كانت الولاياتالمتحدة ولا تزال منذ انتهاء الحرب الباردة تبرز نفسها في المحافل الدولية بصفتها راعية الشعوب والدول والأخ الأكبر للجميع بلا استثناء. وفي الحقيقة فإنها أصبحت فعلاً كذلك بسبب متغيرات ومعطيات دولية. لذا بات طبيعياً أن أي قرار أو اجماع دولي حيال مسألة معينة ينبغي أن يمر أولاً على ماكنة الرقابة السياسية الحساسة جداً في البيت الأبيض والبنتاغون للتأكد من مدى مطابقته للمواصفات التي تعتمدها أميركا في تعاملها الخارجي مع الآخرين والتي تقضي بوجوب أن تؤخذ مصالحها في الاعتبار في أي تحرك دولي؟ لقد انفردت الولاياتالمتحدة بالزعامة الدولية من دون منازع وهي تستحق ذلك لأن خواء عناصر القوة والارتكاز الإقليمي في الإيديولوجيات الحديثة يبرر ذلك طالما هناك أنظمة وحكومات عربية تسخر مواردها وامكاناتها لخدمة مصالحها لأن هذه المصالح أصبحت في هذه الأيام البطون الجائعة. ان اصطفاف الدول خلف الزعامة الدولية سيعود بالكثير من الفوائد والمزايا السلطوية على تلك الدول في المدى القريب، والإرهاب وهو المعني هنا كمصطلح دولي يصعب الاتفاق على مدلوله من الناحية التشريعية بسبب التناقضات بين مصالح الدول. فيما تخوض الولاياتالمتحدة مواجهة لا هوادة فيها ضد الإرهاب الدولي لا سيما بعد أحداث 11 أيلول سبتمبر وحرب العراق وأفغانستان معلنة بذلك اصراراً قل نظيره في التاريخ المعاصر على استئصال شأفة الإرهاب أينما وجد. إلا أن على الولاياتالمتحدة أن تنتهج أسلوباً أكثر جدية وفاعلية في التعامل مع الوتيرة المتسارعة للتطورات في الشرق الأوسط وأن تتخلى عن أنماط السلوك غير المشجع المتبع من قبلها أحياناً في التمييز بين الدول والشعوب المنكوبة كالشعب الكردي باعتباره ضحية الصراعات والمعادلات الدولية. إذاً لا بد من الركون الى عامل الاعتدال في تقرير حق الشعوب وعدم الانسياق وراء ايديولوجيات وسياسات لفئات معينة عند رسم خطوط التعامل مع الغير، فالاستمرار في ربط المصالح بالتوازنات الإقليمية مع ما في ذلك من تناقضات مبدئية لا يعود إلا بأفدح الأضرار على المجتمع الدولي، والبديل هو مراعاة الشرعية الدولية المستمدة من القانون الدولي والأعراف والمثل السامية بين الدول كعنصر من عناصر اتخاذ القرار السياسي والعسكري في حسم حق الشعوب. آريان ابراهيم شوكت - بريد الكتروني