أحيا لبنان أمس عيد الميلاد باحتفالات وصلوات عمت كنائسه وبلداته. واستقطب القداس الذي رئسه البطريرك الماروني نصر الله صفير في بكركي عدداً من أبرز الشخصيات السياسية، على رأسهم رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي عقد خلوة مع صفير، أكد بعدها أنه «متفائل جداً، وإصلاح المؤسسات أمر مهم لصون الاستقلال والسيادة والحرية»، في حين حيا صفير جهود الرئيس «لقيادة سفينة البلد الى ميناء الأمان». وتميز القداس بمصافحة بين رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النيابي ميشال عون ورئيس الهيئة التنفيذية ل «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وكان سبقه لقاء بين صفير ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النيابي وليد جنبلاط الذي زار بكركي للتهنئة بالعيد يرافقه نجله تيمور. وبعد الخلوة، قال سليمان إن «2010 سنة خير، إن شاء الله على الجميع، على كل اللبنانيين»، مشيراً الى أن «كل شيء في وقته» في ما خص المصالحات المسيحية. ووعد سليمان اللبنانيين ب «ورشة الإصلاح... إصلاح المؤسسات لأنه الأمر المهم، إذ لا يصان الاستقلال والسيادة والحرية إلا من خلال المؤسسات»، وتمنى للبنانيين «دوام الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي»، مشدداً على أن التعيينات ستكون «على أساس الكفاءة وعلى آلية تضع معايير لجميع الناس». ثم شارك سليمان في قداس الميلاد الذي ترأسه صفير، في حضور الوزراء: زياد بارود، سليم الصايغ، جبران باسيل، منى عفيش، فادي عبود، وعدد من النواب على رأسهم عون. وانضم جعجع الى القداس في وقت لاحق. وخاطب صفير في العظة الرئيس اللبناني بالقول: «ننتهزها فرصة لنحيي الجهود التي تبذلونها، يا فخامة الرئيس لتقودوا سفينة البلد الى ميناء الأمان في بحر متلاطم الأمواج، وقد كتب علينا أن نعيش في منطقة كانت دائماً مضطربة وهي في هذه الأيام أكثر منها اضطراباً في وقت مضى، ولكن ما آتاكم الله من إرادة طيبة، وحكمة واعية، وخبرة واسعة يمكنكم من تذليل ما يعترض سبيلكم من مصاعب، وما من لبناني يجهل ما تبذلون من جهود حثيثة لكي تؤمنوا ما يصبو إليه اللبنانيون من طمأنينة وهدوء وسلام». وأضاف: «أخذ الله بيدكم وأعاد عليكم وعلى جميع اللبنانيين أعياداً عديدة ملؤها الخير والبركة وحفظكم طويلاً على أحسن حال». وكرر صفير في عظته، ما تناوله في رسالة الميلاد، وقال: «تحسن المناخ الاجتماعي، وتراجعت موجة الاغتيالات ومال الناس على وجه الإجمال، الى التفاهم والابتعاد عن العنف الذي لا يولد إلا العنف، وهذا أمر لا بأس به وكان مرجواً منذ زمن، غير أن الإخلاص للوطن يقضي على كل فئة من المواطنين لا بل على كل مواطن أن يعمل في سبيل وطنه، لا في سبيل نفسه وأنانيته». وتقبل صفير وسليمان التهاني بالعيد في صالون الصرح، وقال عون بعد المعايدة: «جئت لأحضر القداس فأنا نائب عن هذه المنطقة، وغبطته موجود في هذه المنطقة وفخامة الرئيس جاء ليقدس هنا، ومن أقل الأمور أن نشارك في هذا الاحتفال الديني». ورداً على المصافحة التي تمت بينه وبين جعجع، قال: «انه سلام عادي يجري بين الناس وهو أمر طبيعي». وعن الوقت الذي سيحل فيه السلام الحقيقي، سأل عون: «هل ترون أننا نعيش حالة خلاف؟ نحن نعيش السلام». أما جعجع فاعتبر أن «لا أحد مختلف مع أحد، كل واحد لديه سياسة، ونحن في الأساس متصالحون». واكد انه جاء ل «المعايدة فقط، ومن هنا سأعايد جميع اللبنانيين، ونأمل في أن تكون السنة المقبلة سنة أعياد». وعن المصالحات، قال : «ليس هناك أي سوء تفاهم مع الوزير (السابق سليمان) فرنجية وكما حدث اليوم بالصدفة يمكن أن يحصل في الظروف نفسها». وعما إذا لم يكن الظرف مناسباً في وجود الرئيس وصفير أن يجلس مع عون، رد جعجع: «نعم، لكن العماد عون كان لديه موعد واضطر للمغادرة». وأضاف: «اعتقد انه ستكون لدينا أيام جيدة إن شاء الله، باستثناء ما يمكن أن يحصل في الجنوب»، مبدياً تخوفه من الوضع هناك. أما بارود، فرأى أن لصفير «دائماً دوراً جامعاً ووازناً ويؤمن مساحة للقاء والحوار وكل ما يلزم والأعياد دائماً مباركة ومناسبة للجميع، والجو الموجود في البلد وما يحصل إيجابي، وعلينا استثماره والسير به للنهاية، ولا أعتقد أن هناك معوقات أكثر من التسهيلات فلنترك الأمور تسير في شكلها الطبيعي، ومن دون أي تأويلات في غير مكانها». ولفت الى أن المصالحات المسيحية «سائرة في الاتجاه الصحيح، وكما يجب ولنترك الأمور تحصل في أوقاتها المناسبة، الجو في البلد إيجابي فلنراهن على الإيجابيات». والتقى صفير جنبلاط يرافقه نجله تيمور، ولدى خروجه، سئل عن الزيارة فأكد انها «للمعايدة فقط. لنكتفي بالمعايدة التقليدية السنوية ويعطيكم العافية». وتلقى صفير اتصالات تهنئة بالأعياد أبرزها من رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة، الرئيس السابق للبرلمان حسين الحسيني والنائب السابق لرئيس مجلس الوزراء عصام فارس.