على أنغام الموسيقى الشعبية الرمضانية، يتحدى أهالي منطقة الكرادة وسط العاصمة العراقية بغداد، الظروف الأمنية المتأزمة وتهديدات السيارات المفخخة التي طاولت المنطقة غير مرة بإحياء ليالٍ رمضانية يتخللها توزيع الحلوى والاستماع الى موسيقى المربعات البغدادية وممارسة لعبة "المحيبس" التي درج البغداديون على ممارستها خلال شهر رمضان منذ عشرات السنين. ومنذ بداية الشهر الفضيل، يتجمع العشرات من أهالي المنطقة بعد الإفطار يومياً، في موقع الانفجار الذي شهدته المنطقة أواخر تموز يوليو الماضي وأودى بحياة العشرات من الأهالي كرسالة تحد لدعاة القتل. ويقول حيدر العبودي أحد الذين يشاركون في هذه الأمسيات"ان تجمع الشباب بعد الافطار أمر اعتدنا عليه، الا ان الظروف الأمنية تحول دون ذلك في بعض الفترات، غير اننا اتفقنا هذه السنة على تحدي الظروف ومواجهة واقعنا المرير عبر التلاقي اليومي بعد صلاة العشاء وإحياء الامسيات الرمضانية كما لو ان الوضع الامني في احسن حالاته". وتستمر الأمسيات الرمضانية التي يحضرها اهالي الكرادة حتى الواحدة من بعد منتصف الليل، ويمارس خلالها الكثير من الطقوس الرمضانية البغدادية القديمة وأبرزها لعبة"المحيبس"وهي لعبة جماعية تضم فريقين وفحواها إيجاد"المحبس"الخاتم الذي يتم إخفاءه لدى احد الفريقين فيما يبحث زعيم الفريق الآخر عنه بين ايدي الفريق الخصم. ويتخلل ممارسة هذه اللعبة توزيع الحلويات الشعبية البقلاوة والزلابية على الحاضرين، فيما تعزف فرقة المربعات الموسيقية الأغاني البغدادية القديمة بأدوات موسيقية تقليدية ك"الدف"و"الزنبور"و"القانون". ويقول خضير محمد احد اعضاء المجلس البلدي في منطقة الكرادة ل"الحياة":"ان فكرة اعادة هذا التقليد البغدادي القديم راودت المجلس البلدي قبل شهر رمضان، فنسّقنا مع الجهات الأمنية من الجيش والشرطة المنتشرة في المنطقة، لتوفير الحماية اللازمة لإحياء الامسيات، بالتعاون مع بعض مؤسسات المجتمع المدني". وتقام السهرات الرمضانية، على ركام عمارة الأنباري التي تعرضت الى التدمير الكامل جراء انفجار شاحنة مفخخة أودت بحياة 70 شخصاً وجرح 213 من أهالي المنطقة، وتدمير خمسة منازل.