أعربت أوساط روسية عن قناعتها بإمكان تحقيق تقدم محدود على صعيد كسر الجمود في العلاقات الروسية الأميركية خلال قمة الرئيسين جورج بوش وفلاديمير بوتين، بغض النظر عن ضعف الآمال في"تجاوز عقبة الملفات الخلافية الأساسية". ويرى البعض في موسكو ان بوتين يسعى إلى إقناع نظيره الأميركي بضرورة التراجع عن فكرة نشر الدرع الصاروخية في أوروبا لمصلحة القبول بالمبادرة الروسية للتعاون في محطة الرادار الروسية في أذربيجان، على رغم القناعة السائدة بأن الأميركيين لن يستجيبوا للطلب الروسي. ويشكل هذا واحداً من عناصر البحث الأساسية التي يسعى بوتين الى مناقشتها في الولاياتالمتحدة، إضافة الى مسألة الأمن النووي وقضايا منع الانتشار، وموضوع استقلال إقليم كوسوفو الذي تنظر إليه موسكو"بجدية كبرى"بحسب مسؤول في الكرملين. ولا يعلق المسؤولون الروس آمالاً على احتمال تحقيق تقدم في هذه الملفات لتقريب وجهات النظر بين البلدين، وعلى العكس من ذلك رجح البعض ان تتعرض بلادهم لمزيد من الضغوط على صعد مختلفة وخصوصاً في مجال الحريات الديموقراطية وعلاقات روسيا مع جيرانها في دول الرابطة المستقلة، وهذا ما دفع بحسب البعض الى استباق القمة بتوجيه رسالتين واضحتين الى واشنطن، تمثلت الأولى في تجربة صاروخ عابر للقارات جددت تحذير القادة العسكريين الروس من ان القدرات الروسية"قادرة على اختراق اي درع أميركية مهما بلغت درجة تطورها". اما الثانية فجاءت قبل ذلك بقليل عندما منعت موسكو وفدين عسكريين من بلغاريا وهنغاريا من زيارة وحدات عسكرية روسية، ما عنى تأكيداً ان مرسوم انسحاب روسيا من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة التقليدية في أوروبا بات جاهزاً وينتظر توقيع الرئيس. ولا يستبعد البعض ان يتم نشره رسمياً بعد القمة في حال لم تحصل موسكو على الحدود الدنيا التي تسعى إليها من هذا اللقاء. ولا يخفي سياسيون روس ان بلادهم حريصة على تخفيف حدة التوتر مع واشنطن وتحقيق"حد ادنى من التقارب"حتى في حال اخفق الطرفان في حل القضايا الأساسية المختلف عليها، واعتماداً على هذا التوجه لفت كثيرون الى ان بوتين ادرج على جدول الأعمال مناقشة التعاون الاقتصادي في مسعى لإحراز تقدم على صعيد تعديل قانون"جاكسون فينيك"الذي فرض في العهد السوفياتي وما زال يشكل عقبة أمام انضمام روسيا الى منظمة التجارية العالمية وأمام توسيع تعاونها الاقتصادي التجاري مع الولاياتالمتحدة. ويعد ملف الطاقة، العنصر الثاني الذي تأمل موسكو في تحقيق تقدم من خلاله، وفي هذا المجال يرى البعض ان مبادرة بوتين لإنشاء مراكز دولية لتخصيب اليورانيوم ومبادرة بوش في شأن الاستخدام السلمي للطاقة النووية يمكن ان تشكلان أرضية مناسبة للنقاش. وأشار محللون روس الى ان الكرملين يرى ان فشل القمة في الخروج بأي نتائج إيجابية سيكون معناه مواصلة جمود العلاقات وربما تدهورها اكثر خلال المرحلة المقلبة المهمة لموسكو كونها تسبق انتخابات رئاسية مقبلة في البلدين. وفي هذا الإطار يشير البعض الى وصول الديموقراطيين الى البيت الابيض يعني اضافة عنصر جديد من المتاعب الى العلاقات الروسية - الاميركية، اذ على رغم ان إدارة بوش أثارت مرات مسألة الحريات الديموقراطية في روسيا فإن الديموقراطيين الأميركيين يمكن ان"يختطفوا هذا الشعار"عشية الانتخابات ويضعونه في مركز الصدارة، ليحل بدلاً من شعار الشراكة في مكافحة الإرهاب الدولي، ما يؤثر على روسيا وعلى مسار العلاقات الثنائية. وقبل مغادرته روسيا الى الولاياتالمتحدة امس، قال بوتين انه يتطلع الى إجراء محادثات دافئة وودية مع بوش تحترم مصالح البلدين، وذلك في منتجع عائلة بوش في ولاية مين. وقال بوتين رداً على سؤال في منزله الريفي خارج موسكو:"في السياسة هناك منافسة طيلة الوقت تقريباً. المهم أن تكون المنافسة وفقاً لقواعد محددة وضرورة احترام مصالح بعضنا البعض. اتمنى أن يكون حواري مع هذا الرجل بوش الذي تربطني به علاقات دافئة وودية جداً، متسماً بالصفات ذاتها". والتقى بوتين بالصحافيين والرياضيين في منزله الريفي الروسي قبل إجراء تصويت في الرابع من تموز يوليو المقبل، على المدينة الفائزة باستضافة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2014، وإحدى المدن الثلاث المتنافسة مدينة سوتشي الروسية.