وسط التوتر الامني الذي يسود غالبية مدن العراق استقبل العراقيون شهر رمضان المبارك للسنة الثانية بعد سقوط النظام السابق، وفرضت الاوضاع الجديدة تقاليد لم يألفها العراقيون من قبل وسببت انحسار تقاليد كانوا يمارسونها. يضاف الى توتر الوضع الامني، الارتفاع الملحوظ في اسعار السلع الذي يثقل كاهل المواطن حتى مع استمرار تدفق المواد الغذائية عبر البطاقة التموينية الشهرية. واعتاد العراقيون تناول وجبة الفطور معاً على مائدة واحدة لتأتي بعدها الزيارات العائلية التي يتم فيها تقديم الحلويات لا سيما الزلابية والبقلاوة والمحلبي وعصير قمر الدين والتمر هندي، ليخرج الرجال بعد وجبة العشاء الى المقاهي والمتنزهات للعب "المحيبس" وهي لعبة عراقية مشهورة تقسم اللاعبين الى فريقين ويخفي اعضاء احد الفريقين المحبس الخاتم في يد احد افراد الفريق ليحاول الفريق الخصم اكتشافه. وعادة ما يلعب الفريقان على صينية زلابية يدفع ثمنها الفريق الخاسر. الاكل خارج المنزل يقول الحاج مروان:"كنا نخرج بعد صلاة العشاء للعب المحيبس حتى موعد السحور ليحصل الفريق الرابح على حلويات يأكلها وقت السحور" ويضيف: "منذ الحرب والمحيبس يشهد انحساراً بسبب عدم توافر الظروف الامنية" وتذكر ام خالد ان ولديها عادة ما يتناولان الفطور في مقر عملهما كما ان المطاعم التي انتشرت اليوم ساعدت على تفضيل البعض الاكل خارج المنزل. من جهتها تلفت منى الى ان ما اختلف في رمضان بعد الحرب هو ان العراقيين يستعدون له على نحو محدود بسبب الحال المعاشية الصعبة لمعظمهم فيما كان سابقاً يتم الاستعداد له قبل اسابيع من بدء رمضان بشراء كميات كبيرة من المواد الغذائية مشيرة الى ان الافران والطباخات والاكلات الجاهزة والمعلبات سهلت على المرأة كثيراً ما افقدها حلاوة اعداد الاكلات الرمضانية. ونادراً ما تخرج المرأة بعد الفطور او قبله الا لتلبية الدعوة عند الاهل أو الاقارب، وتوجب مائدة رمضان على ربة الاسرة العراقية اعداد وجبات ثابتة يعشق العراقيون تناولها في هذا الشهر او اعتادوا عليها واخرى متنوعة بحسب رغبة افراد الاسرة. ومن تلك الاكلات التي ينبغي وجودها كل يوم على مائدة الفطور شوربة العدس والرز والمرق والكباب والدجاج والحلويات بحسب امكان الاسرة الاقتصادية. ويشير عدد من ربات البيوت الى ان ما اختلف من رمضان اليوم عن رمضان الامس هو الوضع المعيشي الذي ادى الى مشاركة محدودة لغالبية افراد الاسرة في بعض العادات الرمضانية كالالعاب الرمضانية والزيارات العائلية بسبب وجود التلفزيونات والقنوات الفضائية التي لا تتوانى عن جذب المشاهد طيلة ايام رمضان. فيما يجد البعض ضالته على رغم سوء الوضع وغياب المتنزهات والنوادي الاجتماعية والترفيهية، في الذهاب مع الاصدقاء والتجوال في بعض الشوارع الآمنة. وافتقد الاطفال العراقيون طيلة الرمضانين الماضيين "المسحراتي" الذي يقرع الطبل قبل صلاة الفجر للسحور طيلة رمضان حتى يعلن اول ايام العيد لتغدق عليه العائلات الميسورة ب"الفطرة". كما تراجعت ظاهرة تجمع الاطفال في موعد الافطار امام الدور او المحال يطلبون الحلويات او العصير وهم يغنون اغنية شعبية تقول بدايتها "ما جينا يا ماجينا، حلي الكيس وانطينا".