عرف الجمهور درو باريمور وهي طفلة في السابعة من عمرها، ولقبوها بپ"خطيبة إي تي" بعدما تولت بطولة الفيلم الأميركي الخيالي "إي تي" من إخراج ستيفن سبيلبرغ، حيث كانت تصرخ في وجه كائن من الفضاء قبل أن تجمعها به صداقة قوية فتنهمر دموعها في المشهد الختامي عندما يغادر"إي تي"كوكب الأرض عائداً الى حيث ينتمي. لكن الطفولة التي عاشتها باريمور في الحقيقة لا علاقة لها إطلاقاً بالأساطير السينمائية الخيالية أو حتى بأي حياة عادية تعيشها صبية في عمرها، فهي أدمنت الكحول والمخدرات في سن العاشرة وقضت مراهقتها في المصحات والعيادات النفسية قبل أن تعود الى ممارسة حياة شبه طبيعية وهي في الثامنة عشرة وتصبح نجمة مرموقة ومنتجة سينمائية أنتجت الجزءين السينمائيين من الحلقات التلفزيونية"ملائكة تشارلي" وامرأة شابة طموحة ومرحة ومتزنة لا يتخيل من يراها أنها عبرت مثل هذا الجحيم. تتحدر باريمور من عائلة عريقة في السينما الهوليوودية، منذ النصف الأول من القرن العشرين، فهي حفيدة كل من جون باريمور، ما لم يمنعها من أن تكوّن لنفسها شخصية مستقلة تماماً عن عائلتها ومن ممارسة الفن على طريقتها مستندة الى خبرتها الواسعة في الحياة، وهي الآن في الثانية والثلاثين من عمرها. وتحب باريمور أن تصرح في كل مناسبة بأنها لم تشاهد أي فيلم من أفلام أجدادها نجوم أيام زمان، وبأن اسم باريمور هو الشيء الوحيد الذي يجمع بينها وبينهم. في العام 2005 مثلت باريمور في فيلم عنوانه"أيها المحظوظ"الى جوار إيريك بانا نجم الفيلمين الناجحين"طروادة"وپ"ميونيخ"، لكن الفيلم، ولأسباب مجهولة، لم يوزع في أوروبا قبل الآن، بل في الوقت نفسه لنزول فيلمها الجديد"موسيقى وكلمات"الذي تتقاسم بطولته مع هيو غرانت. زارت درو باريمور باريس للترويج للعملين فالتقتها"الحياة"وحاورتها. هل تعرفين لماذا لم يوزع فيلمك"أيها المحظوظ"في أوروبا قبل الآن؟ - لا اعرف السبب بالتحديد، لكنني أعرف أن الأوروبيين يتمتعون بعقلية خاصة جداً ومختلفة عن تلك السائدة في الولاياتالمتحدة، فربما أن الفيلم هذا ليس على ذوق غالبية الأوروبيين وبالتالي لم يقدم أي موزع على اقتنائه. والذي حدث هو قيام شركة موزعة بريطانية بشرائه منذ شهور عدة، فنزل الفيلم الى الصالات الانكليزية ولقي النجاح، الأمر الذي دفع بموزعين فرنسيين وإيطاليين وألمان الى فعل الشيء نفسه. يتناول الفيلم موضوع لعبة البوكر في مدينة لاس فيغاس الأميركية من خلال حكاية الحب التي يعيشها البطل معك، فهل تعتقدين بأن الحبكة أميركية مئة في المئة ولذلك لم تعجب الشركات الأوروبية الموزعة أساساً؟ - لن أقول ذلك إطلاقاً، ويكفي النظر الى النجاح الذي لقيه فيلم"أوشيانز 11"مع جورج كلوني والذي يروي حكاية عصابة تنوي السطو على نوادي الألعاب في لاس فيغاس بالتحديد، للتأكد من أن هذه المدينة الساحرة تمارس جاذبيتها على الناس في العالم كله. لا أعتقد بأن المسألة في حاجة الى تحليل في ما يخص توزيع فيلم"أيها المحظوظ"، وكل ما أتمناه هو أن ينجح الفيلم ويثبت للموزعين أنهم كانوا على خطأ، خصوصاً أنني أنتجت الفيلم بنفسي. هل تفضلين التمثيل أم الانتاج؟ - التمثيل بلا شك، فهو هاجسي الأول منذ الطفولة، وقد وقفت فوق خشبات المسارح عندما كنت لا أزال في الخامسة من عمري، ثم في سن السابعة أديت أول بطولة سينمائية مطلقة لي في فيلم"إي تي"، ولم أتوقف منذ ذلك الحين عن ممارسة التمثيل، إلا ربما في خلال فترة الصعوبات النفسية التي عشتها وأنا صبية. أما الانتاج فبدأته وأنا امرأة بالغة، بطبيعة الحال، وأحقق بواسطته بعض أمنياتي السينمائية، بمعنى انني أنتج السيناريوات التي تعجبني وأشجع بالتالي المؤلفين الشبان، ثم أمنح لنفسي الأدوار التي أعتبرها تليق بي وتسمح لي بكسر الإطار الذي تحبسني فيه السينما الهوليوودية التقليدية. شجاعة وخطيرة وما هو هذا الإطار؟ - الإطار الرومانسي الخفيف والساذج بعض الشيء، فعلى رغم أن فئة كبيرة من هذه الأدوار تعجبني وتسمح لي بتحقيق النجاح الجماهيري العريض، أشعر بضرورة التغيير وإثبات طاقتي الفنية بطريقة كلية. وعلى سبيل المثال، من كان ينتظرني في دور امرأة مغامرة تمارس الألعاب الرياضية الآسيوية وتقهر الأشرار؟ لا أحد غيري، واستناداً الى هذا الواقع أنتجت فيلم"ملائكة شارلي"، والجزء الثاني منه أيضاً، ومنحت نفسي شخصية بطلة شجاعة وخطيرة، واخترت الى جواري كلاً من كاميرون دياز ولوسي ليو. هل كنت من المعجبات بمسلسل"ملائكة شارلي"التلفزيوني أصلاً؟ - نعم وإلا لما اقتنيت حقوق تحويله الى عمل سينمائي. هذا المسلسل هو الأول الذي منح البطولة المطلقة لثلاث نساء في لون المغامرات وإبراز العضلات، وقد بهرتني كل حلقة من حلقاته، فرحت أتخيل نفسي بطلة وقاهرة أشرار مثلهن، ثم حولت حلمي حقيقة عندما أنتجت الفيلم في جزءيه. وماذا عن الدور الذي تؤدينه في"أيها المحظوظ"؟ - انه أيضاً لا يشبه أدواري الرومانسية التقليدية، فأنا أمثل هنا امرأة تقع في غرام رجل يحترف اللعب، ولعبة البوكر بالتحديد، في نوادي لاس فيغاس فتقرر إرغامه على اعتزال نشاطه هذا لأنها لا تستطيع تخيل نفسها متزوجة من شخص يقضي عمره في اللعب، ومن ناحية ثانية، لا تقدر على فراقه. إنها لا تعثر على وسيلة ثانية سوى تحويل حياته اليومية الى جحيم، والفيلم بالتالي يزخر بالمواقف المرحة لكن الدرامية ايضاً، وهذا ما يصنع جاذبيته، كما ان مخرجه كورتيس هانسون من ألمع السينمائيين في هوليوود. أنت لا تترددين إذاً في اختيار الأفضل من أجل تنفيذ الأفلام التي تنتجينها وأيضاً لمشاركتك بطولتها؟ - نعم طالما أن شركتي تربح وتسمح لي بفعل ذلك. صحيح أن التمثيل مع إيريك بانا أو سابقاً مع كاميرون دياز ولوسي ليو على سبيل المثال، هو شيء أتباهى به وأعتبره حقيقة بمثابة نجاح في عملي الإنتاجي. أما تسليم زمام إخراج فيلم"أيها المحظوظ"لفنان من طراز كورتيس هانسون، الرجل الذي أخرج"إل إي كونفيدنشيال"مع كيم باسينجر وراسل كرو وكيفين سبيسي، فهو أحلى شيء أهديته لنفسي حتى الآن في حياتي الفنية. هل تكسبين أكثر كممثلة أم كمنتجة؟ - الأجر كممثلة مضمون في شأن كل فيلم أعمل فيه، وأما الربح العائد من الانتاج فيكاد ينعدم كلياً أو على عكس ذلك يتعدى كل ما يمكن للمرء أن يتوقعه، وهناك الربح الذي يأتي بعد فترة طويلة، مثلما هي الحال في خصوص فيلم"أيها المحظوظ"الذي يوزع في أوروبا بعد مضي سنتين على تصويره ونزوله الى الصالات الأميركية. وللرد على سؤالك أقول انني أكسب أكثر كمنتجة، لكنني أجاذف أكثر وأتحمل مسؤولية لا علاقة لها في النهاية بمسؤولية الممثل المحدودة جداً. هل هناك مشروع لتصوير الجزء الثالث من"ملائكة شارلي"مع زميلتيك لوسي ليو وكاميرون دياز؟ - الفكرة موجودة لكن المشروع لم يبدأ بعد بسبب انشغالي بأفلام أخرى جيدة لا أستطيع التنازل عنها بالمرة في الوقت الحالي. حديثنا عن هيو غرانت الذي شاركك بطولة فيلم"موسيقى وكلمات"؟ - لم أضحك في حياتي المهنية مثلما ضحكت أثناء تصوير هذا الفيلم، ذلك أن هيو غرانت يخفي وراء برودته البريطانية الظاهرية مزاجاً حاراً ومرحاً، وهو لا يكف عن سرد النكات والتقلب في تصرفاته وكلامه بين الهزل والجد، الى درجة أنه يثير البلبلة في عقول من يحيطون به ويعملون معه. انه يمثل في هذا الفيلم شخصية نجم من نجوم الغناء والاستعراض، دارت عجلة حظه فصار يغني في الحفلات الرخيصة الى أن عثر في يوم ما على فرصة استعادة مكانته مرة جديدة من طريق مشاركته نجمة شابة ومرموقة جداً في أحد استعراضاتها، لكن شرط أن يكتب لها أغنية تعجبها وتخاطب جمهورها من الشباب. وبما أنه يجيد الغناء وليس الكتابة، يجد الرجل نفسه في مأزق قد يحرمه من فرصة ذهبية مطروحة أمامه فيلجأ، من طريق الصدفة، الى خدمات فتاة اختصاصية في رعاية الزهور كي تكتب له كلمات الأغنية التي ستعيد له نجوميته المفقودة. وطبعاً تنشأ بينهما علاقة عاطفية رومانسية وكل شيء ينتهي على أحسن وجه. والطريف أن غرانت لا يجيد الغناء بالمرة في الحقيقة، وهو اضطر الى التدريب مع معلم متخصص حتى يصير مقنعاً في شخصية مغنٍ يدندن كلمات سطحية بل غبية، فوق ألحان الروك أند رول. وأمثل أنا دور اختصاصية الزهور التي تؤلف الأغنية المعجزة. ما هو شعورك عندما تشاهدين فيلم"إي تي"الآن، فهل تتخيلين أن الصبية بطلة الحكاية هي أنت؟ - نعم، لأنني أتعرف بسهولة جداً الى طابعي السيئ وعلى مزاجي الصعب، فأنا كنت أصرخ وأبكي فوق الشاشة تماماً مثلما كنت أفعله في البيت مع أهلي. لقد تغيرت كثيراً الآن وأصبحت امرأة عاقلة وطيبة القلب وناعمة ولا أقضي وقتي في إثارة غضب الغير ضدي. هل يمكننا سؤالك عن طفولتك المعذبة؟ - نعم، ولكنني لن أتمادى في سرد تفاصيل كتبت مئات المرات في كل الصحف والمجلات في العالم، وكل ما يمكنني إضافته هو انني عشت بعض الظروف الغريبة والأليمة واختلطت في صباي بأشخاص لم يترددوا في سحب طفلة صغيرة معهم في تيار جهنمي جرفهم. وربما أنهم كانوا مرضى من الناحية العقلية والنفسية وعلى غير دراية بتصرفاتهم، فأنا أمتنع عن الحكم عليهم وإن كنت أميل الى تسميتهم بمجرمين. والمهم في الحكاية هو انني عثرت من ناحية ثانية على من يتولى رعايتي ويشرف على علاجي، وها أنا الآن في حالة صحية جسمانية وعقلية جيدة وأشكر السماء على هذه النعمة.