الفرصة لاتزال مهيأة لهطول الأمطار على جازان وعسير والباحة ومكة    ليس الدماغ فقط.. حتى البنكرياس يتذكر !    البثور.. قد تكون قاتلة    قتل أسرة وحرق منزلها    أمريكا.. اكتشاف حالات جديدة مصابة بعدوى الإشريكية القولونية    مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة يرحب باعتماد الجمعية العامة قرار سيادة الفلسطينيين على مواردهم الطبيعية    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على انخفاض    هيئتا "السوق المالية" و"العقار " توقعان مذكرة تفاهم لتنظيم المساهمات العقارية    الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي يدعو الدول الأعضاء إلى نشر مفهوم الحلال الأخضر    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    أمين الأمم المتحدة يؤكد في (كوب 29) أهمية الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية    إصابات بالاختناق خلال اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي بلدة الخضر جنوب بيت لحم    «خدعة» العملاء!    جرائم بلا دماء !    الخرائط الذهنية    الرياض تستضيف النسخة الرابعة لمنتدى مبادرة السعودية الخضراء    «قمة الرياض».. إرادة عربية إسلامية لتغيير المشهد الدولي    الحكم سلب فرحتنا    عبدالله بن بندر يبحث الاهتمامات المشتركة مع وزير الدفاع البريطاني    احتفال أسرتي الصباح والحجاب بزواج خالد    الشؤون الإسلامية في منطقة جازان تقيم مبادرة توعوية تثقيفية لبيان خطر الفساد وأهمية حماية النزاهة    مدارسنا بين سندان التمكين ومطرقة التميز    6 ساعات من المنافسات على حلبة كورنيش جدة    في أي مرتبة أنتم؟    الشؤون الإسلامية بجازان تواصل تنظيم دروسها العلمية بثلاث مُحافظات بالمنطقة    باندورا وعلبة الأمل    عاد هيرفي رينارد    لماذا فاز ترمب؟    علاقات حسن الجوار    الصين تتغلب على البحرين بهدف في الوقت القاتل    فريق الرؤية الواعية يحتفي باليوم العالمي للسكري بمبادرة توعوية لتعزيز الوعي الصحي    هاتفياً.. ولي العهد ورئيس فرنسا يستعرضان تطورات الأوضاع الإقليمية وجهود تحقيق الأمن    القبض على (7) مخالفين في جازان لتهريبهم (126) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    خالد بن سلمان يستقبل وزير الدفاع البريطاني    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    مركز صحي الحرجة يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للسكري"    إجتماع مجلس إدارة اللجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية    «الداخلية» تعلن عن كشف وضبط شبكة إجرامية لتهريب المخدرات إلى المملكة    أمير المدينة يلتقي الأهالي ويتفقد حرس الحدود ويدشن مشروعات طبية بينبع    انطلاق المؤتمر الوزاري العالمي الرابع حول مقاومة مضادات الميكروبات "الوباء الصامت".. في جدة    الأمير عبدالعزيز بن سعود يرأس اجتماع الدورة الخمسين للمجلس الأعلى لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية    انعقاد المؤتمر الصحفي للجمعية العمومية للاتحاد الدولي للخماسي الحديث    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    ذلك «الغروي» بملامحه العتيقة رأى الناس بعين قلبه    بحضور الأمير سعود بن جلوي وأمراء.. النفيعي والماجد يحتفلان بزواج سلطان    198 موقعاً أثرياً جديداً في السجل الوطني للآثار    أفراح النوب والجش    استعادة التنوع الأحيائي    تعزيز المهنية بما يتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030.. وزير البلديات يكرم المطورين العقاريين المتميزين    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 23 إلى لبنان    الخليج يتغلّب على كاظمة الكويتي في ثاني مواجهات البطولة الآسيوية    استعراض جهود المملكة لاستقرار وإعمار اليمن    فيلم «ما وراء الإعجاب».. بين حوار الثقافة الشرقية والغربية    كم أنتِ عظيمة يا السعوديّة!    مقياس سميث للحسد    أهميّة التعقّل    د. الزير: 77 % من النساء يطلبن تفسير أضغاث الأحلام    إضطهاد المرأة في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوتين يعود الى السلطة من "نافذة" التحالفات ... ورئاسة مجلس الوزراء . الانتخابات الرئاسية الروسية ... شكليات ديموقراطية لمبايعة مقنّعة
نشر في الحياة يوم 28 - 02 - 2008

أثارت حملة انتخابات الرئاسة في روسيا تجرى الأحد المقبل، تساؤلات أكثر مما قدمت من الأجوبة، حول مستقبل البلاد ومنحى تطور الأوضاع فيها لاحقاً وأيضاً طبيعة علاقاتها المنتظرة بعد عملية نقل السلطة، مع جيرانها القريبين ومع العالم من حولها.
والأسئلة الكثيرة التي لا تجد أجوبة بعد، ليس سببها غموض في البرامج المطروحة أو الشعارات التي تتردد على ألسنة المسؤولين والمرشحين، ولا حتى التركيبة المقبلة لمطبخ اتخاذ القرار في روسيا... فهذه كلها أمور حسمت منذ وقت طويل، وتحديداً منذ أن أعلن الرئيس فلاديمير بوتين دعمه مرشحاً كان حتى شهور قليلة ماضية، صاحب الحظوط الأقل في التنافس على كرسي الرئاسة في الكرملين.
ما يثير الدهشة، طبيعة الحملة الانتخابية ومغزاها السياسي في مرحلة دقيقة وحساسة بالنسبة الى روسيا والفضاء السوفياتي السابق كله، فإذا كان من الممكن تلخيص مجريات المرحلة التحضيرية للانتخابات بعبارة واحدة، يكفي القول إن ما سيسجل عن هذا الاستحقاق الرئاسي أنه كان أغرب انتخابات يخوضها الروس وأكثرها هدوءاً وربما مللاً!
وهي أعادت إلى الأذهان كثيراً من العبارات التي تحفظها الذاكرة الجمعية للروس، مثل: ليس المهم من سيذهب للتصويت بل من سيحسب الأصوات!
أي أن مرشح الكرملين ديمتري ميدفيديف سيحصل على نحو 70 في المئة من أصوات الناخبين يوم الأحد المقبل، أما الباقي فهو مجرد تفاصيل. وربما يحافظ زعيم الحزب الشيوعي غينادي زيوغانوف على المرتبة الثانية بأصوات 10 إلى 13 في المئة من مجموع الناخبين، لتسجل روسيا أن قوى اليسار ما زالت حية وتشكل ثقلاً في المجتمع. وربما تأتي مفاجأة الانتخابات الوحيدة المنتظرة على شكل ضربة ساحقة للشيوعيين هي الثانية والقاضية بعد تراجع مواقعهم في انتخابات الهيئة الاشتراعية في نهاية العام الماضي، ووفقاً لهذا السيناريو قد يحل الزعيم القومي المتطرف فلاديمير جيرينوفسكي ثانياً، وفي هذه الحال تكون روسيا سارت نهائياً على طريق تعزيز مواقع"حزب السلطة وشركائه"وقطعت نهائياً الطريق على كل معارضة سواء كانت يسارية أو يمينية لعشر سنوات مقبلة على الأقل كما يقول الخبراء.
وبعيداً من التفاصيل تبقى الأهم طبيعة الاستحقاق، إذ سيكون من الصعب على كثيرين أن يجيبوا بثقة عن سؤال: هل جرت بالفعل انتخابات رئاسة في روسيا؟ فجوهر الحملة الجارية هو ذاته، إذ سيحصل ميدفيديف على غالبية ساحقة من الأصوات، وعلى رغم أن علماء الاجتماع قلصوا التوقعات قليلاً في الأسبوع الأخير، وپ"تراجعت"أرقام ميدفيديف لتقف لتراوح بين 67 و69 في المئة، فإن هذه النتيجة المفهومة لجهة أن بوتين حصل على نسبة مماثلة في انتخابات الرئاسة السابقة، تبقى على غموض حول المغزى السياسي لمنح ميدفيديف النسبة نفسها حالياً! لأن السؤال المطروح بقوة الآن في الأوساط السياسية والإعلامية يدور حول آلية اتخاذ القرار في الدولة بعد الانتخابات وهل يمكن الجمع في مطبخ السياسة بين رأسين قويين مهما بلغت درجة"الثقة بالصديق الذي عملت معه لسنوات طويلة"كما قال بوتين عن خليفته! في هذا الإطار تبدو الملصقات العملاقة التي انتشرت على واجهات الفنادق والمجمعات التجارية في العاصمة الروسية وغيرها من المدن الكبرى وتجمع الرجلين في صورة واحدة، لافتة إلى درجة دفعت بعض الإعلاميين إلى التذكير بصور ماركس وإنغلز في العهد السوفياتي، وهي تهدف إلى حض الروس على منح ثقتهم لمرشح الكرملين. لكن الأمور ليست بهذه البساطة كما يقول الخبير الكسندر اوسلون مدير معهد دراسات الرأي العام، لأن الكرملين برأيه"لا يعمل على النتيجة فهذه مضمونة!"بل يسعى إلى تعزيز صورة ميدفيديف في أذهان المجتمع كخليفة للنهج نفسه، وأن سياساته ستكون امتداداً لعهد بوتين، والأهم من ذلك هي رسالة إلى النخب السياسية والاقتصادية بضرورة بناء علاقات تعاون مع الرئيس المقبل.
وكي تفهم طبيعة العلاقة المقبلة بين مركزي السلطة في روسيا لا بد من تتبع خطوات ميدفيديف خلال الأسابيع الأخيرة، والحركة النشطة التي قام بها في الأقاليم الروسية، وپ"لم يسع من خلالها إلى زيادة فرصه فهذا أمر لا يقلق أحداً"بل إلى تحقيق هدفين أساسيين: أولاً التعرف من قرب الى الأوضاع في الأقاليم وهذا مهم لرئيس ظل حتى الآن ظلاً لرئيس قوي يهتم بمعرفة كل التفاصيل، والأمر الثاني هو فتح قنوات اتصال مباشرة مع النخب الاقتصادية في المناطق البعيدة. والمهمة الأساسية التي وضعت أمام ميدفيديف بحسب بعضهم، أن يجمع بين مظهر الرجل الحازم القادر على اتخاذ قرارات صعبة والتصدي للمشكلات المطروحة، وفي الوقت نفسه أن يكون زعيماً شعبياً قريباً من هموم الناس، ما يعني أن المعادلة الصعبة التي أراد الكرملين تحقيقها بعدما دفع ميدفيديف الى الواجهة هي أن يتحول في نظر المواطنين إلى شخصية مستقلة من دون أن يتجاوز الخط الأحمر الأساسي والمقصود هنا التحالف مع بوتين. وقد أتضح ذلك من خلال الخطاب الذي اعتمده المرشح خلال الأسابيع الأخيرة، فهو انتقل من التركيز على عبارات"مواصلة النهج"وپ"الحفاظ على الاستقرار الحالي"إلى استخدام مصطلحات"ثورية"مثل"التحديث"وپ"تطوير الأداء"...
وحتى عندما طرح مرشح الكرملين خطته الاقتصادية لولايته التي تمتد أربع سنوات، في كراسنايارسك قبل أسبوعين، تعمد تقديم نفسه زعيماً ليبرالياً وتحدث بإسهاب عن الحرية والديموقراطية كوسيلة أساسية لتطوير اقتصاد السوق. وذهب إلى وعود مباشرة بتقليص الضرائب وإدخال تعديلات هيكلية تحظر على رجال الدولة تولي مناصب قيادية في الشركات الحكومية الاحتكارية الكبرى كما هي الحال حالياً. ولعب على الوتر الأهم حالياً وهو مسألتا استقلال القضاء والفساد المستشري. لكنه في الوقت ذاته تجنب التركيز فقط على الإصلاحات الليبرالية كي لا يظن أحد أنه سيبتعد عن هموم المواطنين المباشرة، فأقحم بنوداً تركز على الهموم المعيشية والاجتماعية للمواطنين.
والاستخلاص الذي ذهب إليه كثيرون أن ميدفيديف حصل على صورة الزعيم المقبل الذي تجمع عليه النخب السياسية والاقتصادية، لكن السؤال المطروح بقوة يتعلق بطبيعة توزيع الأدوار مع بوتين خلال المرحلة المقبلة، وهذه المسألة ستكون لها أهمية قصوى في حسابات السياسة الداخلية والخارجية، مهما بلغت حرارة التأكيد بأن النهج الحالي سيستمر من دون تعديلات. والمهم برأي بعضهم كيف ستكون تركيبة الحكومة المقبلة، إذ يبدو أن السيناريو المطروح هو تسلم بوتين رئاسة الوزراء ليغدو المحرك الأساسي لكل السياسات في بلد حرص مركز السلطة فيه منذ عهد الرئيس السابق بوريس يلتسن على تجميع القرار بيد الرئيس وحده. ويبدو أن معادلة كهذه ستكون حساسة وصعبة على رغم أن كثيرين يستبعدون تحولها إلى منافسة من أي نوع بين صاحبي القرار الأساسيين.
وبالعودة إلى الحملة الانتخابية ذاتها، يشار الى أن المعارضين يعتبرون أن الدولة سخّرت كل طاقاتها لإبراز مرشح الكرملين فيما بدا أنه بيعة ولاء تقدمها روسيا بدفع من الرئيس بوتين لخليفته. واستخدم في الدعاية الانتخابية كل نجوم روسيا في الفن والعلوم والرياضة والفضاء والعسكريين... كلهم ظهروا على شاشات التلفزة وعلى لافتات الدعاية الانتخابية ليقولوا عبارة واحدة غدت كلمة السر في انتخابات 2008: من أجل مستقبل روسيا أمنح صوتي لميدفيديف! وأكثر من ذلك، تعمد الكرملين حشد تأييد حزبي لا سابق له لميدفيديف في ما بدا أنه خطة للقضاء نهائياً على أي نشاط لأحزاب المعارضة في روسيا برأي أنصار الحزب الشيوعي. وظهر ذلك من خلال الإعلان فجأة خلال الأسبوع الأخير، عن انضمام حلفاء سابقين للشيوعيين إلى الأحزاب التي تدعم ميدفيديف كما حدث مع حزب"وطنيو روسيا"برئاسة غينادي سيميغين، أحد رفاق زيوغانوف سابقاً، والذي شارك في الانتخابات البرلمانية الأخيرة من دون أن يحقق فوزاً. واعتبر الحزب في قراره أن ميدفيديف"حدد بشكل دقيق الهدف الاستراتيجي الرئيسي لبلدنا". وحض المرشح على العمل"من أجل وقف ارتفاع أسعار الخدمات والسلع الأساسية، والمصادقة على برنامج لمكافحة الفساد وتنفيذه، وحل قضايا الملكية والإيرادات، وكذلك جعل الرعاية الصحية من المهمات الرئيسية في روسيا".
وعلق رئيس الحزب على قرار"الوطنيين"حول الانضمام إلى نادي مؤيدي ميدفيديف، بالقول:"نؤيد ترشيح ميدفيديف، لأنه أفضل من بوغدانوف، وزيوغانوف، وجيرينوفسكي. فهو شخص مؤهل سياسياً، يفهم الاقتصاد، ولديه خبرة عمل جيدة".
ومن المنتظر أن يعقد خلال اليومين المقبلين مؤتمر"الخيار الاشتراكي الروسي"الذي يهدف إلى تشكيل ائتلاف واسع من القوى اليسارية. وتخفي تحركات الأحزاب اليسارية الصغيرة قراراً"بشطب"الحزب الشيوعي من المعادلة خلال المرحلة المقبلة وإحلال تكتل"اشتراكي ديموقراطي"بديلاً منه.
أما على صعيد المواطنين الروس فسادت حال لا مبالاة لا سابق لها في التعامل مع الاستحقاقات الانتخابية. وباستثناء التعليقات الساخرة على المعارك المفتعلة التي نظمها المرشح القومي جيرينوفسكي خلال المناظرات التلفزيونية التي غاب عنها مرشح الكرملين أصلاً، خلا حديث الروس من الحملة الانتخابية وكأنها لا وجود لها. وبدلاً من التركيز على برامج المرشحين توقفت التعليقات عند مشاجرات جيرينوفسكي على الهواء مباشرة مع المعارضين الآخرين وكيف أنه أمر حراسه بپ"إعدام" أحد محاوريه من ممثلي المرشح اليميني أندريه بوغدانوف"رمياً بالرصاص". أما الأخير فكان وضعه أسوأ عندما حاول الدفاع عن توجهاته الليبرالية الأوروبية وتعهد بضم روسيا في أسرع وقت إلى الاتحاد الأوروبي، في حين كانت وسائل الإعلام تتناقل بيانات دخله المقدمة إلى لجنة الإنتخابات المركزية وهي تشير إلى أنه يقبض راتباً شهرياً منذ سنوات من حزب"روسيا الموحدة"الحاكم!
وغدا المشهد أشبه بپ"مسرحية هزلية"كما قال غينادي زيوغانوف الذي يتهم بدوره بأنه شارك في الانتخابات تحت تأثير ضغوط الكرملين الذي أراد منح الاستحقاق بعداً"ديموقراطياً"، لكنه جاء"باهتاً وخالياً من الإثارة"، كما قال أحد مديري مراكز دراسات الرأي العام:"إعادة حرفية لتقنيات المبايعة التي تعرفها جيداً دول كثيرة في العالم".
الحزب الشيوعي في أسوأ مرحلة
يمر الحزب الشيوعي الروسي بأسوأ مراحله خلال الحملة الرئاسية الحالية، وبعدما تلقى خلال انتخابات الهيئة الاشتراعية نهاية العام الماضي ضربة قوية، يبدو أن التفكك في معسكر اليساريين الروس سيأخذ بعداً أوسع بعد الاستحقاق المقبل. وعلى رغم أن الحزب الشيوعي هو الوحيد بين أحزاب المعارضة الذي يمتلك رصيداً شعبياً وبرنامجاً متكاملاً لإدارة البلاد إضافة إلى فرق عمل في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والعلمية كما يؤكد قادة الحزب، لكن الواضح أن تطورات السنوات الأخيرة والتحالفات الجديدة التي أدارها الكرملين مع أحزاب يسار الوسط، بدأت تتخذ طابعاً يوحي بأن روسيا ستدخل المرحلة الجديدة معلنة"طلاقاً كاملاً ونهائياً"مع رموز العهد السوفياتي وأهمها الحزب الشيوعي الذي يرفض بقوة تغيير اسمه أو شعاراته حتى الآن.
ويتلخص البرنامج الانتخابي للحزب في عشرين بنداً تبدأ بخطة لمكافحة الأزمة الديموغرافية وتقلص تعداد السكان العائدة الى روسيا سنوياً، وأيضاً إعادة فرض سيطرة الدولة على القطاعات الحيوية وثروات البلاد في عمليات تأميم جديدة، وأيضاً إعادة بلايين الدولارات العائدة الى صندوق الاستقرار الروسي من المصارف الأميركية إلى روسيا، وإجراء إصلاحات جذرية في قوانين الانتخاب. وتحل القضايا الاجتماعية المعيشية في مكان متقدم من البرنامج المطروح إذ يتطلع الشيوعيون إلى تنفيذ خطة إستراتيجية لمحاربة الفقر تشتمل على إعادة النظر بقوانين معمول بها حالياً، ودعم قطاعات العلوم والتسلح.
باختصار كما يقول باحثون في مراكز الرأي العام، البرنامج يعني"العودة إلى اتحاد سوفياتي صغير".
مرشح يقبض من حزب منافسه!
لا يكاد أحد، داخل روسيا أو خارجها، يعرف المرشح اليميني لانتخابات الرئاسة أندريه بوغدانوف ، فهو لم يلعب دوراً سياسياً في أي مرحلة على رغم أنه حالياً رئيس أعرق الأحزاب اليمينية في البلاد وهو غدا رئيساً للحزب الديموقراطي الروسي قبل أعوام وبعدما تفكك الحزب وخرجت منه قيادات معروفة مثل رئيس الوزراء الأسبق ميخائيل كاسيانوف الذي رفضت لجنة الانتخابات المركزية ترشيحه لخوض الانتخابات الحالية. ويكفي الإطلاع على مسيرة بوغدانوف لإضافة فصل جديد إلى المشهد العام في روسيا المقبلة على انتخاب رئيس الدولة، ففيها من الغرائب ما لا يقل عن بقية تفاصيل المشهد العام.
تخصص بوغدانوف في"صناعة الأحزاب"وبيعها للراغبين منذ السنوات الأولى بعد انهيار التحاد السوفياتي، وكان حينها شاباً ناشطاً في حركة يمينية طلابية، لكنه اختار هذا"البزنس"الذي كان رائجاً في البلاد بقوة، وهو متخصص في"تشطيب العملية وتسليم الحزب مسجلاً رسمياً وجاهزاً للعمل"أي كما يقال بلغة المقاولات"المفتاح في اليد"وقال في إحدى المقابلات الصحافية قبل سنوات:"ليس المهم طبيعة الأهداف أو أيديولوجيات الحزب الذي نقوم بتسجيله فالأهم أن نلبي طلب الزبون". وهذا النشاط كان مجزياً مادياً خصوصاً في حال كان"الزبون"الديوان الرئاسي الروسي مثلاً كما حدث عام 2000 عندما أسهم بوغدانوف في تأسيس حزب"روسيا الموحدة"الحاكم حالياً.
وكشف بوغدانوف عام 2005 أحد"أسرار المهنة"عندما قال في لقاء صحافي:"لا أحد في روسيا الآن مستعد للتعامل مع مسألة تأسيس حزب مقابل أقل من مليون دولار"وهو ترأس اللجنة الانتخابية لحزب السلطة في انتخابات عام 2000، وفي الوقت ذاته كان يتدرج في المناصب في الحزب الديموقراطي الروسي حتى انقلب عام 2006 على كاسيانوف وغدا رئيساً، وقيل حينها أن ثمة من"دفع أكثر"في مقابل إبعاد كاسيانوف عن رئاسة الحزب.
وأشارت الأصابع آنذاك إلى الكرملين، ومنذ عام 2006 بدأ بوغدانوف بلعب دور الزعيم اليميني المعارض، واعتبر أن المهمة الأساسية"دخول القوى اليمينية إلى البرلمان عام 2007"وإلا"لا مكان لها في الحياة الحزبية لروسيا بعد الآن".
وأعلن أكثر من مرة انخراطه في نشاط ماسوني، وقال إنه لن يترك المحفل في حال انتخبه الروس رئيساً، لأن"الماسونية لا تمتلك توجها أيديولوجيا سياسياً بل فضاء روحياً للتخاطب مع الناس المشغولين بهموم النفس البشرية". ويعد حالياً من أشد أنصار اندماج روسياً في المجتمع الأوروبي وقال لپ"الحياة"إن أول ما سيفعله رئيساً أن يضم بلاده إلى الاتحاد الأوروبي. والمثير أنه عقد مؤتمر حزبه الترشيحي لهذه الانتخابات على حلقتين الأولى في بروكسيل والثانية في موسكو، لكن الأكثر إثارة أن كشف دخله السنوي المقدم إلى لجنة الانتخابات المركزية عندما تم تسجيله مرشحاً تضمن بنداً يشير إلى أنه يقبض راتباً شهرياً من حزب"روسيا الموحدة"الذي يدعم"منافسه"ديمتري ميدفيديف.
جيرينوفسكي متمسك بدور ... المهرج
يبدو المرشح القومي المتطرف فلاديمير جيرينوفسكي أكثر الشخصيات إثارة في هذه الانتخابات، فالسياسي الذي لعب دور"المهرج"في كل انتخابات خاضها، تعمد ألاّ تكون هذه الانتخابات استثناء، وتكفي قراءة برنامجه الانتخابي المعلن ليلاحظ المراقب مزيجاً من التلاعب بقضايا الناس، وخليطاً غريباً من الأفكار الشيوعية والقومية المتطرفة يسودها التناقض والارتجال. وحتى أسلوب صوغ البرنامج حمل طابعاً"هزلياً"لينسجم مع شخصية السياسي المثير للجدال دائماً. وفي ما يأتي البنود المعلنة لوعود جيرينوفسكي في حال فوزه بالرئاسة كما وردت حرفياً:
1 - كل من راكم ثروات غير شرعية سيكون عليه إعادتها أو قضاء بقية حياته في السجن.
2 - الحكم المؤبد بالسجن ينتظر كذلك كل الفاسدين.
3 - سيتم إعادة النظر بعمليات الخصخصة العشوائية ونعيد ما سرق من الدولة.
4 - زيادة رواتب المتقاعدين وتحسين أوضاعهم.
5 - سكن لكل محتاج خلال ثلاث سنوات.
6 - الصحة والتعليم مجاناً للجميع.
7 - محاربة الفقر باستخدام ثروات روسيا الطبيعية.
8 - لكل فقير نصف هكتار من الأرض مجاناً.
9 - إلغاء امتحانات القبول في الجامعات.
10 - إعفاء المواطنين من سداد ديونهم للدولة.
11 - إعفاء المزارعين من الضرائب المتراكمة.
12 - إعادة أبناء القومية السلافية المهاجرين من روسيا.
13 - تنظيف شوارع روسيا من المشردين والمتسولين وبنات الهوى.
14 - كل الصناعات الثقيلة تحت سيطرة الدولة.
15 - سياسة صارمة لمراقبة مبيعات الكحول والدخان والسكر.
16 - حرمان جيران روسيا من الأسعار التفضيلية للمواد الخام.
17 - وقف استيراد السلع ذات النوعيات المتدنية.
18 - إعدام مزوري الدواء والمشروبات الروحية.
19 - وقف تمدد حلف الأطلسي شرقاً.
20 - تدمير مستودعات المخدرات ووقف تسربها إلى روسيا.
21 - إصلاح الطرق.
22 - لكل مراهق من أبناء العائلات الفقيرة دراجة هوائية مجاناً.
23 - رفع القيود عن خدمة الفتيات في الجيش.
24 - برنامج مجاني للعلاج من العقم على نفقة الدولة.
25 - لكل معوق سيارة لذوي الاحتياجات الخاصة مجاناً.
26 - أسعار مخفضة على القطارات والطائرات لمناطق الشرق الأقصى.
27 - متجر خاص بأسعار مخفضة في كل مدينة للمتقاعدين.
28 - مأوى ليلي ووجبة طعام للجائعين والمشردين في كل مدينة وقرية.
29 - حظر الأحزاب اليسارية والموالية للغرب.
30 - إنترنت في كل بيت.
31 - إغلاق نوادي القمار والملاهي الليلية.
32 - مد الغاز الى البيوت مجاناً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.