تحولت قضية الأسرى الأردنيين الأربعة الذين نُقلوا قبل سنة من السجون الاسرائيلية الى"الاستضافة الموقتة"في سجن أردني إلى قضية داخلية خلافية بين الحكومة من جهة والأسرى وذويهم، تدعمهم أحزاب معارضة ومؤسسات المجتمع المدني من جهة ثانية، بعدما رفضت الحكومة الاردنية الافراج عنهم، تنفيذاً لاتفاق أعلنته الحكومة السابقة عند ترحيل هؤلاء الأسرى. وكانت اسرائيل اعتقلت سلطان العجلوني وأمين الصانع وسليم وخالد أبو غليون، بعد قتلهم جنديين اسرائيليين في عمليتين منفصلتين عبر الحدود الأردنية، وحكمت عليهم بالسجن المؤبد قبل توقيع معاهدة السلام الأردنية - الاسرائيلية. إلا أنها أفرجت عنهم ووصلوا الى عمان في الخامس من تموز يوليو العام الماضي. وأكد وزير الدولة لشؤون الاتصال والاعلام ناصر جودة خلال مؤتمر صحافي التزام الحكومة التفاهم مع اسرائيل في خصوص الأسرى الأربعة، نافياً أن يكون هناك"اتفاق مكتوب بين الأردن واسرائيل". وأضاف أن هناك"تفاهماً في غالبيته شفهي من ضمنه مكالمات هاتفية... وما نزال نتابع التفسيرات القانونية". ودار سجال بين وزارة الخارجية التي تمسك ملف الأسرى مع صحيفة"العرب اليوم"التي نقلت عن لجنة أهالي المعتقلين أن وزير الخارجية صلاح البشير والسفير الاردني في تل أبيب علي العايد التقيا الأسرى وأبلغاهم بإلغاء الاتفاقية، وبأن الافراج لن يتم الا بموافقة اسرائيل حتى لا يؤثر القرار في مصير أسرى آخرين في السجون الاسرائيلية. ونفت وزارة الخارجية حصول مثل ذلك اللقاء. من جهته، اتهم الأسير سلطان العجلوني، أحد المشمولين بالصفقة، الحكومة"بالتراجع عن تطبيق اتفاقية الترحيل"، وأكد أن شقيقاً له التقى الوزير والسفير وأبلغاه بأن الاتفاقية لاغية وأن الافراج عن الاربعة رهن محادثات مع الجانب الاسرائيلي حتى لا يؤثر الأمر في محادثات أردنية - اسرائيلية للافراج عن 19 أسيراً ومعتقلاً أردنياً في السجون الاسرائيلية. وهذا ما أكده وزير الدولة لشؤون الاعلام والاتصال ناصر جودة الذي قال رداً على سوال ل"الحياة":"نتابع الملف بدقة وعيوننا على مصير الاردنيين الموجودين في السجون الاسرائيلية". ويصر الأسرى الأربعة على أن موافقتهم على الصفقة تمت على أساس ما نقله لهم السفير الاردني في تل أبيب من شروط أهمها الافراج عنهم بعد 18 شهراً أو الافراج عن أسرى عرب في قضايا مشابهة. وقال سطان العجلوني:"أبلغنا المدير السابق للأمن بأن فترة حبسنا ستكون بموجب القانون الاردني الذي يعتبر أن سنة الحبس تسعة شهور وليس 12 شهراً، كما في القانون الاسرائيلي". ويعتقد العجلوني بأن موعد الافراج الرسمي عنهم يجب أن يكون في 17 آب اغسطس المقبل، وهو ما تنفيه الحكومة. وبدأ السجال حول هذه القضية قبيل تنفيذ صفقة التبادل بين اسرائيل و"حزب الله"، إذ توقع الاسرى والرأي العام الافراج فوراً عن الأسرى الأربعة الذين أمضوا أكثر من سنة في"الاستضافة الاردنية". إلا أن جهات حكومية أرجأت الأمر الى حين عودة العاهل الاردني الملك عبدالله من زيارة كان يقوم بها الى الولاياتالمتحدة. لكن الافراج لم يتم، ما أثار تساؤلات حيال مصير الاسرى ونية الحكومة الافراج عنهم. وحاولت الخارجية الأردنية التنصل من وجود اتفاق مكتوب يحدد الصفقة وشروطها، إلا أن وزير الخارجية يؤكد وجود تبادل مذكرات بين وزارتي العدل الاردنية والاسرائيلية، مدعوماً بمحضر مكالمة هاتفية بين وزير الخارجية الأردني السابق عبدالاله الخطيب ونظيرته الاسرائيلية حول الصفقة. وأكد مسؤول أردني رفيع المستوى شارك في عقد الصفقة"وجود اتفاق مكتوب يسمح بالافراج عن الاسرى الآن". إلا أن مسؤولاً أردنياً آخر ألمح الى وجود خشية من"تعنت اسرائيلي بوقف المحادثات حول الأسرى الآخرين في السجون الاسرائيلية إذا أفرجت عمان عن الأسرى الأربعة قبل الموافقة الاسرائيلية أو قبل اتمامهم فترة 18 شهراً نصت عليها صفقة الترحيل". وأكد وزير سابق ل"الحياة"أن صفقة الافراج عن الأسرى الأربعة بُحثت في مجلس الوزراء في حينه، وتقرر أن يمضوا 18 شهراً في السجن الأردني. وتشير المصادر الى أن الجانب الاسرائيلي يتمسك بموقف شكلي ورد في اتفاقية الترحيل التي تنص على اطلاق الأسرى الاربعة إذا افرجت تل أبيب عن"أسرى عرب في قضايا مماثلة"، إذ تصر الخارجية الاسرائيلية على تفسير مغاير للاتفاقية. وتؤكد أن"صفقة التبادل مع حزب الله"شملت أسيراً واحداً سمير قنطار وليس"أسرى"في قضايا"الأيدي الملطخة بالدماء"، كما يحلو للاسرائيليين تسميتها. ونشطت لجنة اهالي الاسرى خلال الآونة الأخيرة في اصدار البيانات المنددة بموقف الحكومة وعدم تنفيذها تعهداتها.