خسرت موسكو وبلغراد الجولة المعركة في كوسوفو. وعليهما الإقرار بالخسارة، وإعداد الخطوات الآتية، والتأني في الرد، وتجنب خطوات عبثية من غير طائل، على غرار الهجمات على البعثات الديبلوماسية الأجنبية بصربيا، أو تصريحات روسية نارية توتر الموقف، وتسيء الى سمعة روسيا وديبلوماسيتها. والحق ان موسكو وبلغراد نجحتا في تقليص أهمية استقلال كوسوفو، وفي تجنب عزلة دولية كانت واشنطن تسعى اليها. وأيدت دول كثيرة موقف روسيا، ومنها قادة دول الرابطة المستقلة، ورفضت الاعتراف بالدولة الوليدة. وعلى موسكو وبلغراد التأني والحرص على عدم خسارة أوراق كسباها في معركة استقلال كوسوفو، وتجنب انتهاج ديبلوماسية ملتبسة المعالم تربك إدارة ملف كوسوفو، وتقر بالأمر الواقع الجديد المترتب على الاستقلال. ومثل هذه الاستراتيجية الملتبسة تحرم موسكو توظيف ما كسبته في ملف كوسوفو، في ملفات أخرى، على غرار واردات الطاقة إلى أوروبا، والعلاقات بالجمهوريات السوفياتية السابقة، والدرع الصاروخية الأميركية المزمع نشرها ببولندا وتشيكيا. وتقوض التصريحات والتهديدات العبثية التي تتردد على ألسنة السياسيين، منذ إعلان استقلال الإقليم، موقف روسيا. وقد تحمل المخاوف الأوروبية من رد"عسكري روسي طائش على استقلال كوسوفو"، على ما يقول بعضهم، دولاً أوروبية على العدول عن معارضة مشروع التوسع العسكري الاميركي بأوروبا. وخلاصة القول أن موسكو وبلغراد لن ترضيا بانفصال كوسوفو التعسفي. ولكن هذا الاستقلال غدا أمراً واقعاً، وجزءاً من المشهد السياسي الجديد بأوروبا والعالم. وعلينا مواجهة هذا الواقع عوض تجاهله واعتبار أنه لم يكن وحسب. عن يوليا بيتروفسكايا،"نيزافيسيمايا غازيتا"الروسية، 26/2/2008