بلغت روسياوالولاياتالمتحدة مرحلة الاقرار بانتفاء الحلف الاستراتيجي بينهما. والدليل على ذلك هو انتقاد الرئيس فلاديمير بوتين ووزير الدفاع سيرغي ايفانوف بميونيخ، واشنطن، وتصريحات وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس. فهذه التصريحات هي أبعد ما يكون عن حوار الشركاء. وأظهرت نبرة التصريحات الروسية والاميركية استعداد واشنطنوموسكو لخطو خطوات محددة على طريق المواجهة. ويرى عدد كبير من الخبراء أن العلاقات بين هذين البلدين تنحو نحو حرب باردة جديدة. ويستوقف دور السياسة الروسية على الساحة الدولية في انعطاف العلاقات الروسية - الاميركية. فبعض المراقبين رأى في النشاط السياسي هذا مسعى الى تقويض نفوذ واشنطن في مناطق مختلفة من العالم، وخصوصاً في "النقاط الساخنة"، أي الشرق الاوسط. ويسهم هذا الانعطاف في احتدام المواجهة الروسية مع واشنطن على عدد من المشكلات الدولية مثل البرنامج النووي الايراني، ومشكلة نشر مظلات الدفاع الصاروخي الاميركية في اوروبا الشرقية، واستقلال كوسوفو وغيرها. ولا يخفى على أحد شن حرب اعلامية ساخنة مناوئة لروسيا في الغرب. فوسائل الاعلام الغربية تبرز مساعدة موسكوطهران في تطوير تقنياتها النووية، ومشكلات روسيا مع جاراتها من دول الرابطة بسبب ملف الطاقة، وموضوع استقلال كوسوفو، انتهاء بملف اغتيالات الشخصيات المعارضة، من الصحافية انا بوليتكوفسكايا الى الجاسوس السابق الكسندر ليتفينينكو. وتزعم هذه الوسائل، كذلك، ان السلطات الروسية تضيق على المستثمرين الاجانب. والحق أن واشنطن خفضت لهجة ردها على انتقادات بوتين الحادة، وراعت المناسبة، وهي مؤتمر ميونيخ. ولا يُستبعد، تالياً، ان يتشدد البيت الابيض في خطواته وتصريحاته اللاحقة. وليس تذكير غيتس بالحرب الباردة، في كلمته بميونيخ من قبيل الصدفة. فهو، قبل ايام من المؤتمر، وضع روسيا على لائحة الدول التي قد تشكل خطراً على الولاياتالمتحدة الى ايران وكوريا الشمالية، وعلل الأمر ب"صعوبة التكهن بسياساتها". ويبدو ان السياسيين الروس عدلوا عن الكلام على التحالف بين موسكووواشنطن، وباتوا يشددون على الحذر والترقب. ويرى سيرغي روغوف، رئيس معهد الدراسات الاميركية الروسي، أن من المبكر الحديث عن بدء الحرب الباردة، ولكنه لا يستبعد أن تحدث في حال استمرت الامور على هذا المنوال. وقد نواجه مشكلات إستراتيجية جديدة في القرن الواحد والعشرين. وعلى خلاف روغوف، ينفي كونستانتين كوساتشوف، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الروسي، احتمال"العودة إلى زمن الحرب الباردة". ويشير إلى أن خطاب بوتين في ميونيخ لم يتضمن ما يختلف جذرياً عن تصريحاته السابقة. فهو أبرز المشكلات التي تثير قلق روسيا. وكلامه هو في مثابة دعوة الى حوار جدي حول هذه القضايا. عن يوليا بيتروفسكايا، "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية، 12/2/2007