تطل في مصر بين حين وآخر أزمة التطبيع الفني والثقافي مع إسرائيل، سواء عن قصد من طريق تعمد الصحافة الإسرائيلية الزجّ بأسماء فنانين مصريين يشاركون في مهرجانات أو عروض كنوع من إثارة البلبلة، أو من دون قصد من طريق التعاطي الإعلامي المبالغ فيه. وتفاعلت الأزمة في القاهرة أخيراً في صورة غير مسبوقة، بعد تصريحات المؤلف المسرحي لينين الرملي التي فاجأ بها الوسط الفني والثقافي، والتي بدت مؤيدة للتطبيع الثقافي مع إسرائيل. وجاءت هذه التصريحات عقب دعوة الرملي أحد كبار الديبلوماسيين الإسرائيليين في القاهرة الى حضور عرض مسرحية"اخلعوا الأقنعة"التي قام بتأليفها وإخراجها على خشبة المسرح القومي، قائلاً أن الأديب العالمي"نجيب محفوظ كان يدعو الى التطبيع مع إسرائيل لمدة ثلاثين سنة ولم يتهمه أحد بالتطبيع". والغريب أن مدير المسرح القومي شريف عبد اللطيف أطلق هو الآخر تصريحات تضامن فيها مع الرملي، بحجة أن منصبه ليس محكوماً بقانون يمنعه من التطبيع مع إسرائيل. ودفعت هذه التصريحات بعض الفنانين والمثقفين إلى المطالبة بالتحقيق العاجل مع الرملي وعبد اللطيف. وأكد سيد راضي، رئيس اتحاد النقابات الفنية، أن قرارات الراحل سعد الدين وهبة ومجلس النقابات الفنية الثلاث التمثيلية والسينمائية والموسيقية عام 1981، هو ذاته قرار المجلس الحالي والمقبل، وهي ثوابت لن تتغير ما دامت إسرائيل تنتهك حقوق الفلسطينيين وتستمر في إعلانها أن دولة إسرائيل من النيل إلى الفرات. أما المخرج المسرحي حسام الدين صلاح، فتقدم بمذكرة إلى نقيب المهن التمثيلية طالب فيها بإحالة الرملي وعبد اللطيف إلى التحقيق، مهدداً بتصعيد الأمر. وأشار المؤلف يسري الجندي الى أن هذه القضية تتعلق بالأمن القومي،"ومن لا يدرك ذلك إما جاهل وإما مستفيد. وهذه القضية تخص النقابات التي اتخذت القرار بالمقاطعة، وهي المسؤولة عن كل ما يثار حول الموضوع. وقرار المقاطعة لم يكن عاطفياً بل كان مبنياً على الإرادة الشعبية". ورفض الرملي في اتصال مع"الحياة"، الإدلاء بأية تصريحات، قائلاً:"أنا لن أتكلم في هذا الموضوع، ومن أراد ان يفعل شيئاً فليفعل ... أما أنا فأتابع مسرحيتي"زكي في الوزارة"لحسين فهمي وهالة فاخر ولقاء الخميسي وإخراج عصام السيد". وكان الرملي أوضح أن قرارات الراحل وهبة قرارات فردية"وعندما تتخذ جمعية عمومية قرارات منفصلة عن سياق الدولة، فإنها مسألة غير دستورية. وأي محام شاطر سيكسب القضية إن رفعها لأن الدولة في أجهزتها الكثيرة قامت بالتطبيع". وأضاف:"إنكلترا احتلت مصر 72 سنة، وعلى رغم ذلك لم نجد هناك دعوة بعدم التطبيع معها، ونجيب محفوظ كان يدعو الى التطبيع مع إسرائيل لمدة ثلاثين سنة، ولم يتهمه أحد بالتطبيع". ونفى المخرج عادل أديب ما تردد أخيراً حول وجود اتفاق بين شركة"غود نيوز"وإحدى الجهات الإسرائيلية لعرض أعمال الشركة السينمائية في إسرائيل، ومنها فيلم"مرجان أحمد مرجان"لعادل إمام وميرفت أمين، والذي نشرت صحيفة"معاريف"الإسرائيلية قبل أيام أنه عرض فعلاً فى إحدى دور العرض في منطقة"عين حاروت"، وحضر العرض 150 مشاهداً عربياً وذلك بأسعار مخفضة عن أسعار بقية صالات السينما في إسرائيل.وكشف أديب ان الشركة رفضت عروضاً إسرائيلية كثيرة لشراء الفيلم لأنها ترفض التعامل مع إسرائيل بأي شكل من الأشكال. وأشار إلى أن الفيلم وزع في غالبية بلدان العالم،"إلا أن الشركة توخت الحذر من تسريبه إلى إسرائيل. إذ رفضت بيعه أي جهة فلسطينية. والشركة تعتزم رفع قضية وطلب تعويض كبير من الجهة التي قامت بالأمر". ونفت كل من الراقصتين لوسي ودينا تلقيهما أية دعوات للمشاركة في مهرجان رقص شرقي في تل أبيب. وعلقت لوسي:"لم أعرف إلى الآن مصدر الخبر، ولا أنكر أن الناطق باسم السفارة الاسرائيلية في القاهرة يحاول منذ أربع سنوات الاتصال بي لإقناعي بالمشاركة ولكنني لا أرد، ولم أهتم بالرسائل الواردة منه، لأنني بصراحة لا أحب إسرائيل ومن رابع المستحيلات أن أسافر إليها. وهذه مسألة ليس لها أية علاقة بالتطبيع أو السياسة". أما دينا فنفت تلقيها أية عروض للمشاركة في مهرجان رقص في إسرائيل، لأن الجميع يدرك أنها ضد التطبيع - كما تقول -"وأنا لست ضد أي فنان يقوم بالتطبيع الفني مع إسرائيل، كل شخص حر في نفسه، أنا لست ضد أحد يمكن أن يفعل الخطأ وهو مقتنع به، وليس لي علاقة بسلوك الآخرين. وما يهمني هو سلوكي الشخصي". ومن المقرر أن تحقق نقابة المهن الموسيقية الأسبوع المقبل مع مطرب الأوبرا المصري جابر البلتاجي، بتهمة دعوته الى التطبيع مع إسرائيل وغنائه في المعبد اليهودي في القاهرة لمناسبة مرور 100 سنة على إنشائه. وكشف نقيب الموسيقيين منير الوسيمي أن النقابة جمدت عضوية البلتاجي في نهاية العام الماضي،"ولكن التحقيقات تأجلت بسبب إجراء انتخابات النقابة"، مشيراً إلى وجود قرار بشطب اسم البلتاجي من جدول النقابة في حال ثبوت إدانته". وكان الأديب علاء الأسواني أعلن أخيراً أنه سيقاضي دور نشر إسرائيلية لترجمتها روايته"عمارة يعقوبيان"إلى اللغة العبرية من دون أخذ موافقته. وأكد أن موقفه من التطبيع واضح وغير قابل للمزايدة. يذكر أن نقابة المهن التمثيلية كانت برأت الشهر الماضي الفنان عمرو واكد من تهمة التطبيع الفني مع إسرائيل، بعد مشاركته في مسلسل من أربع حلقات أمام ممثل إسرائيلي يتناول قصة حياة الرئيس العراقي السابق صدام حسين.