تسعى السلطات الأفغانية الى ابرام اتفاق تدعمه الولاياتالمتحدة لمساعدة القرويين الافغان في الدفاع عن أنفسهم في مواجة مقاتلي طالبان. ويخشى كثيرون من الأفغان أن يفضي الاتفاق الى ظهور جيل جديد من الميليشيات المسلحة والخارجة على القانون. وترغب الولاياتالمتحدة في تطبيق الخطة، في اطار مشروع تجريبي في مقاطعة وردك، جنوبكابول، على وجه السرعة. وتعول على توسع نطاق التزام هذه الخطة لتسهم في قلب تمرد طالبان. والتمرد هذا يعرّض عمليات تموين حلف شمال الاطلسي للخطر، ويتهدد بإطاحة الانتخابات الرئاسية العام الجاري. ويزعم محمد حليم فيداي، حاكم وردك، أن تسليح الأهالي يساعد القرويين على الدفاع عن أنفسهم. فعدد رجال الشرطة قليل، وضيق الوقت لا يسمح بإعداد عناصر جديدة. لذا، ثمة ما يدعو الى ملء الفراغ. ولكن الوزارة المختصة لم تضع نظاماً لتحديد عدد الاشخاص الذين من المفترض الاستعانة بهم في كل قرية، ومصادر تمويلهم وتسديد رواتبهم. ولم تقترح اسماً يطلق على القرويين المسلحين. ووصفهم وليام وود، السفير الاميركي بأفغانستان، بأنهم"حرّاس المجتمع". ويطعن كثر في قدرة هذه القوات على الدفاع عن نفسها ضد مقاتلي طالبان المدربين جيداً، ويروعون أهالي القرى، ويعدمون المتعاطفين مع الحكومة، ويفرضون على الاهالي طاعتهم. ويدعو تسليح قوات غير نظامية وغير حكومية الى الحرج في أوساط المجتمع الدولي، بعد أن أنفقت ملايين الدولارات على نزع سلاح الميليشيات التي درجت على اضطهاد الناس العاديين وابتزازهم. وأعلن وود أنّ الولاياتالمتحدة لن تسلح أي جهة، بل ستزود الاهالي بأزياء رسمية خاصة بفرقهم، وبعض المعدّات الأخرى، وتتولى تدريبهم. وقال احد كبار المسؤولين في وزارة الداخلية ان وزارته ستحاول توفير الأسلحة من طريق إصلاح قطع السلاح القديمة. ورأى نائب رئيس منظمة نزع السلاح بأفغانستان، أن قوات الحرس"الاهلي"سيستخدمون أسلحتهم الخاصة. وهذه مناسبة لتسجيل هذه الاسلحة رسمياً. وينظر عدد كبير من الأفغان بعين الريبة الى ما من شأنه أن يبعث الاقتتال الداخلي الذي تفشى بأفغانستان في التسعينات، وعبّد الطريق أمام نشوء نظام طالبان الاصولي. ويُخشى أن تؤجج خطة تسليح الاهالي التوتر بين الأفغان. ففي الشمال، ألقى عدد كبير من قادة الحرب السابقين أسلحتهم. ومن المتوقع أن يُسلّح أهالي المناطق الجنوبية والشرقية بموجب الخطة الحكومية. والحق أن الوزارات الافغانية حريصة على عدم الوقوع في أخطاء الماضي. ففي 2006، أُعيد تأهيل الشرطة الافغانية بناء على خطة متسرعة انتهت إلى تجنيد رجال قليلي الخبرة وتسليحهم. وتبين أن معظمهم مدمن على المخدرات. وترمي الحكومة الافغانية وحلفاؤها الى تأطير قوات الدفاع في هيكلية واضحة تخضع لإشراف مجالس الشورى في كل قرية، أو المجالس التمثيلية التقليدية، تتولى التجنيد. ويرى نائب منظمة نزع السلاح بأفغانستان أن خطة الحكومة لن تفضي الى تسليح الميليشيات من جديد. فالأموال لن تدفع الى زعماء يتولون إنفاقها، ويستتبعون العناصر المسلحة، بل الى الحكومة، ما يعزز الولاء لها. وينظر ديبلوماسي غربي بعين القلق الى الخطة وتفاصيلها السطحية. ويتساءل عن منهج تعيين مجالس الشورى الرقيبة على العناصر المسلحة. عن جون بون،"فايننشل تايمز"البريطانية، 12/1/2009 نشر في العدد: 16728 ت.م: 21-01-2009 ص: 24 ط: الرياض