يفترض ان تنتهي اليوم إعادة إحصاء الأصوات في الانتخابات لمقعد في مجلس الشيوخ عن ولاية منيسوتا يتنافس عليه السناتور الجمهوري نورم كولمان الذي يشغله حالياً، والديموقراطي آل فرانكن، وهو كوميدي يساري ونجم تلفزيوني ومؤلف. الديموقراطيون لن يحققوا هدف الفوز بستين مقعداً في مجلس الشيوخ تمكنهم من حرمان الجمهوريين فرصة تعطيل الجلسات، فهم لن يحصلوا على أكثر من 59 مقعداً، وربما 58 مقعداً إذا انتهت مشكلة التصويت في ولاية منيسوتا لمصلحة الجمهوريين. أعرف السناتور كولمان من المشاركة في مؤتمرات دولية، فهو عضو في لجنة الشؤون الخارجية. وهو بدأ حياته السياسية ديموقراطياً وانتخب رئيساً لبلدية سانت بول وتحول الى الحزب الجمهوري سنة 1996، وأعيد انتخابه رئيساً للبلدية في السنة التالية. وأصبح عضواً في مجلس الشيوخ سنة 2002 بعد أن احتضنته ادارة بوش. ووجدته في المؤتمرات يتحدث باعتدال ويصغي جيداً ويسأل، إلا أن سجله يظهر أنه أيد الحرب على العراق، وخفْض الضرائب، والموضوع الأول مهم لنا، أما الموضوع الثاني فيهمّ الأميركيين، لأن الذين استفادوا منه كانوا الأثرياء من أنصار الإدارة. آل فرانكن لفت نظري أيام إقامتي في الولاياتالمتحدة، فهو ظريف جداً، رأيته عبر برنامج"ليل السبت حيّاً"لشبكة"إن بي سي"، وقد علقت في هذه الزاوية على بعض كتبه، فهو ألف خمسة كتب خلط فيها الجد بالهذر، ولعل أظرفها"راش ليمباو أحمق سمين وملاحظات أخرى"هاجم فيه نجم اليمين الأميركي ليمباو وآخرين، ومسح بهم الأرض كما نقول. وكنت عرضت في هذه الزاوية آخر كتابين له وهما"أكاذيب والكذابون الذين يرددونها: نظرة عادلة ومتوازنة على اليمين"و"الحقيقة مع نكت". المشكلة في كتب فرانكن، وفي عروضه التلفزيونية واسكتشاته، ان القارئ يضيع أحياناً بين الجد والهذر، فلا يعرف أين ينتهي الأول، ومتى يبدأ الثاني. ولكن كل كتاب يعكس جهداً فائقاً في جمع المعلومات، وهو ركز دائماً على أكاذيب إدارة بوش والميديا اليمينية التي تؤيد عصابة الحرب، وهاجم رموزها ودخل معارك لا تنتهي مع أمثال شون هانيتي وآن كولتر وبل اورايلي. غير أن أشهر قضية له ربما كان سببها ان العنوان الفرعي في كتابه عن الأكاذيب ضم الكلمتين"عادلة ومتوازنة"وهما عنوان برنامج ذائع لتلفزيون فوكس نيوز. وكان أن رفع التلفزيون قضية عليه خسرها في شكل مهين، حتى ان القاضي قرر أن القضية"بلا مبرر"أبداً ومنع التلفزيون من استئناف حكمه، وأرغمه على دفع نفقات المحكمة كلها. وكان أن القضية زادت شهرة الكتاب وتوزيعه. في حملة 2008 لم يجد الجمهوريون ما يهاجمون به فرانكن سوى نكت قديمة له عن النساء والاغتصاب، حتى انهم عادوا الى ما قال الكوميدي سنة 1995. وهو في المقابل ركز على تقلب كولمان بين الحزبين، والتزامه في النهاية كل مواقف الإدارة غير الشعبية مثل الحرب على العراق، والتنقيب عن النفط في الاسكا او البحر، والشاذين والتلوث وحرارة الطقس وغير ذلك. فرز الأصوات الأول أظهر ان كولمان متقدم على فرانكن ب215 صوتاً، إلا أن إعادة الفرز خفضت الفرق الى 188 صوتاً، ثم ربح فرانكن الأسبوع الماضي جولتين، فمجلس الإشراف على الانتخابات في الولاية قرر قبول 1500 صوت لناخبين غائبين كما أوصى بقبول نتائج فرز الأصوات ليلة الانتخابات في إحدى مناطق مدينة منيابوليس التي تؤيد فرانكن حيث فُقدت 133 ورقة اقتراع. يفترض أن تنتهي إعادة فرز الأصوات اليوم بحسب قرار الحكومة المحلية، إلا أنني لا أتوقع حسم الموضوع، فحتى لو أعلن الفائز بعد ذلك، فالأكيد أن الخاسر سيرفع قضية أو قضايا طعناً في القرار. الخيار بين كولمان وفرانكن هو في النهاية خيار بين سياسات بوش، وبين الأمل الذي توفره ولاية باراك أوباما المقبلة، فالسناتور كولمان احتضن كل السياسات المتطرفة للإدارة، إلا أن شعبيته الشخصية في الولاية حمته حتى الآن، في حين أن فرانكن سبق أوباما بعقد أو عقدين في بعض المواقف التي حملت المرشح الديموقراطي الى الرئاسة، ونحن ننتظر النتيجة مع الأميركيين. نشر في العدد: 16695 ت.م: 19-12-2008 ص: الأخيرة ط: الرياض