صعّدت الأحزاب اليمينية في إسرائيل، تشاركها مؤسسات تابعة للوكالة الصهيونية وأخرى أكاديمية، حملتها على قادة فلسطينيي 1948 على خلفية تصديهم لمشروع تجنيد الشبان العرب ل"الخدمة الوطنية"بعد فشل مشروع تجنيدهم للجيش الإسرائيلي. واتهم رئيس حزب"إسرائيل بيتنا"المتطرف أفيغدور ليبرمان قادة الجمهور الفلسطيني في الداخل بالتحريض المنفلت على الشبان العرب المتطوعين للخدمة الوطنية، مجدداً دعوته إلى اعتبار"لجنة المتابعة العليا"لشؤون عرب الداخل"تنظيماً غير قانوني"على خلفية معارضتها التطوع. وشهدت لجنة التعليم البرلمانية التي التأمت أمس للبحث في سبل تشجيع الشبان العرب على الالتحاق بالخدمة المدنية ولمناقشة"تحريض القيادات العربية ضد المشاركين في الخدمة الوطنية"، نقاشاً ساخناً تحول صاخباً بعدما وصف ليبرمان نواب الأحزاب العربية في الكنيست الإسرائيلي ب"الطابور الخامس"، واتهمهم بالتعاون مع الإرهاب. ووجه تهديداً لعضو اللجنة رئيس"التجمع الوطني الديمقراطي"الدكتور جمال زحالقة قائلاً:"سنهتمّ بأن تصل إلى المكان الذي يليق بك". وتابع الوزير السابق الذي يدعو برنامج حزبه إلى ترحيل فلسطينيي وادي عارة نحو نصف مليون إلى أراضي السلطة الفلسطينية في إطار أي اتفاق سلام في المستقبل، مهدداً زحالقة:"سأخرج في حملة صليبية ضد من يتعاون مع حزب الله وحماس. أنتم طابور خامس تخونون دولة اسرائيل ... في أي دولة أخرى يتم تقديمكم للمحاكمة بتهمة الخيانة العظمى، لكن اطمئن إلى أننا سنعمل على أن تصل إلى مكانك الملائم". وركّز ليبرمان هجومه على زحالقة على خلفية تصريحات سابقة للأخير وصف فيها كل من يتطوع للخدمة المدنية من العرب ب"الأجرب الذي سيلفظه مجتمعه من داخله". وقاطع زحالقة ليبرمان وقال له:"أسكت أيها الفاشي الصغير. وتوصيفك بالفاشي هو مديح لك ولأمثالك". وأعرب عن اعتزازه بموقف القيادة العربية الرافض للخدمة وعن تجاوب الشباب مع الحملة ضدها، معتبراً أن ما نشر أخيراً عن بحث أجراه أستاذ جامعي إسرائيلي حول استعداد 75 في المئة من الشبان العرب للانخراط في الخدمة المدنية ليس سوى خدعة كبيرة. وأكد أنه ينبغي على قادة الجماهير العربية أن يكثفوا حملة التوعية والنضال ضد الخدمة، مؤكداً أن الشبان العرب"يتجاوبون معنا من دون أن نلجأ إلى أي أسلوب من التهديد، كما يدعي القيّمون على المشروع". وكرر زحالقة تحذيره الشباب العرب من الوقوع في فخ"الخدمة المدنية". وقال:"سينبذهم أترابهم ومجتمعهم الرافض لها". وتابع أن"الحملة تهدف إلى توعية الشباب بمخاطر الخدمة ودرء الضرر الذي يلحق بهم جراء الوقوع في مصيدتها". وأضاف:"من حقنا ومن واجبنا رفض الخدمة المدنية لأن هدفها هو إقامة جهاز للسيطرة على العرب ومحو هويتهم الوطنية من جهة، وتحويل مواطنتنا إلى مواطنة مشروطة بخدمة الدولة اليهودية، فالقضية أكبر من أن يتطوع الشاب أو الشابة في مدرسة أو مستشفى". وأشار زحالقة إلى أن اعتراف ليبرمان بالمشاركة في تمويل مشروع"الخدمة المدنية"عند العرب دليل على أن القضية ليست مدنية كما يدعون، بل هي"مشروع صهيوني لتشويه هوية الشبيبة العربية والسيطرة عليها، خصوصاً أن ليبرمان ليس معروفاً بحرصه على مصالح وحقوق المواطنين العرب". وفي ختام الجلسة تبنت اللجنة اقتراح رئيسها السابق اليمين زبولون أورليف دعوة الشبان العرب إلى التطوع في الخدمة المدنية"تعبيراً عن اندماجهم في المجتمع المدني الإسرائيلي من خلال التحاور". وكان"المجلس الصهيوني"التابع للوكالة اليهودية كشف قبل أيام"التصور المستقبلي الصهيوني"لعلاقات إسرائيل مع الأقلية الفلسطينية فيها، وهو تصور مضاد لتصورات أصدرتها هيئات فلسطينية في الداخل أزعجت أركان الدولة العبرية. وتدور"الوثيقة"الصادرة عن المجلس"لضبط العلاقة بين دولة إسرائيل والأقليات فيها"أساساً حول كيفية ضمان الولاء غير المشروط للمواطن العربي في إسرائيل للدولة العبرية من خلال معادلة"الواجبات والحقوق"على أن يكون"مشروع الخدمة المدنية"شرطاً أول ضمن سلسلة واجبات ملقاة عليهم"وفقط بعد القيام بكل الواجبات يتم دمجهم في حياة الدولة ومنحهم الموازنات وفقاً لنسبتهم السكانية". وتتحدث الوثيقة عن تصفية الوجود العربي في النقب جنوبفلسطين من خلال ترحيل نحو مئة ألف من البدو المقيمين في قرى ترفض السلطات الإسرائيلية الاعتراف بها وتمنع عنها أبسط مقومات الحياة، لحشرهم في تجمعات جديدة والاستيلاء على أراضيهم، كما تتحدث عن خلق شريحة قيادية جديدة للمواطنين العرب بديلة للقيادات الوطنية والإسلامية الحالية، أي إنتاج قيادة موالية للدولة على غرار ما كان في خمسينيات وستينيات القرن الماضي.