إقليم كوسوفو على قاب قوسين من اعلان الاستقلال في نيسان ابريل المقبل. فالمجتمع الدولي أدرك ان حسم المشكلة لا يحتمل التسويف. ومن المتوقع ان يبادر عدد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة ودول أخرى الى الاعتراف بالاستقلال. ونتائج استقلال كوسوفو مدار تباين في الرأي. فهل يعمّ الاضطراب منطقة البلقان في حال اتخذت بلغراد اجراءات اعتباطية وقومية؟ ومن المتوقع ان تقدم صربيا، بالتشاور مع حليفتها التقليدية روسيا، على إحدى الخطوات الثلاث الآتية: - مقاطعة الدول التي تعترف باستقلال كوسوفو، ما يلحق ضرراً فادحاً بصربيا. فوزن معظم هذه الدول السياسي والاقتصادي يفوق وزن بلغراد. - تعاظم تدخل صربيا، بعد الحصول على ضوء أخضر من روسيا، في شؤون كوسوفو. وبلغت هذه التدخلات أوجها حين فتحت بلغراد، قبل نحو شهر، مكتب وزارة خاصة بشؤون الإقليم في الشطر الشمالي، يهيمن الصرب عليه، من مدينة ميتروفيتسا شمال غربي الإقليم، على رغم معارضة المسؤولين الدوليين. ودعت بلغراد صرب الإقليم الى تحديد مناطق تجمعاتهم السكانية والتراثية تمهيداً لإعلان التقسيم. من المتوقع ان يرد ألبان وادي بريشيفو أقصى جنوب صربيا المحاذي للحدود مع مقدونيا وكوسوفو، بالتمرد، وإعلان انضمامهم الى كوسوفو. وقد يفضي الرد الى مواجهات عسكرية بين صربيا والألبان في كوسوفو وبريشيفو. وقد تنتقل عدوى المواجهات الى البوسنة والجبل الأسود ومقدونيا وألبانيا. وإذا اختارت بلغراد المضي فعلاً على تقسيم كوسوفو، وقعت أسيرة الأوهام الروسية الحديثة. فموسكو تحسب ان تأجيج الصراعات في البلقان، وفي بعض جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة المعارضة لها، يبعث مكانتها الدولية قوة عظمى. - وتتداول اوساط محلية ودولية احتمال أن ينتهي استقلال كوسوفو الى خاتمة سعيدة لا يعكرها غير ضجيج خطابي صربي رسمي لا تصاحبه اجراءات فعلية. فالسلطات الصربية تسعى من وراء التصعيد الى امتصاص غضب الشعب الصربي ليتسنى لها القول أنها بذلت ما في مقدورها لتلافي خسارة الإقليم، ولكنها وجدت أن صربيا عاجزة عن مواجهة العالم كله، وإرغامه على التراجع عن تأييد استقلال كوسوفو. والحق ان بعض الشخصيات الدولية، وهي تتكلم على احتمال تقسيم إقليم كوسوفو، لا تدرك واقع الأمور بمنطقة البلقان. فتقسيم يوغوسلافيا لم يكن سلمياً، بل ترافق مع قتال، وسفك دماء غزيرة، ودمار ومأساة انسانية. وسابقة يوغوسلافيا قد تتكرر في كوسوفو في حال تقسيمه. ولكن استمرار الوضع الراهن في كوسوفو لا ينهي مشكلة مزمنة تتفاقم يوماً بعد يوم. وهذا التفاقم لا تحمد عقباه. عن ميرسيل بيليالي أستاذ جامعي ومحلل سياسي ألباني،"دنيفنيك"المقدونية، 30/12/2007