منذ أغنية "عربي أنا"، خطّ المغني اللبناني يوري مرقدي لنفسه طريقاً خاصة به في الغناء. وبعد أن قدم عدداً من الأغاني الناجحة بالفصحى، كان هو كاتبها وملحن غالبيتها، اتجه الى الغناء بالعامية اللبنانية والمصرية، متعاوناً مع شعراء وملحنين آخرين. كما حصد نجاحاً في مجال التمثيل، بعد تجربته في فيلم"منتهى اللذة". وهو يصف تلك التجربة ب"الرائعة"و"الصعبة"في آن معاً، ذلك ان"العمل في السينما المصرية ليس سهلاً، خصوصاً أنني خشيت كثيراً من أن تؤثر تجربتي السينمائية الأولى سلباً في ما حققته في دنيا الغناء، إذا ما فشلت". ويكشف مرقدي انه تلقى عرضاً للمشاركة في الفيلم اللبناني"البوسطة"لفيليب عرقتنجي، إذ كان سيشارك نادين لبكي البطولة، لكنه حينها كان ارتبط بتصوير"منتهى اللذة". وهو يعتبر ان"المشكلة في السينما اللبنانية أنها لم تتحول الى صناعة، كما في مصر، بل ترتبط بمحاولات ومبادرات فردية. فلا يوجد لدينا نظام واضح للتسويق والعرض والمبيعات... ثمة محاولات لبنانية جيدة، لكننا مازلنا في البدايات". ويشير الى انه لا يرغب في الابتعاد عن الغناء مرة أخرى."هذا يكفي، فأنا مغنٍ أساساً وليس ثمة فيلم جديد، على رغم الكثير من العروض، لأنني أبحث عن فكرة أفضل وأقوى من تجربتي الأولى، فأنا إذا كنت سأقدم أفلاماً جديدة، وهذا وارد، لا بد من أن أتقدم، ولا أتراجع". لكن لماذا ابتعد مرقدي عن الغناء بالفحصى أخيراً؟ يقول:"لم أتنازل نهائياً عن الفصحى، إذ كنت أحرص على تضمين كل ألبوماتي، حتى الجديدة منها، أغنية بالفصحى... كنت أفكر بأنني سأستمر في الفصحى من دون غيرها، وكان هذا قراري فعلاً. لكن إصرار الكثيرين على خوض تجربة الغناء بالعامية اللبنانية، أو المصرية، دفعني الى التجربة. ولا أعتقد بأن العناد يجدي نفعاً في الفن، وحين تقبلني الناس بالمصرية، قررت أن أغيّر شروط اللعبة قليلاً، فغالبية أغاني ألبومي المقبل بالعامية اللبنانية"، موضحاً ان الألبوم تأخر بسبب الفيلم، والأحداث السياسية والأمنية التي شهدها لبنان أخيراً. وهو يعتبر ان هذا الألبوم وهو الخامس مهم ومصيري."فإما أن يلقى نجاحاً فأستمر في الغناء، وإما عدم الاستمرار إذا فشل... عموماً، مررت بفترات إحباط كثيرة، وأتمنى أن أوفق في الألبوم الجديد الذي بحثت فيه عن شيء مختلف، لكنه يشبهني في الوقت ذاته"، مشيراً الى انه يتضمن 11 أغنية، وهو من إنتاجه الخاص، بعدما ترك شركة"روتانا". وتعاون فيه مع ملحنين معروفين، مثل طارق أبو جودة وعمرو مصطفى، إضافة الى أغان من كلماته وألحانه وتوزيعه. وعن سبب انفصاله عن"روتانا"، يقول بلا تردد:"ببساطة لأنني لم أسترح في العمل معهم"، مؤكداً ان الأمر ليس بسبب الاحتكار:"كلمة احتكار"مش عاطلة". المشكلة في ما بعد الاحتكار... مثلاً أن يقوم أحد باحتكار أغنيتي، ومن ثم تسويقها، وترويجها للجمهور، فهذا أمر جيد. لكن الكارثة عندما تحتكر الأغنية، ولا تفعل شيئاً لتسويقها ونشرها، لمجرد"النكاية"بالشركات الأخرى. هذا ليس احتكاراً، بل انتحار... المشكلة بدأت مع كليب"أنساك"الذي صورته بطريقة الكترونية مع الفنانة الراحلة سعاد حسني. إذ منعت"روتانا"ترويج الكليب وظهوره، على رغم أنني مشارك في الإنتاج بنصف التكاليف. فشعرت بأن القصد من هذه الخطوة ليس"التطفيش"، بل تكسير الأجنحة، فتركت الشركة ... واقتنعت بأن أنتج أعمالي بنفسي كما في"عربي أنا"، و"بحبك موت". ولدى سؤاله عن سر نجاحه، يقول بعفوية:"لا يوجد سر في الأمر. المسألة مثل السَّلَطة، إذا كانت البندورة طازجة، والزيت طيب، وكل المقادير صحيحة... فإن السلطة ستكون لذيذة. والأمر ذاته ينطبق على الفن. فإذا توافر الإلهام والإحساس... فإن الأغنية ستنجح بالتأكيد. والأهم أن يحبك الجمهور. وفي هذا السياق أتذكر أن أي شركة إنتاج لم توافق على إنتاج أغنية"عربي أنا"، لكنني حاربت وأصررت... فنجحت الأغنية، لأن الجمهور هو من يقرر في النهاية، وليس المنتج". وعن مواصفات الفنان الناجح، يقول مرقدي:"أهم شيء أن يكون حقيقياً، وألا يزوّر نفسه أمام الإعلام، وأستغرب من الفنانين الذين يقولون"أنا أحب الجميع، والجميع يحبني". الفنان"بني آدم"، ومستحيل أن يحب الجميع، وأن يحبه الجميع". وينفي مرقدي ان تكون الإشاعات التي لاحقته خلال مسيرته الفنية أزعجته،"بل على العكس، كانت الإشاعات مصدر تسلية بالنسبة إليّ".