بدأت السلطات في كركوك شمال العراق تسليم العائلات الكردية التي أُرغمت على الرحيل عن المدينة ابان النظام السابق وعادت اليها التعويضات المادية في اطار تنفيذ المادة 140 من الدستور، فيما نفى مجلس محافظة كركوك سعي الاحزاب الكردية الى استقدام مزيد من الأُسر الكردية الى المدينة قبل الاستفتاء على مستقبلها. ونقلت وكالة"فرانس برس"عن شرف الدين جباري سكرتير لجنة تطبيق المادة 140 ان"التعويضات التي وزعت في اليوم الاول شملت 1348 عائلة كردية بهدف إعادة الحق لأصحابه وفقا للقانون على أسس وطنية وانسانية". وتنص هذه المادة على"تطبيع الأوضاع وإجراء إحصاء سكاني واستفتاء في كركوك وأراض اخرى متنازع عليها لتحديد ما يريده سكانها وذلك قبل 31 كانون الاول ديسمبر 2007". وبلغت قيمة التعويض مليون دينار عراقي 8500 دولار اميركي تقريبا لكل عائلة، بالاضافة الى قطعة ارض سكنية وزعتها اللجنة العليا المسؤولة عن تنفيذ المادة الدستورية في مبنى مجلس المحافظة وسط مدينة كركوك 255 كلم شمال بغداد. وقال آزاد عبدالله زنكنه 45 عاما وهو كردي ارغم على الرحيل من كركوك عام 1989، بعد استلامه التعويضات"عادت لي حقوقي الآن وسأتمكن من بناء منزل والعيش بأمان". من جانبه، قال محافظ كركوك عبدالرحمن مصطفى، ان"مدينة كركوك تعرضت لمظالم كثيرة ابان النظام السابق بينها التغيير الديموغرافي". وشدد مصطفى على اهمية تطبيق المادة 140 من الدستور كونها"تعالج المظالم وتعيد الحق لأصحابه". في غضون ذلك، نفى مجلس محافظة كركوك اتهامات وجهت الى الاحزاب الكردية باستقدام مزيد من الأسر الكردية قسراً قبل الاستفتاء على مستقبل المدينة بعد توطين أكثر من 2000 عائلة حديثاً. وقال نائب رئيس مجلس المحافظة ريبوار فائق ل"الحياة"إن"المئات من العائلات الكردية المرّحلة ما زالت موجودة في محل استيطانها بعد تهجيرها من كركوك ابان السبعينات والثمانينات". وأكد ان"ما تناولته بعض وسائل الاعلام عن إجبار العائلات الكردية من غير سكان كركوك على العودة إلى المدينة للمشاركة في الاستفتاء على مصيرها خاطئ"معتبراً"عودة هذه الأسر حقاً مشروعاً في مدينة آبائهم وأجدادهم". وكان مجلس قيادة الثورة برئاسة صدام حسين تبنى القرار رقم 42 للعام 1986 الذي يقضي بنقل عشائر من العرب الشيعة في الفرات الاوسط والجنوب الى كركوك ضمن سياسات التعريب التي كان ينتهجها. ويطالب الاكراد بإلحاق كركوك بإقليم كردستان في حين يعارض التركمان والعرب ذلك. ويبلغ عدد سكان المدينة حوالي مليون نسمة هم خليط من التركمان والاكراد والعرب مع أقلية كلدوآشورية. وتسود أجواء غامضة مصير الاستفتاء على مستقبل المدينة المحدد بنهاية العام وسط توقعات بتأجيله إلى موعد آخر. ولم تعلن اللجنة المختصة بتطبيع اوضاع المدينة ارقاماً دقيقة عن نسب السكان من العرب والتركمان والاكراد فيما لم يتم اجراء احصاء سكاني يمهد للاستفتاء. وتشير تقارير الى ان سيطرة الاحزاب الكردية على مجلس محافظة كركوك سمح بتداول الاتهامات عن عمليات تغيير ديموغرافي واسعة تتجاوز حقيقة عدد الاكراد في المدينة. وكان رئيس"حزب الوطن"التركماني جمال علي أعلن"استقدام اكثر من مليون كردي من كردستان بدعوى الترحيل والتهجير منذ سقوط النظام العراقي السابق لإحداث تغيير ديموغرافي في كركوك واشراكهم في الاستفتاء". وشدد على"عدم شرعية توطين هذه العائلات في كركوك بصورة غير شرعية"وطالب الأحزاب الكردية ب"وقف سياساتها بشأن كركوك والكف عن إرسال تلك العائلات الكردية إلى المدينة بشكل إجباري". وكانت الاحزاب التركمانية في كركوك اتهمت الاكراد بتوطين اكثر من 2000 أسرة كردية حديثا في ملعب كركوك الاولمبي ومديرية امن كركوك السابقة وممتلكات عامة. ويطالب العرب والتركمان بجعل كركوك اقليما خاصا على ان يتم تداول المناصب الرئيسية في المحافظة بين العرب والتركمان والاكراد في وقت ترفض فيه الحكومة الكردية التخلي عما تعتبره"حقها التاريخي والشرعي في المدينة الى جانب مدن تم استقطاعها من الاقليم". ويطالب العرب والتركمان بإلغاء او تأجيل المادة 140 وسط تحذيرات من احتمال ان يثير الاستفتاء مزيداً من الأزمات والتوترات العرقية بين الاقليات الثلاث.