رعى الرئيس اللبناني ميشال سليمان المصالحة الموعودة بين البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير ورئيس"تيار المردة"الوزير السابق سليمان فرنجية، بعد قطيعة بينهما استمرت شهوراً تخللتها مواقف حادة صدرت عن الأخير، وحالت دون الإسراع في إنجاز ملف المصالحة المسيحية - المسيحية الذي سيبقى عالقاً الى ما بعد إجراء الانتخابات النيابية في الربيع المقبل، على رغم الجهود المستمرة لرئيس"الرابطة المارونية"جوزف طربيه وأعضاء الرابطة لإتمامها، أو اقله تنظيم الخلاف بين القيادات المسيحية للحفاظ على الحد الأدنى من التهدئة لقطع الطريق على عودة التوترات المتنقلة. وكان فرنجية، الذي انقطع عن زيارة بكركي فترة طويلة، اعلن قبل يومين من الرابية حيث التقى زعيم"التيار الوطني الحر"النائب ميشال عون، ان الرئيس سليمان يسعى لجمعه بصفير. وهذا ما حصل أمس إذ التقى الثلاثة في مقر البطريركية المارونية. وعلمت"الحياة"ان طربيه لعب دوراً في تأمين حصول اللقاء الذي كان فرنجية أعلم عون به لدى لقائهما في الرابية. ووصل سليمان الى الصرح البطريركي في بكركي الثامنة والثلث، وكان في استقباله الأب ميشال عويط على المدخل الخارجي للصرح، ثم توجه على الفور الى الصالون الكبير حيث استقبله صفير. وبعد السلام وتبادل التهاني بالأعياد عقدت خلوة بين سليمان وصفير في مكتب البطريرك الخاص انضم إليهما بعد 15 دقيقة فرنجية ورعى سليمان المصالحة بينهما. وعند التاسعة وخمس دقائق، غادر فرنجية من دون أن يشارك في القداس، مكتفياً بالقول رداً على أسئلة الإعلاميين:"اليوم عيد، ولن نقول شيئاًً". وكذلك اكتفى سليمان بالقول خلال توجهه الى الكنيسة للمشاركة في قداس العيد:"ينعاد عليكم، خير، خير". الأب والابن أما طربيه الذي التقى صفير بعد لقاء المصالحة، فقال:"كان اليوم مميزاً في بكركي بحضور رئيس الجمهورية هذه المناسبة الدينية، وكذلك حضور الوزير فرنجية، وترتدي هذه الزيارة الرمزية باعتبارها ضمن إطار التواصل وضمن إطار المصالحات التي عملنا وسنعمل عليها في المستقبل". وأضاف:"البطريرك بالفعل كان منشرحاً لهذا اللقاء، وأزال الوزير فرنجية عبئاً عن كتفيه وهو عبء عدم التعاطي مع بكركي لأن بكركي هي بالفعل البيت الجامع". وأضاف:"بكركي هي صرح للجميع"، واصفاً اللقاء بين صفير وفرنجية ب"لقاء بين الابن وأبيه ونعتقد انه برمزيته يعطي دينامية جديدة لما تأمله الطائفة ويأمله لبنان من حصوله في القريب العاجل". وتابع:"قلنا سابقاً ان المصالحات حتمية وليست فقط ضمن الطائفة المسيحية إنما ضمن لبنان بكامله ونعتقد دائماً بحتمية هذه المصالحات وإن كانت استحقاقاتها بالفعل تختلف من وقت لآخر نظراً للظروف الحاصلة". وأكد طربيه أن فرنجية"أتى برغبة في إقفال هذا الملف، وكانت زيارة مريحة له وللبطريرك وأنا متأكد من ذلك وهو قد وفى، وهو رجل وفاء وأتى اليوم بهذه المناسبة، أرادها ان تكون بمناسبة عيد الميلاد الذي هو عيد التواضع، وبالتالي كل التفسيرات التي تتعدى هذا الأمر هي تفسيرات إعلامية ونحن مرتاحون لما حصل". وتمنى طربيه حصول لقاءات أخرى، ولقاء بين فرنجية ورئيس الهيئة التنفيذية ل"القوات اللبنانية"سمير جعجع و"بالطبع هذه أمور متروكة لظروفها وتعرفون الظرف الانتخابي والتنافس السياسي ولكن في النتيجة، نحن نريد وهم يريدون أيضاً ذلك، لأن عدم المصالحة يلقي أعباء عليهم من مناصريهم، ومن الشعب اللبناني، وعلى الوضع السياسي"، معرباً عن اعتقاده ان"هناك قطاراً يسير بصورة بطيئة ولكن بصورة أكيدة". ونوه بدور رئيس الجمهورية"الذي لعب الدور الأساسي في هذه القضية وحصلت اليوم بحضوره وهو دور سيستمر"، مشيراً إلى أن"الرئيس ينهض بمهمات الرئاسة بظروف دولية دقيقة، فهو يعيد لبنان الى الخريطة الدولية ينشئ صداقات جديدة في الخارج ويريد أيضاً أن تعم المصالحة في الداخل لأنها تقوي من وضع لبنان ومن الورقة اللبنانية في ما يحصل على صعيد المنطقة". وسئل طربيه: هل هذه مقدمة للقاءات أخرى؟ فأجاب:"ليست هناك أمور مرتبطة بعضها ببعض، الجنرال عون يستطيع زيارة بكركي في أي مناسبة، فبكركي بيت للجميع، وبالتالي فهو ليس في حاجة إلى دعوة ولا في حاجة إلى مداخلة من أحد، عندما يأتي الظرف المناسب لا أعتقد بأن لديه مانعاً من استكمال هذه الحركة التي اعتبرها اليوم بداية لدينامية جديدة". ورأس صفير بعد لقاء المصالحة، قداس الميلاد في حضور سليمان وعقيلته السيدة وفاء ووزير الداخلية زياد بارود وطربيه وعدد من النواب الحاليين والسابقين والمسؤولين السياسيين والأمنيين. وأثنى صفير في عظته على ما يقوم به سليمان، مخاطباً إياه قائلاً:"العواصف في هذه الأيام كثيرة، وفخامتكم وكل معاونيكم وجميع العاملين في الحقل السياسي يعرفون ذلك. غير ان ثقة اللبنانيين بحكمتكم، وشجاعتكم، وبعد نظركم، يدخل الى جميع القلوب الواجفة ما تحتاج إليه من اطمئنان". وأضاف:"ما من أحد يجهل ما هي الصعوبات التي تعترض سبيلكم وسبيل الوطن، ويقتضي لتذليلها الكثير من الصبر، والجرأة، وطول الاناة، وهذه صفات أتاكم الله إياها، وستستخدمونها لإرجاع الوطن الى دائرة الضوء". وتابع صفير مخاطباً الرئيس:"ما زياراتكم الى مختلف البلدان شرقاً وغرباً غير دليل على همتكم العالية وتصميمكم على إرجاعه، بما تكتسبون له من صداقات دولية، وتجهدون لجمع جميع أبنائه حولكم وحول الجمهورية، على اختلاف طوائفهم ونزعاتهم ومشاربهم الى سابق عهده من الطمأنينة والازدهار. أخذ الله بيدكم وكلل مساعيكم بالنجاح، وأعاد الله على فخامتكم وعلى جميع اللبنانيين أعياداً عديدة ملؤها الخير والبركات". قباني ونوه عضو كتلة"المستقبل"النائب محمد قباني بعد تقديمه التهاني الى صفير، ب"الدور الوطني الذي تقوم به بكركي من أجل تنقية الأجواء ومن أجل وحدة جميع اللبنانيين مسيحيين ومسلمين وهو الدور التاريخي الذي يستمر البطريرك بالقيام به". ورأى أن"هناك حاجة إلى استمرار العمل من أجل تعزيز الحياة الديموقراطية ومن أجل إبقاء أي خلافات سياسية طبيعية ضمن هذا الإطار الديموقراطي بحيث نحفظ لبنان في هذه الظروف الخطيرة التي يعيشها العالم خصوصاً في الجانب الاقتصادي والمالي".