وزير الاتصالات: بدعم ولي العهد.. المملكة تقود أعظم قصة في القرن ال 21 في الشمولية وتمكين المرأة    رايكوفيتش: كنا في غفوة في الشوط الاول وسنعود سريعاً للإنتصارات    البليهي: مشكلة الاتحاد انه واجه الهلال وكل المدافعين في اتم الجاهزية    للأسبوع الثاني.. النفط يواصل صعوده    «الأمم المتحدة»: السعودية تتصدر دول «G20» في نمو أعداد السياح والإيرادات الدولية    "متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح والسلام في السودان" يؤكد على مواصلة العمل الجماعي لإنهاء الأزمة في السودان    غزة.. الاحتلال يبيد العائلات    أمريكا: نحذر من انهيار البنوك الفلسطينية    مئوية السعودية تقترب.. قيادة أوفت بما وعدت.. وشعب قَبِل تحديات التحديث    السيوفي: اليوم الوطني مناسبة وطنية عظيمة    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الجزائري الأوضاع في غزة    ريال مدريد يسحق إسبانيول برباعية ويقترب من صدارة الدوري الإسباني    الهلال يكسب الاتحاد بثلاثية في دوري روشن للمحترفين    في كأس الملك.. الوحدة والأخدود يواجهان الفيصلي والعربي    خادم الحرمين لملك البحرين: نعزيكم في وفاة خالد آل خليفة    ولي العهد يواسي ملك البحرين في وفاة خالد آل خليفة    أمانة القصيم توقع عقداً لنظافة بريدة    "طويق" تحصل على شهادة الآيزو في نظام الجودة    وداعاً فصل الصيف.. أهلا بالخريف    «التعليم»: منع بيع 30 صنفاً غذائياً في المقاصف المدرسية    "سمات".. نافذة على إبداع الطلاب الموهوبين وإنجازاتهم العالمية على شاشة السعودية    دام عزك يا وطن    بأكبر جدارية لتقدير المعلمين.. جدة تستعد لدخول موسوعة غينيس    "قلبي" تشارك في المؤتمر العالمي للقلب    فريق طبي بمستشفى الملك فهد بجازان ينجح في إعادة السمع لطفل    اكتشاف فصيلة دم جديدة بعد 50 عاماً من الغموض    لا تتهاون.. الإمساك مؤشر خطير للأزمات القلبية    إقامة فعالية "عز الوطن 3"    الابتكار يدعم الاقتصاد    تعزيز أداء القادة الماليين في القطاع الحكومي    أحلامنا مشروع وطن    القيادة تعزي ملك البحرين في وفاة الشيخ خالد بن محمد بن إبراهيم آل خليفة    "الداخلية" توضح محظورات استخدام العلم    «الخواجات» والاندماج في المجتمع    لعبة الاستعمار الجديد.. !    مركز الملك سلمان: 300 وحدة سكنية لمتضرري الزلزال في سوريا    ضبط 22716 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    فلكياً.. اليوم آخر أيام فصل الصيف    فأر يجبر طائرة على الهبوط    حل لغز الصوت القادم من أعمق خندق بالمحيطات    نسخة سينمائية من «يوتيوب» بأجهزة التلفزيون    صور مبتكرة ترسم لوحات تفرد هوية الوطن    الملك سلمان.. سادن السعودية العظيم..!    خمسة أيام تفصل عشاق الثقافة والقراء عنه بالرياض.. معرض الكتاب.. نسخة متجددة تواكب مستجدات صناعة النشر    تشجيع المواهب الواعدة على الابتكار.. إعلان الفائزين في تحدي صناعة الأفلام    مجمع الملك سلمان العالمي ينظم مؤتمر"حوسبة العربية"    مصادر الأخبار    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. تنظيم المسابقة المحلية على جائزة الملك سلمان    "الداخلية" تحتفي باليوم الوطني 94 بفعالية "عز وطن3"    يوم مجيد لوطن جميل    مسيرة أمجاد التاريخ    الطيران المدني.. تطوير مهارات الشباب خلال "قمة المستقبل".. الطيران المدني.. تطوير مهارات الشباب خلال "قمة المستقبل"    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة يستأصل بنجاح ورماً ضاغطاً على النخاع الشوكي    شرطة الشرقية: واقعة الاعتداء على شخص مما أدى إلى وفاته تمت مباشرتها في حينه    بلادنا مضرب المثل في الريادة على مستوى العالم في مختلف المجالات    أبناؤنا يربونا    خطيب المسجد النبوي: مستخدمو «التواصل الاجتماعي» يخدعون الناس ويأكلون أموالهم    رئاسة اللجان المتخصصة تخلو من «سيدات الشورى»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"أجنحة للهبوط" بثلاث لغات . الإيراني موسى بيدج يجعل الشعر فاكهة الوجود
نشر في الحياة يوم 22 - 11 - 2008

ثلاث ثقافات وثلاث لغات تشترك في صنع قصائد ديوان"أجنحة للهبوط"مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، بيروت 2008. هي الفارسية والكردية والعربية. والديوان بالعربية، وهو للشاعر والمترجم الإيراني المعاصر موسى بيدج، الذي أتى الى الشعر من هذا المثلث الثقافي، ما يمنح للشعر نكهة التعدد والمثاقفة، ويستنهض فيه تلك النكهة الإنسانية الشاملة، التي تجعل منه جسراً من جسور التواصل بين الشعوب، ففي الوقت الذي كانت الخصومة الأيديولوجية والسياسية تكاد تنفجر عسكرياً بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، كانت أشعار جلال الدين الرومي وحافظ الشيرازي في الحب، تطبع في معايدات عيد الميلاد ويتم تبادلها بين العشاق في أميركا، كما كانت بعض قصائد الغزل لهذين الشاعرين، يغنيها عدد من المغنين في أميركا.
سبق لموسى بيدج أن نقل من العربية الى الفارسية ثلاثة كتب لجبران خليل جبران هي: عيسى ابن الإنسان، والمجنون، والموسيقى، والفرح ليس مهنتي لمحمد الماغوط، وبلقيس وقصائد أخرى لنزار قباني، والعصافير تموت في الجليل لمحمود درويش، ومختارات شعرية لأدونيس وكتباً أخرى شعرية وقصصية بلغ عددها أربعة وعشرين كتاباً، من بينها"السمفونية الخامسة للجنوب"وتحتوي على مختارات من الشعر العربي الحديث، وپ"هنا على جذع الشجرة"ومن بين الشعراء العرب الذين قام بيدج بترجمة قصائد لهم للفارسية، والتعريف بهم، فضلاً عمن ذكرنا، بدر شاكر السياب وأنسي الحاج وخليل حاوي ومحمد علي شمس الدين، فضلاً عن مختارات من الشعر العراقي في المنفى، صدرت بعنوان"وفجأة مطر"، وپ"قصائد حرة"مختارة من الشعر العربي في القرن العشرين... وهو جزء من جهد موسى بيدج للتعريف بالشعر العربي الحديث والمعاصر، لا ينقصه التنوّع والشمول.
ومن ينظر الى قصائد الشاعر في"أجنحة للهبوط"باعتبارها نموذجاً من نماذج الشعر الإيراني المعاصر، يجد فرقاً جوهرياً بينها وبين شعراء الفرس الكبار المعروفين من خلال ترجماتهم العربية، من أمثال جلال الدين الرومي صاحب المثنوي وقد نقله الى العربية الدكتور محمد كنافي، وسعدي الشيرازي الذي برز في ترجمة قصائده الدكتور فيكتور الكك، وحافظ الشيرازي، الذي تعددت ترجمة قصائد الغزل التي كتبها، الى العربية، بعضها سقيم ومتكلّف، وأهمها وأكثرها صفاء ترجمة مبكرة قام بها في مصر الدكتور إبراهيم أمين الشواربي بعنوان"أغاني شيراز"أو"غزليات حافظ الشيرازي"وقد صدرت الطبعة الأولى من هذه الترجمة القيمة في العام 1933 في القاهرة مع مقدمة بقلم طه حسين.
والفرق بين الشعر القديم والشعر الحديث هو فرق الحداثة، لجهة المعنى والإيقاع والصورة. فقصائد بيدج مختصرة، بأوزان بسيطة، ولغة تستند الى الصورة أكثر مما تستند الى تقصّي المعنى، كما أنها لا تأخذ من عرفانية الشعراء الكبار المذكورين، إلا مسحة قليلة لا تكاد تبين... فأشعار"أجنحة للهبوط"لا يظهر أنها تصدر من ناحية الغيب أو الدين أو الميتافيزيك، بمقدار ما هي قصائد حب قريبة وبسيطة، وأحياناً يومية. فعلى رغم مخزون الشاعر الثقافي باللغات الثلاث، وتنوّع هذا المخزون بين القديم والحديث، إلا أنه استطاع أن يصهر ثقافته المتنوعة في مقطوعات تكاد تكون عفوية، لجهة اللغة والأسلوب، وفي صنيع شعري يستند الى تشخيص الفكرة أو تجسيدها في الصورة... هذه الصورة التي تأتي بمقدار كبير منها، محسوسة ملموسة مرئية، وتأخذ عناصرها من الطبيعة ويوميات العيش.
يقول في قصيدة بعنوان"دراجة":"لأنه كان متوحّداً مع نافذته/ أعطته ببغاءً/ ولأنه كان مبتسماً لجارته/ ملأت كأسه بحليب ساخن/ فركب دراجته/ وذهب باحثاً عن"لا أدري"".
إن عنصر التركيب الشعري، في هذا المقطع، ليس التجريد، بمقدار ما هو التجسيد الذي يجعل المعنى ينسكب في الصورة، لكن الصورة، لكي تبتعد عن أن تكون نقلية انطباعية، تذهب من خلال الطرافة والمفارقة، الى أن تكون صورة تعبيرية، وذلك من خلال النافذة التي تمنح المتوحّد بها ببغاء، وذهاب العاشق، على دراجته، للبحث عن"لا أدري"... وكأنه الوصول الى مدينة"أين"للشاعر العراقي سركون بولص.
عادة ما يتم استعمال الأجنحة للطيران والصعود... لكن الشاعر يقلب الآية، فيجعل الأجنحة للهبوط، وكأنه يخصّها بالهبوط، ويمنح مجموعته هذا العنوان الطريف المعبّر. وقد وردت العبارة"أجنحة للهبوط"في قصيدة بعنوان"أحياناً"يقول فيها:
"لم أكن أعلم/ أن الله قد أرسل قبل مجيئي/ لكل صحراء مجنوناً/ أجنحتي كانت للهبوط فقط/ إذنْ: كيف سأعود؟".
تغلب في الديوان، قصائد الحب، الحب الذي يقول فيه جلال الدين المولوي:"لولاه لكان العالم كالطبل الفارغ". والحب الذي يكتبه بيدج في قصائده، يختلف عن الحب بالمعنى العرفاني الذي يندمج فيه العاشق بالمعشوق، فهو، وإن ظلّت عليه أحياناً مسحة من هناك، إلا أنه أقرب لأن يكون يومياً، بشرياً، مدنياً، لا يحلّق في المطلق، بمقدار ما يتجول مع الناس وفيهم في الشوارع، ويجلس في المنزل والمقهى، وينشغل بالهمّ اليومي... ومع ذلك، فالقصيدة تبقى محافظة على هدوئها ولغزها، وترتبط بخيط يشدّها الى المخيلة، فيضخّ أحياناً اللامحسوس في المحسوس، والافتراضي في المتحيّز. يقول في"قصيدة حب":"من نظرتِكِ/ يمطر التفاح على لحظاتي". ويقول في قصيدة"تفاحة حمراء":"أنا الذي أرسلت قوس القزح ليصبح سبعة أثوابٍ لكِ"...
ما يلفت في النسق الشعري لموسى بيدج، هذا الاتجاه نحو الأرض في القصيدة، بدلاً من التحليق في اللامرئي والسريال. وهو ما يمنح شعره نكهة المعاصرة، وخصوصية ضرورية للفصل بين هذا الشعر المكتوب"هنا والآن"، وأشعار الأسلاف الكبار ذوي الظلال الضخمة، في الفارسية. على الشاعر أن يبذل جهداً كبيراً لكي ينجو من أن تطويه أو تفترسه الظلال... من وسائله فضلاً عن الصورية القريبة، والحسية، والشأن اليومي في الحب والنظر والعلاقات، صفتان تضافان لما ذكرنا: البعد عن الرومانسية التي تعتبر الصفاء يلفّ العناصر، فيقول:"القمر حوصر بين الأغصان وصار فريسة القطط"، والميل للمفارقة اليومية في الشعر، والابتعاد به عن القداسة المطلقة، فهو يصف في قصيدة"ازدحام الفرح"، سبب بهجة بقّال الحارة بقصائد الجرائد، لأنه سيلفّ بها حاجيات الزبائن.
لوحة للرسامة الايرانية إيمان مالكي
نشر في العدد: 16668 ت.م: 22-11-2008 ص: 26 ط: الرياض


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.