه في مثل هذه المحنة وعدم زيادة محنته بمثل هذا الطلب، مع التأكيد على عدم جواز تمكين المريض المعدي من المعاشرة. ٭٭ إذا تزوج رجل مصاب بالإيدز من امرأة مصابة بالإيدز، ما حكم منع الإنجاب تماماً في هذه الحالة ؟ يقول د. الغيث إن هذه المسألة تتعلق بمرجعية طبية من الناحية الشرعية في جواز مثل ذلك، فإذا ثبت طبياً حصول انتقال المرض المميت إلى الجنين فإنه ينبغي منع الضرر قبل حدوثه وذلك بمنع الإنجاب. ٭٭ ما حكم زواج مريض الإيدز من امرأة سليمة بغير علمها بمرضه قبل الزواج، وماذا لو حصل العكس أيضاً ؟ يذكر د. الغيث أن هذا الفعل يحرم للغش في مثل هذه الحالة كما يحرم المعاشرة لأنها تؤدي إلى إلحاق الضرر بالآخر، ففي حالة الزواج من حيث العقد ولوازمه فيجوز زواج المريض من الصحيح وعكسه ولكن بشرط علمه وإذنه حيث إنه ربما يكون بقصد العناية والرعاية الطبية والتقرب إلى الله بهذا الأمر، لكن تحرم المعاشرة بينهما ولو وافقا واتفقا عليها لأن فيها إلقاء بالنفس إلى الضرر والتهلكة. ٭٭ ما حكم جمع التبرعات لمرضى الإيدز لمساعدتهم على العلاج ؟ يؤيد د. الغيث هذه الفكرة ويقول إنه يستحب التبرع لمثل هذه الحالة وينبغي أن يرغب فيه وأن نساعدهم بأي وسيلة مستطاعة حتى ولو كان المرض بسبب حرام. ٭٭ وما حكم إعطاء الزكاة لمرضى الإيدز لمساعدتهم على العلاج الباهظ التكاليف؟ يقول القاضي الغيث : إذا كان المريض من العاجزين عن علاج أنفسهم فيعتبرون من مصارف الزكاة الثمانية سواء كانوا من الفقراء أو المساكين. توصيات عامة ٭٭ في كلمة أخيرة .. بماذا ينصح ضيوفنا المواطنين للوقاية من الوقوع في براثن هذا المرض الخطير ؟ يذكر سليمان القحطاني الأخصائي النفسي بعض التوصيات للوقاية من هذا المرض نذكر منها حاجتنا إلى إجراء الدراسات النفسية، والاجتماعية التي تتناول الإيدز بكل أبعاده النفسية، والطبية، والاجتماعية في مجتمعنا للتكشف عن الموقف الاجتماعي من مريض الإيدز - ولابد من الفحص الطبي قبل الزواج باعتباره حماية لكلا الزوجين - بالإضافة إلى تضمين مناهج المرحلة الإعدادية عن هذا المرض بطريقة تربوية قائمة على الأرقام، والصورة، والأسباب، والنتائج بعيدا عن النصح المباشر، والتخويف - والتوعية المستمرة عبر كل وسائل الإعلام دون خجل أو تردد - وإقامة وتخصيص مستشفيات خاصة لعزل هؤلاء المرضى عن المستشفيات العامة ولمرافقة المرضى والعناية بهم في المدن الرئيسة - كما ننصح بالابتعاد عن العلاقات الجنسية خارج الإطار الشرعي . - وعدم استخدام الحقن التي تستخدم من الغير (لمدمني المخدرات) - والحذر الشديد في عمليات نقل الدم . كما توصي الأستاذة هند الغصن بالتعفف عن العلاقات الجنسية غير الآمنة - وتجنب الحوادث التي تضطرنا إلى عمليات نقل الدم- وكذلك عدم المشاركة في استخدام الأدوات الجارحة كأدوات الحلاقة - وتجنب استعمال الأدوات الثاقبة للجلد كالإبر الصينية وأدوات الوشم أو ثقب الأذن إلا تحت إشراف طبي. ومن جهته يقول فضيلة القاضي الدكتور عيسى بن عبد الله الغيث أن ما نهى الله عن شيء إلا وفيه الضرر والشرر وما أمر بشيء إلا وفيه المصلحة والخير ويجب على جميع الشباب والفتيات الابتعاد عن مزالق الفتن وخصوصاً مقدماتها وعدم القرب منها فضلاً عن الوقوع فيها وما حرم الله شيئاً إلا وأباح بدله ففي الزواج الشرعي السعادة في الدارين ويجب علينا جميعاً التوعية والتوجيه والتحذير عن مثل هذه الأمور ومنع مقدماتها من إثارات الجنس عبر الوسائل الإعلامية ونحوها، والله المستعان. ٭٭ كلمة من المحررة : ٭ حاولنا الوقوف على أوضاع مرضى الإيدز المسجونين في المملكة من المواطنين والمقيمين من الجنسين للتعرف على معاناتهم والإجراءات التي تتخذ بحقهم، وكيفية معالجتهم ومعرفة حقوقهم «بحوارات عن طريق الهاتف معهم» لإكمال هذا الجانب من تحقيقنا .. لكن وزارة الداخلية لم ترد على طلبنا ! ٭ وكذلك لم ترد وزارة العمل على أسئلتنا المرسلة لها حول وضع العامل الذي يصاب بالإيدز وهو على رأس العمل، وعن الإجراءات التي تتخذ معه حالياً، وعن حقوقه !