بدأت القصة الفعلية للقنبلة الذرية الأولى عام 1939، حين أطلقت أميركا برنامجاً للأبحاث يرتكز الى مقولات علمية للفيزيائي الايطالي أنريكو فيرمي، الذي وضع الأسس النظرية لعملية"قصف"نواة اليورانيوم المُشعّ بالنيوترونات، وهي جسيمات ثقيلة في نواة الذرة. وفي ذلك الوقت، استطاع علماء في ألمانيا تطبيق نظرية فيرمي، وقصفوا أنوية يورانيوم بالنيوترونات، فانطلقت من اليورانيوم كمية هائلة من الطاقة، ما يتطابق أيضاً مع معادلة ألبرت آينشتاين الشهيرة عن تحوّل الكتلة الى طاقة تحت أثر السرعة المرتفعة E=MC2. ومن المثير أن عالمة رياضيات ألمانية شاركت في تلك التجربة، تنبّهت الى أهميتها الفائقة، وفرّت من ألمانيا لتلتقي بالعالم الدنماركي نيلز بور، الذي اشتهر بقوة علاقاته ببريطانيا وأميركا. واستطاع بور أيضاً تهريب العلماء الذين أجروا تجربة"قصف"أنوية اليورانيوم، الى الولايات المتحدة! وبعد لقائه مع تلك العالمة، هرع بور الى أميركا ليناقش تجربة قصف اليورانيوم مع آينشتاين. وسرعان ما كُرّرت تلك التجربة في جامعة كولومبيا، و"مختبر جون هوبكنز"و"مؤسسة كارنيجي"في واشنطن. ضم فريق العمل في كولومبيا، انريكو فيرمي نفسه، الذي فرّ من إيطاليا هرباً من الفاشيين. وناقش فيرمي وبور امكان توليد كمية من الجسيمات النشطة إشعاعياً، بأثر من قصف كمية محدودة من الذرّات بالبروتونات، بحيث تستطيع، ومنذ لحظة صدورها، ان تقصف بدورها الأنوية الذرية في الكمية الباقية. ويُشبه ذلك إشعال كمية صغيرة من المفرقعات في مخزن كبير لها، بما يجعل الكمية الصغيرة قادرة على اشعال بقية الكمية الضخمة من المفرقعات، بتفاعل متسلسل، ما يؤدي إلى انفجار ضخم. وتُسمى الكمية الأولى"الكتلة الحرجة" Critical Mass. ويُقال إن فريقاً علمياً ألمانياً كان يعمل في الوقت عينه في صنع قنبلة ذرية لهتلر، لكنه أخفق بسبب عدم قدرته على التوصّل الى حلّ إشكالية"الكتلة الحرجة". وأما في أميركا، فأظهرت حسابات فيرمي وبور ان تفاعلاً كهذا في إمكانه ان يولّد انفجاراً مقداره اربعين مليون طن من متفجرات"تي ان تي"، باستعمال أقل من نصف كيلوغرام من اليورانيوم، وبالتحديد النظير المُشع 235. وفي آذار مارس من عام 1940، بعد 6 شهور من غزو ألمانيا لبولندا، وصلت إلى مختبر جامعة كولومبيا العينات الأولى من النظير المُشع، اليورانيوم 235. واستطاع العلماء تكرار نتائج التجربة الألمانية، ما أكّد لهم ان ذلك النظير شكّل مصدر الطاقة التي لوحظت فيها. وقبل ذلك بسنة، أورد آينشتاين انه شبه متأكد من ان من المستحيل"تحويل المادة إلى طاقة تستخدم في شكل عملي، ولفترة طويلة". أما في تشرين الأول اكتوبر من عام 1939، فخاطب الرئيس فرانكلين روزفلت مبيّناً انه ربما بات من الممكن تحقيق تفاعل متسلسل"في المستقبل القريب مباشرة"، مُضيفاً ان من"المفهوم ان قنابل هائلة القوة من نوع جديد... صارت قابلة للصنع". وجاء رد روزفلت بان أنشأ هيئة صارت لاحقاً"المجلس الوطني للبحوث الدفاعية". خلال الخمسينات، عرضت مجموعة من الدول الكبرى، أولها أميركا وتلتها روسيا ثم بريطانيا، عضلاتها العلمية بتفجير قنابل هيدروجينية. ويُطلق ذلك النوع من القنابل طاقته عبر تحويل الهيدروجين إلى هيليوم، على غرار ما يحدث في قلب الفرن الشمسي، مستعملاً قنابل الانشطار النووي كصاعق لتحفيز الانفجار الكبير! واستطاع الروس تحقيق القنبلة الهيدروجينية الأضخم. وفي 20 تشرين أول 1961، على الطرف الشمالي من جزيرة"نوفايا زيملايا"، أطلقوا قنبلة حوّلت 3 كيلوغرامات من المادة إلى طاقة منفلتة. بلغت قوة تلك القنبلة 57 ميغاطن، ما يزيد على قنبلة هيروشيما 3 آلاف ضعف.