لم تتوقع الأردنية لمى المفلح 31 عاماً، أن حكايتها مع لاجئي "كلاركستون" ستتحول يوماً إلى فيلم سينمائي، من إنتاج شركة عالمية في هوليوود، خصوصاً أنها قصدت الولاياتالمتحدة للدراسة، ليس أكثر، إلا أنها سرعان ما اكتشفت أن أكثر من نصف سكان مدينة "كلاركستون" في ولاية جورجيا الأميركية، من اللاجئين المعدمين، القادمين من بلدان نهشتها الحروب، كالعراق والسودان وكوسوفو وليبيريا وغيرها، وأن كثراً من الأطفال لا تزال الكوابيس والذكريات الأليمة تطاردهم. والمثير في حكاية لمى، التي قررت شركة "يونيفيرسال" الشهيرة إنتاجها في فيلم سينمائي ضخم، أنها سعت في البداية الى تشكيل فريق كرة قدم للأطفال اللاجئين الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و17 عاماً، إلا أن الفريق سرعان ما تحول إلى ثلاثة، بفعل الإقبال الكبير من الأطفال. وحول فكرة الفرق التي حملت اسم"فيوجي"، نقلت صحيفة"هيرالد تربيون"عن المفلح قولها:"عندما طلبت من الأطفال التوزع في الفرق لاحظت أنهم تجمعوا وفق تصنيف عرقي، فلم يعجبني الأمر، لذا طلبت منهم أن يثقوا ببعضهم بعضاً، وبدأت بتوزيع الفرق بحيث تضم جميع العرقيات والأصول"، مؤكدة:"كان من الصعب جمع الأطفال من الخلفيات المختلفة في فريق واحد... كان ذلك أول التحديات التي واجهتني". وفرضت المفلح قيوداً صارمة على الأطفال الذين يجب عليهم التعهد باحترام قوانين كي يستمروا في اللعب، ومنها عدم إساءة التصرف داخل الملعب أو خارجه، فلا للتدخين، أو تعاطي المخدرات، أو شرب الكحول، ولا للكلمات البذيئة، أو عدم الالتزام بالمواعيد. صعوبات وتعترف الفتاة الأردنية:"لم أكن أعلم أن تشكيل فريق كرة قدم سيؤثر كثيراً في حياة هؤلاء اللاجئين، وفي حياتي... شعرت برغبة في إخراج هؤلاء الأطفال من الحزن الذي يرافقهم، ويرهق ملامحهم، وكنت اعتقد أنني سأدرب الأطفال مرتين في الأسبوع، وحسب، إلا أن ما حدث هو أنني شكلت أسرة كبيرة تتألف من 120 شخصاً". واجهت لمى كما تقول صعوبات عدة مثل مقاومة المجتمع المحلي للفكرة، ورفض إعطاء اللاجئين فرصة استخدام الملاعب، ورفضهم فوق كل ذلك لعبة كرة القدم، لا سيما أن مدرب الفريق فتاة، إلا أن نضالها وسعيها لتحقيق هدفها الإنساني النبيل، لفتا انتباه أحد كتّاب صحيفة"نيويورك تايمز"، الذي نشر مقالاً مطولاً عن قصتها وإنجازها في تغيير أوضاع تلك الفئة المحرومة، إذ لم يقتصر نشاطها التطوعي على تدريب فريق كرة القدم فحسب، بل تعداه ليشمل مساعدة أهالي الأطفال اللاجئين. وقضى الصحافي قرابة الأسبوع، يتابع نشاطات المفلح، ويتحدث إليها، راصداً جملة من الأحداث منها قيامها بمساعدة الأهالي في ترجمة الأوراق والوثائق الحكومية، ومساعدتهم في إيجاد فرص عمل لتحسين دخلهم الشهري، وتحسين معيشتهم، عبر إنشاء شركة متعهدي التنظيفات Fresh start لتوظيف اللاجئات. وأثار التقرير المنشور في"نيويورك تايمز"انتباه شركات الإنتاج السينمائي في هوليوود، والتي سعى عدد منها للحصول على حقوق كتابة وإخراج فيلم سينمائي، قبل فوز شركة يونيفيرسال بذلك. وعبرت لمى عن سعادتها بما حققته، بقولها:"أعتقد أن لا سعادة تفوق تلك التي تشعر بها حين تتمكن من تحقيق هدفك بإسعاد أطفال كانوا أقرب إلى الضياع، وكان اليأس يحيط بهم من كل جانب... أتمنى أن ينقل الفيلم الذي سينتج عن حكايتنا تلك المشاعر الحميمة التي تجمعني بالأطفال، الذين باتوا بمثابة أبناء وأشقاء لي".