بعد الهجوم على مركز التجارة العالمي في ايلول سبتمبر 2001 صعق الكاتب الانكليزي مارتن آميس وصمت يوماً، ثم قال إن الخيال الأدبي الغربي كان أحد الضحايا. وخاطب كتّاب الأرض: فكروا في الاقتراح الذي قدمه لينين لمكسيم غوركي: ان يغير مهنته. لكن الكاتب الاميركي دون ديليلو رأى ان للأفعال الإرهابية بنية قصصية عميقة وانها تتسلل الى الوعي وتغيره بالطريقة التي طمح الكتاب اليها في الماضي. كتب آميس"آخر أيام محمد عطا"عن الشاب المصري الذي قاد الطائرة الأولى وصوره ذكراً ميؤوساً منه يعاني من الكبت الجنسي ومشاكل في إمعائه، ويؤمن ان الموت وحده يمنحه الراحة. "الطائرة الثانية"كتاب آخر عن الهجوم صدر أخيراً عن دار جوناثان كيب وجمع المقالات والقصص والتغطيات الصحافية التي كتبها عن الهجوم والحرب على الإرهاب. يبرر في المقدمة كتابة روائي عن الموضوع بالقول:"إذا كان يجب ان يحدث 11 ايلول لا آسف لأنه حدث في زمني ... قد لا تكون السياسة الجغرافية موضوعي الطبيعي لكن الذكورة كذلك.وهل رأينا من قبل الفكرة الذكورية في هيئة خيالية كالأثواب ولباس القتال والبذلات وربطات العنق والجينز والملابس الرياضية وأثواب الأطباء التي يرتديها المتطرفون الاسلاميون؟". بعد أيام على الهجوم كتب آميس ان الإرهاب تواصل سياسي بطريقة أخرى"رسالة 11 ايلول هي: أميركا، حان الوقت لتعرفي كم أنت مكروهة". على ان الكاتب المتزوج من يهودية أميركية شاء التعرف عن قرب الى القائمين بالهجوم والأيديولوجية التي دفعتهم اليه. بعد القراءة عنهم قرر انهم شبان مفتونون بفكرة الموت والعنف التي يبررها دينهم الشمولي. عاد الى كتابات الإخوان المسلمين ومنهم سيد قطب واستنتج ان التشدد الاسلامي مشكلة بحد ذاته لأن ما يكرهه في الغرب ليس إغواءه الإيجابي بل جاذبيته السلبية.علينا ان نفهم، يقول، ان كراهية الإسلاميين لأميركا مجردة بقدر ما هي تاريخية. انها مجردة بطريقة لاعقلانية ولا شيء يرضيها من الأمور المعتادة. يعزو الحسد الاسلامي الوجودي الى فشل الاسلام السياسي الذي يعود بدوره الى قمع النساء في الدول المسلمة. يكتب آميس انطلاقاً من ثنائية"نحن وهم"ويرى الغربيين افرادا عكس المسلمين. لا بد من المواجهة الأيديولوجية التي يجب التمسك فيها بقيم الغرب الصحيحة. يرفض اختصار الهجوم ب11 ايلول لأن ذلك يجرد الحدث من ضخامته، وينتقد بول غرينغراس الذي حقق فيلم"يونايتد 93"لأنه غير الحقائق لغرض فني. يهاجم أيضاً رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير لدى زيارته الوداعية للقوات البريطانية في العراق. بدا فحوى خطاب بلير:"نقتل منهم اكثر مما يقتلون منا"كأن ذلك كاف."عجز عن العثور على ثقل الصوت واللياقة والكلمات الملائمة للمزاج الملائم". بعد إحباط هجمات انتحارية في لندن صيف 2005 اعترف آميس بأنه يشعر برغبة في الانتقام لكي تجد الجالية المسلمة نفسها مضطرة لضبط أبنائها. اقترح منع المسلمين من السفر وترحيلهم وتقليص حرياتهم وتفتيش من يبدون شرق أوسطيين وباكستانيين وهم عراة."يجب التمييز ضدهم حتى تعاني جماعاتهم كلها وتقسو في تربية أطفالها. يكرهوننا لأننا نترك أطفالنا يمارسون الجنس ويتعاطون المخدرات. حسناً، عليهم منع أولادهم من قتل الناس". عارض الحرب على العراق وكتب ان جورج بوش الذي يفتقر الى الذكاء يقود بلاده الى شرك كارثي يحرض على قيام جيل إرهابي مسلم آخر.غير ان هجومه على الاسلام اغضب يساريين كثرا انتقدوا تجاهله فظائع الاستعمار ولعبه دور"بطل حضارة قامت بذبائح لا يمكن تصورها في العالم كله". لا يبدو مهتماً باتهامه بالتعصب، ويشير الى كون المسلمين اليوم ربع البشرية ساخراً من مفهومهم الحسي للجنة وكون الشيء الوحيد الذي يعجبهم في الحداثة هو الأسلحة الحديثة. زوجته الثانية إيزابيل فونسيكا يهودية، ويهمه ان تكون ابنتاه منها يهوديتين تماماً. يتضامن معهما وسط"انفجار اللاسامية الكبير اليوم"، ويتمنى لو قامت إسرائيل في بافاريا بدلاً"من أسوأ مكان في العالم"، محملاً بريطانيا مسؤولية محنتها.