استطاع القطاع المصرفي في دول الخليج أن يثبت متانة وضعه المالي، وتمكن من الوصول الى حالة من الاستقرار خلال العام الحالي، بعد ان راكم سيولة وحافظ على معدلات نمو مقبولة في الودائع. وتوقع رئيس بنك «المشرق» الاماراتي عبد العزيز الغرير، خلال مؤتمر «القطاع المصرفي العربي» الذي انطلق في دبي امس، ان تتمكن المصارف في منطقة الخليج من تحقيق معدلات نمو العام المقبل تتراوح بين 10 و15 في المئة وقد تصل الى 20 في المئة، لكن استبعد ان تتمكن من تحقيق ارباح تصل الى 30 في المئة كما كان الوضع في مرحلة ما قبل الازمة المالية العالمية. وعلى رغم بعض الأزمات التي أثرت على الأداء المالي للقطاع، أكد خبراء شاركوا في المؤتمر في تصريح الى «الحياة»، ان المصارف الخليجية تمكنت من جذب ودائع بقيمة 180 بليون دولار منذ اندلاع الازمة المالية العالمية عام 2008، بدعم من الأداء الاقتصادي الجيّد والفائض المالي للدول الخليجية نتيجة الارتفاع القياسي لسعر النفط العالمي، وعودة الحياة الى قطاعات السياحة والتجارة والخدمات. وأشاروا الى ان حجم المحفظة الائتمانية للبنوك الخليجية بلغ خلال النصف الاول من العام الجاري نحو 722 بليون دولار، بنسبة نمو بلغت 5.7 في المئة، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2010. واستطاع قطاع البنوك الخليجية زيادة محفظته الائتمانية بنحو 28 بليون دولار في النصف الاول من العام الجاري، لكن ما زالت المصارف في المنطقة مترددة في منح قروض لافراد وان بدأت بإقراض المؤسسات، لزيادة ارباحها وتحريك السيولة المتراكمة لديها. واستبعد الغرير ان تتاثر المصارف الخليجية عامة، والاماراتية خاصة، بأزمة الديون في اوروبا، على اعتبار ان الاقتصادات الخليجية تجاوزت الاسوأ وباتت في وضع جيّد، كما ان استثمارات المصارف في الخارج موجودة في قطاعات ذات مخاطر منخفضة. وأكد الغرير ان المصارف الخليجية تعلّمت دروساً من الأزمة، كذلك المصارف المركزية، التي كانت مترددة في اطلاق قوانين ولوائح تحكم عمل المصارف. وحضّ المصارف المركزية في المنطقة على اطلاق «مكاتب ائتمان وطنية» تحمي الاقتصاد الوطني والزبائن والمصارف، حيث تكون المصارف مضطرة الى توفير معلومات ائتمانية عن زبائنها لقاعدة بيانات مركزية. أكد الغرير ان «الطمع» في تضخيم الارباح ساد عمل المصارف خلال المرحلة الماضية، ما جعلها عرضة لأخطار. ودعا الخبراء خلال المؤتمر الى ضرورة وضع اللبنة الأولى لإنشاء سوق سندات لإدارة السيولة المتراكمة في البنوك المحلية، وعدم زيادة الكلفة عليها بتحميلها الفائدة على هذه السيولة، تنفيذاً لقرارات «بازل 3» التي توصي بوجود سوق سندات حكومية لاستيعاب سيولة المصارف، بعد أن ألزمتها زيادة الأموال التي تخصصها. وأشاروا الى ان تأسيس سوق للصكوك والسندات المحلية سيساهم في توسيع قاعدة التمويل للحكومات والشركات الحكومية وشبه الحكومية وشركات الفئة الأولى في القطاع الخاص.