معظم العلماء الذين ساهموا في تفجير أول قنبلة ذرية أميركية كانوا أجانب.. كان أبرزهم فيرمي الإيطالي، وزيلارد المجري، وأنشتاين النمساوي، وأوبنهايمر الألماني.. هرب أنشتاين من النازيين، وفيرمي من الفاشيين، وهرب البقية من جحيم الحرب العالمية الثانية في أوروبا.. وفي تلك الفترة كانت ألمانيا تخوض سباقاً محموماً مع بريطانياوروسيا وأميركا لشطر الذرة وإنتاج أول قنبلة ذرية.. وخلال الحرب سمع فيرمي (الذي قدم للتو من إيطاليا) بأن العلماء الألمان كرروا تجاربه على اليورانيوم واقتربوا من فلق الذرة. وهكذا اتفق مع زميله زيلارد على كتابة رسالة للرئيس الأميركي روزفلت يحذرونه فيها من اقتراب هتلر من امتلاك قنبلة خارقة يمكنها نسف مدن كاملة.. وكي يمنحا رسالتهما قوة ومصداقية عرضا على أنشتاين التوقيع عليها أيضاً.. أنشتاين لم يرحب فقط بالفكرة بل وأضاف فقرة أرعبت روزفلت يقول فيها: "وقد وصل لعلمي أن هتلر منع تصدير اليورانيوم من ألمانيا وأمر باستيراد كافة الكميات المستخرجة من أفريقيا لهذا الغرض"... وحين اطلع روزفلت على الرسالة (المقدمة من أعظم ثلاثة فيزيائيين في العالم) أمر فوراً بإنشاء مشروع سري لأبحاث الذرة عرف بمشروع مانهاتن.. وخلال عامين تم تحديد كتلة التفجير الحرجة (من عنصر اليورانيوم الذي اكتشفه فيرمي) واقتربت أميركا من الفوز بسباق الذرة - رغم تجسس الروس الدائم على المشروع.. وحين هاجم اليابانيون ميناء بيرل أصبحت أميركا منقسمة بين جبهتين؛ في أوروبا بمواجهة هتلر، وفي آسيا بمواجهة اليابان.. لم تكن حينها أقوى دولة في العالم وأدركت أن التغلب على اليابان يتطلب سلاحاً نوعياً جديداً.. ضغطت على العلماء للانتهاء من صنع القنبلة الذرية وتمكنت فعلاً من تفجير قنبلة صغيرة في صحراء الامجوردو في 16 يوليو 1945.. ولضيق الوقت رفض الرئيس الأميركي تجربة القنبلة الثانية وأمر برميها مباشرة فوق رؤوس اليابانيين (الذين كانوا يفضلون الانتحار على التخلي عن مواقعهم في آسيا).. غير أن اليابانيين لم يستسلموا حتى بعد تدمير هيروشيما بأول قنبلة ذرية (في 6 أغسطس 1945) الأمر الذي استدعى قذف نجازاكي بعد ثلاثة أيام والتهديد بقصف طوكيو في حال رفض الامبراطور الاستسلام.. وباستسلام اليابان تأكد نجاح مشروع مانهاتن (أغلى مشروع علمي في التاريخ) وتأكد نجاح الإنسان في استخراج أول طاقة لا تمت للشمس بصلة.. غير أن الجميع أصيب بالصدمة من قوة التفجير وندم علماء المشروع على كتابة رسالتهم الأولى إلى روزفلت - وتراجع حتى أوبنهايمر اليهودي عن دعوته لقصف ألمانيا بالقنابل الذرية.. غير أن روسيا نجحت (بعد عشرين يوماً فقط من قصف نجازاكي) في تفجير قنبلتها الذرية الأولى، فقررت أميركا المضي قدماً في إنتاج أول قنبلة هيدروجينية.. وحين علم بذلك علماء مانهاتن كتبوا رسالة جديدة إلى الرئيس ترومان يحذرونه فيها من خطورة إنتاج قنبلة هيدروجينية تفوق القنبلة الذرية بآلاف المرات.. ولكن هذه المرة؛ كان المارد قد خرج من القمقم فلم يلتفت لنصيحتهم أحد..