يراهن الرئيس جورج بوش على "ديبلوماسية حسن الضيافة" لكسر الجمود في العلاقة مع موسكو، وذلك خلال استقباله غدا لنظيره الروسي فلاديمير بوتين في المنتجع الصيفي لعائلة بوش في كينيبنكبورت على خليج ولاية ماين. وتعقد القمة في اجواء توتر تعتبر سابقة منذ نهاية الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفياتي، في ظل خلافات على نشر الدرع الصاروخية الأميركية في شرق أوروبا ودعم واشنطن استقلال كوسوفو، إضافة الى الأزمة النووية الايرانية. ويبدو ان ضرورة ترطيب الأجواء مع سيد الكرملين، استدعت حضور الرئيس السابق جورج بوش الأب القمة، باعتباره أول رئيس أميركي يبدأ علاقات طبيعية مع روسيا بعد انتهاء الحرب الباردة. وسيحاول الطرفان رسم صيغة تفاهم على مواضيع الأمن القومي والسياسة الخارجية، خلال اجتماعات العمل التي ستتخللها رحلات بحرية لصيد السمك. واللافت ان الناطقين باسم البيت الابيض والكرملين توني سنو وسيرغي بريخودكو خففا التوقعات في شأن تحقيق اختراقات، خصوصاً ان القمة تأتي على ابواب انتهاء ولايتي بوتين وبوش، وفي وقت تسعى الادارة الاميركية اكثر من ذي قبل، الى تأكيد موقع الولاياتالمتحدة كقوة عظمى وحيدة، وتريد من ورثة السوفيات الاذعان لهذا الأمر. وأعلن بريخودكو ان الرئيس الروسي يعتزم خوض مناقشات"مفتوحة وصريحة"حول الانتقادات الغربية"غير المبررة"لموسكو في شأن"تراجعها عن مسار الديموقراطية"كما قال بوش. وتابع المسؤول الروسي ان الحملة الغربية على بلاده تقلقها"بشدة". وأضيف أخيراً، بند جديد الى لائحة الملفات الخلافية، هو دخول روسيا القوي الى منطقة اميركا اللاتينية، نتيجة التعاون بين الكرملين والرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز الذي زار موسكو هذا الأسبوع سعياً الى شراء غواصات قادرة على حمل رؤوس صاروخية مدمرة وانظمة دفاعية متطورة لسلاحي الجو والبحرية الفنزويلليين. ولم يخف تشافيز نية بلاده استخدام تلك التقنيات الروسية لتطوير استراتيجية دفاعية متكاملة"تمكنها من"مواجهة التهديدات الاميركية المتواصلة". في الوقت ذاته، تبرز امكانات لابرام شراكات جديدة بين واشنطنوموسكو، اذ يرى الكرملين أن مبادرة بوتين الخاصة بإنشاء مركز دولي لتخصيب اليورانيوم على غرار المؤسسة الروسية في أنغارسك، وكذلك مبادرة بوش التي تشمل الاستخدام السلمي للطاقة النووية في إطار"الشراكة العالمية في مجال الطاقة"، تشكلان ركيزة التعاون الروسي - الأميركي لدعم تطوير الطاقة النووية السلمية. وكان دانييل فريد مساعد وزيرة الخارجية الاميركية ابلغ لجنة في مجلس الشيوخ اخيراً ان الاتفاق الذي يحمل اسم"123"باعتباره يخضع للفقرة 123 من قانون الطاقة الذرية،"شبه منجز"، واصفاً اياه بأنه"مهم"للشراكة العالمية للطاقة النووية التي ناقشتها الولاياتالمتحدةوروسيا على مدى اكثر من سنة، كوسيلة لتوسيع الاستخدام السلمي للطاقة النووية والحد من اخطار الانتشار النووي. ويمثل الاتفاق تغييراً مهماً في السياسة الاميركية، اذ حظر معظم التعاون النووي مع روسيا في عهد ادارة الرئيس بيل كلينتون بسبب دور موسكو المحوري في بناء محطة بوشهر الايرانية للطاقة النووية، فيما ترى ادارة بوش أن موسكو تعاونت على نحو متزايد في شأن ايران وقضايا اخرى في مجال حظر الانتشار النووي. وفي شأن الدرع الصاروخية، اعتبر الكرملين ان المطلوب فتح حوار صريح لتحديد الأخطار المشتركة في اوروبا وسبل مواجهتها، وحمّل واشنطن مسؤولية عدم التوصل الى اتفاق من خلال الاشارة الى ضرورة توافر الارادة السياسية للتعاون في هذا المجال"فإما أن تتطلع الولاياتالمتحدة إلى المستقبل وإما أن تبقى في الماضي".