لم يكن اليوم الأول من مطلع الأسبوع كما أيام الاثنين العادية. فلا زحمة سير على طرق العاصمة بيروت ولا حتى في شوارعها الداخلية، ولا على الطرقات التي تؤدي الى الجبل فالبقاع، بل فقط عند التقاطعات التي يتواجد عليها الجيش اللبناني من خلال حواجز شبه ثابتة وخلف الكثبان الرملية التي رفعها"حزب الله"على المستديرات والاوتوسترادات عند مداخل بيروت وفي قلب احيائها تحت شعار ما سماه ب?"العصيان المدني"، فيما خلع مسلحوه لباسهم العسكري واستبدلوه بآخر"مدني"، اخفوا تحته مسدساتهم وبقوا في الشوارع يراقبون ويرصدون ويتواصلون عبر اجهزة لاسلكية. لف الهدوء شوارع بيروت عقب توترات مسلحة ليلاً وفجراً في رأس بيروت وتحديداً في المناطق التي يتواجد فيها مسلحون تابعون ل"الحزب السوري القومي الاجتماعي"وخصوصاً منطقة الحمرا. وكانت قيادة الجيش عقدت ليل اول من امس، اجتماعاً مع مسؤولين في قوى المعارضة الرئيسة شارك فيه ممثلون عن حركة"امل"و?"حزب الله"و"القومي"و"حزب البعث العربي الاشتراكي"على خلفية شكاوى من الاهالي عن تزايد الانفلاش المسلح في الاحياء وفتح المكاتب الحزبية وتنظيم حواجز ليلية طيارة. وشدد مسؤولو الجيش على ضرورة انهاء هذا الامر خصوصاً ان الناس تسأل اذا كان الجيش تسلم مكاتب تعود لتيار"المستقبل"و"الحزب التقدمي الاشتراكي"، فلماذا يتم في المقابل السماح للمعارضة بحمل السلاح وفتح المكاتب الحزبية في العاصمة ما يشكل اعمالاً استفزازية تضاف الى الممارسات التي حصلت وتحصل، وذكرت مصادر امنية ان"حزب الله"و"امل"وعدا بالالتزام بانهاء الظهور المسلح. وفي اطار التحرك المدني ضد المسلحين، سجل امس، ادعاء كل من المواطنين: عمر أحمد فضل الله 73 سنة، لبناني، وأحمد وحسن أرزوني لبنانيان، رشيد الساحلي لبناني، محمد الحسيني لبناني وتوفيق أمين حيدر 65 سنة - فلسطيني، لدى فصيلة شرطة بيروت الإقليمية، على مسلحين مجهولين أقدموا على إطلاق النار في اتجاههم في محلة الكبوشية امام مطعم الشيخة في الحمرا، حيث كانوا في سيارة"دايوو"لون زيتي عائدين الى منازلهم وهم يعملون في مطعم بربر، ونتج من الحادث تحطم زجاج السيارة وإصابة ثلاثة بجروح طفيفة من شظايا الزجاج. وكان مدير مكتب قناة"الجزيرة"في بيروت غسان بن جدو، أفاد في اتصال مع"الوكالة الوطنية للإعلام"عن تعرض مصوري القناة في بيروت أيمن خضر المولى وماهر عادل المر لإطلاق نار من قبل مسلحين في شارع السادات في الحمرا عند الثالثة إلا عشر دقائق فجراً، ما أدى إلى إصابة الأول في يده اليسرى والثاني في كتف. وإذا كان بعض المؤسسات تجرأ على فتح أبوابه فان الأمر لم يشمل كل الأحياء، خصوصاً تلك التي تحولت الى"خطوط تماس"، وبقي المصرف المركزي محاصراً بالأسلاك الشائكة منعاً لأي اعتداء عليه. وتحولت مداخل بيروت"الغربية"التي رفع عليها مسلحو"حزب الله"الردميات الى مناطق مقفرة حتى من الذين ينفذون عصياناً مدنياً، عند تقاطع بشارة الخوري - السوديكو، وعند مستديرة الطيونة. اما على طريق المطار فبدا مناصرو المعارضة مطمئنين على كراسيهم قرب الساتر الذي رفعوه لقطع الطريق الى نجاح"المهمة"، على ان مطار الرئيس رفيق الحريري الدولي لا يزال يشهد حركة ملاحة جوية مقتصرة على الطائرات الخاصة، وحطت فيه طائرة تابعة لشركة"بساط الريح"امس، كانت تقل عضوي"كتلة التنمية والتحرير"النيابية انور الخليل وياسين جابر. وشيع مناصرو"حزب الله"في ضاحية بيروت الجنوبية الشاب حسين يوسف البرجي الذي سقط على محور كيفون ? القماطية ? عيتات، في وقت لملمت مدينة الشويفات دماء قتلاها ومنهم من أكدت وكالات أجنبية أنهم تعرضوا للتصفية. وأظهر النهار حجم الدمار الذي خلفه هجوم مسلحي"حزب الله"على المدينة عصر أول من أمس، في المنازل والممتلكات، وبدا انتشار الجيش في المنطقة خجولاً. وسجل أمس، تطور إيجابي على صعيد عمليات الخطف، إذ عاد بعد الظهر موظفو بلدية عاليه الأربعة الى منازلهم في المدينة بعدما كانوا اختطفوا الخميس الماضي في منطقة رأس الجبل، خلال تكليفهم بمهام وظيفية من قبل البلدية، وهم: ربيع مراد، وسام الريف، مجيد زحلان وبشير شهيب، وسلمهم الجيش الى رئيس بلدية عاليه وجدي مراد. وتابع الجيش انتشاره في بلدات بيصور وعيتات وعين عنوب وعاليه، وعزز نقاطاً تسلمها من المسلحين حيث جرت المعارك ، كذلك تسلم الطريق الدولية من عاليه الى المديرج مروراً ببلدات بعلشميه وبحمدون وصوفر ومنع حصول أي احتكاك على طول هذه الطريق. واستلم الجيش مركز"الحزب التقدمي الاشتراكي"في عاليه، ومركز وكالة داخلية المتن في الحزب في بلدة خلوات فالوغا. وتشيع منطقة المتن الأعلى اليوم ضحاياها الذين سقطوا في معارك الشويفات وهم في بلدة قبيع: الشيخان مالك يوسف زين الدين ووسيم شوقي زين الدين ومعن عادل أبو فخر الدين، وفي بلدة رويسة البلوط هيثم خداج وفي بلدة كفرسلوان كفاح حاطوم. وفي مقابل استمرار إغلاق المطار منذ مساء الأربعاء الماضي فإن إقفال بوابة المصنع الحدودية الى سورية استمر من قبل مناصرين ل"المستقبل"من أهالي مجدل عنجر، لكن توتراً أمنياً سجل في الصباح الباكر حين أقدمت مجموعة مسلحة مجهولة على إطلاق قذائف ال"أر بي جي"في اتجاه المصنع فاصابت شظاياها مكاتب الامن العام اللبناني والجمارك ورد مسلحو مجدل عنجر على النار بالمثل، وكان بعض المسافرين يحاولون العبور سيراً على الأقدام، ولم يتسبب الأمر بإصابات بشرية. وكانت"نقابة مزارعي وفلاحي البقاع"ناشدت، في بيان، الفعاليات البقاعية"فتح طريق المصنع أمام تصدير انتاجنا الزراعي الذي يقدر بأكثر من ألف طن بقيمة 500 ألف دولار يومياً وحمولة 30 شاحنة يومياً"، داعية"كل من يقف على الطرق الى ان يساعد على فتحها ويسهل مرور المزارعين الى حقولهم وأعمالهم لأن الزراعة تختلف عن القطاعات الأخرى، والمزارع لا يستطيع ان يغيب يوماً واحداً عن عمله". وإذ ترددت إشاعات كثيرة عن ان مسلحي"حزب الله"سيواصلون هجومهم على المناطق التي يتواجد فيها مناصرو الأكثرية بعد هجومهم أول من أمس على الجبل والشوف، وفي ظل الاحتقان الذي خلفه هذا الهجوم في القرى والبلدات المختلطة مذهبياً وسياسياً، تداعى رؤساء اتحاد بلديات السهل في البقاع الغربي والأوسط الى اجتماع في بلدة غزة خلص الى مناشدة الأهالي"تغليب لغة العقل ومنع الفتنة وإلغاء المظاهر المسلحة". وأرفقوا مناشدتهم بطلب فتح المطار وطريق المصنع على حد سواء. كما عقد في دار الفتوى في البقاع اجتماع برئاسة المفتي الشيخ خليل الميس للغاية ذاتها. وفي إقليم الخروب عقد مسؤولون في"الحزب التقدمي الاشتراكي"وبتوجيهات من النائب علاء الدين ترو، اجتماعات دورية مع عدد من الأحزاب والفاعليات الاجتماعية في قرى وبلدات الإقليم، بهدف تكريس"وحدة العيش المشترك، والحفاظ على السلم الأهلي، ووحدة الصف بين أبناء المنطقة، وعدم الانجرار وراء الإشاعات والغرائز والعصبيات". كما عقدت اجتماعات مماثلة من قبل الحزب مع مسؤولين في بلدات الجية وجون والوردانية لتجنيب قرى وبلدات الاقليم"أي خضات أمنية وترك كل الأمور لسلطة الجيش اللبناني وحده المسؤول عن حماية المواطنين وأمنهم ومعالجة اي حادث يطرأ". وعلى رغم انتشار الجيش اللبناني في مدينة طرابلس، سجّل إطلاق نار في مناطق بعل المحسن وباب التبانة بعيد الظهر، وترددت أنباء ثبت عدم صحتها، عن تجدد الاشتباكات واستخدام مدافع الهاون. وواصل الجيش انتشاره بين القبة وجبل محسن. وأكد رئيس العلاقات السياسية في"الحزب العربي الديمقراطي"رفعت علي عيد ان"العلويين لن يسمحوا بأي فتنة سنية - علوية". وقال في حديث تلفزيوني ان"الخمسين ألف علوي المتواجدين في جبل محسن مستعدون ان يصبحوا خمسة وعشرين ألف إذا مس بكرامتهم". وأعلن النائب السابق صالح الخير، في مؤتمر صحافي حصول إطلاق نار فجر امس،"على الطريق الدولي وعلى مقربة من منزلي في المنية، ثم استتبع باطلاق قذيفة"ار بي جي"اخترقت منزلي في الطابق العلوي وانفجرت على الحائط الداخلي. وامام هذا الفلتان الامني اطالب الدولة بتحقيق سريع لكشف الملابسات وتحديد المسؤوليات، وكفى متاجرة بلبنان وشعبه من قبل السياسيين". واستنكر عضو كتلة"المستقبل"النائب هاشم علم الدين، في تصريح ما حدث لمنزل الخير، وقال انه أجرى لهذه الغاية اتصالا به وتشاورا في الدعوة الى التهدئة. وعقد الشيخ داعي الإسلام الشهال مؤتمراً صحافياً طالب فيه ب?"إطلاق النفير العام لتنظيم الطائفة السنية وتوحيد جهود أبنائها لدرء الأخطار المحدقة ومعالجة الأضرار والجراح النازفة حتى استعادة هيبتها ورفع الظلم عنها".