اعتبر مسؤول أميركي أن قرار ادارة الرئيس بوش تحويل صفقة سلاح ضخمة، لدول مجلس التعاون الخليجي، على الكونغرس للموافقة عليه ليس وليد الساعة، وانما بدأ درسه منذ الشتاء الماضي. وقال المسؤول الذي رفض كشف اسمه أن واشنطن تنسق مع اسرائيل منذ مطلع الربيع لتسهيل تصديق الكونغرس على المشروع. يشار الى أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها جمع صفقات السلاح لدول مجلس التعاون الخليجي كافة في مشروع قرار موحد للكونغرس، لتجنب الدخول في مواجهات متعددة مع الكونغرس عبر مناقشة كل صفقة في مشروع قرار مستقل. علما ان تمرير الصفقة ومن ثم تزويد الدول المعنية بالأسلحة سيحتاجان الى فترة زمنية تراوح بين سنة وخمس سنوات. كما أن دول مجلس التعاون وقعت خلال العام الماضي على مجموعة عقود عسكرية مع دول أوروبية تتعدى 20 بليون دولار. وسيشكل هذا الأمر، إضافة الى صفقات السلاح الغربية لكل من اسرائيل ومصر والاردن ومع وجود أكثر من مئة قطعة بحرية أميركية في محيط منطقة الخليج، عوامل ضغط هائلة على ايران التي سيرتفع عندها مستوى الشعور بالتهديد الى درجات عالية تجرها الى سباق تسلح لا تقوى عليه. فرغم أن ايران من أكبر الدولة المنتجة والمصدرة للنفط والغاز، الا أنها تعاني أزمات مالية واقتصادية صعبة نتيجة التضخم والعقوبات الدولية وسوء حال بنيتها النفطية، ما يؤثر على حجم الانتاج واستمراره. وبحسب مصدر أميركي مطلع، سيزداد الوضع الاقتصادي لايران صعوبة مع قرار جديد للكونغرس الأميركي يتوقع صدوره قريبا يدعو الى مقاطعة أي شركة تتعامل مع ايران أو تستثمر فيها. وبما أن غالبية الشركات الكبيرة في العالم لديها مصالح أساسية بشكل مباشر أو غير مباشر مع أميركا، فإن العديد من الشركات الأوروبية والآسيوية، وحتى العربية، سترغم على وقف تعاملها مع ايران. كما أن هناك احتمالا كبيرا لزيادة العقوبات الدولية على ايران قريبا في حال لم توقف الأخيرة عملية تخصيب اليورانيوم. الامر الذي يثقل اكثر فأكثر الموازنة الايرانية المضطرة الى زيادة الانفاق العسكري لتحديث ترسانتها العسكرية، بما يؤسس لحرب باردة جديدة في منطقة الشرق الأوسط، بفعل تضافر عوامل الضغوط الاقتصادية والعسكرية الاميركية على ايران. وستتصاعد وتيرة هذه الحرب في الشهور المقبلة وعلى الصعد كافة، أي ديبلوماسية واقتصادية وسياسية، وربما عسكرية. وإذ يستبعد محللون نية واشنطن شن هجوم عسكري استباقي على ايران في ظل الأجواء السياسية داخليا وخارجيا، لكنهم يعتبرون ان الادارة الاميركية لن تتردد في دخول هذه الحرب في حال أقدمت ايران على عمل استفزازي نتيجة سوء حساب ميداني، مثل أسر بحارة أميركيين. ويضيف المحللون أن غالبية القيادات في كل من أميركا واسرائيل لا تزال تعتقد بأن الضغوط الاقتصادية والسياسية ستكون كافية لتغيير موقف ايران وضرب محورها. لكن هذا الأمر يتطلب مزيدا من الوقت والتيقظ لهجوم عسكري مضاد باسلوب انتحاري من ايران وحلفائها في حال وجدت نفسها محشورة في زاوية صعبة. ويتوقع المراقبون أن يرتفع مستوى التوتر في المنطقة عموما، وفي كل من العراق ولبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة ومياه الخليج خصوصا. وقد تشهد المنطقة ولادة جبهة جديدة، وتحديدا في الجولان المحتل حيث تزداد التوقعات في كل من سورية واسرائيل لاندلاع حرب جديدة هناك خلال الخريف المقبل تكون إما نتيجة ظهور حركات مقاومة فيه أو نتيجة هجوم استباقي من اسرائيل لضرب النظام وقطع خط الامداد ل"حزب الله"من ايران. لكن مصادر غربية واسرائيلية تنفي نية اسرائيل مهاجمة سورية، وتبرر المناورات المكثفة للجيش الاسرائيلي في الجولان كونها المنطقة الوحيدة في الدولة التي تملك التضاريس والمساحة الجغرافية الكبيرة المطلوبة لاجراء تدريبات عسكرية واسعة. وتضيف هذه المصادر أن ايران هي المستفيد الأكبر من حرب سورية - اسرائيلية كونها ستدخل عنصرالحرب العربية - الاسرائيلية في صلب مواجهتها مع الغرب ودول الخليج العربي، وتخفف من مستوى الاحتقان داخل الشارع السني العربي ضد ايران، وتفكك الحلف الأميركي. * باحث في الشؤون الاستراتيجية