حطم متظاهرون مغاربة بوابة الحدود عند الجانب المغربي من معابر مدينة مليلية المحتلة التي زارها العاهل الإسباني خوان كارلوس أمس، بعدما زار سبتة الإثنين، على خلفية توتر متصاعد في العلاقات المغربية - الاسبانية. وزحف مئات المتظاهرين الذين كانوا يحملون الأعلام المغربية في اتجاه البوابة الحدودية، وتمكنوا من اقتحام المركز الحدودي المغربي على رغم تطويق قوات الأمن التظاهرة الغاضبة. وحاول المتظاهرون أيضاً اقتحام البوابة الاسبانية التي تعززت حولها قوات الحرس المدني، في حين حلّقت مروحيات اسبانية في أجواء المنطقة. واعتقلت قوات الحرس المدني الإسباني المستشار يحيى اليحيى رئيس لجنة الصداقة المغربية - الاسبانية حين حاول دخول ميليلة وهو يحمل العلم المغربي. وكان المستشار يعتزم عقد مؤتمر صحافي في المدينةالمحتلة. وصرح قبل ذلك بأن السكان المغاربة في مليلية"يعانون معاملات غير انسانية من طرف السلطات الاسبانية"، في اشارة الى أوضاع السكان المسلمين المتحدرين من أصول مغربية. وزاد اعتقال المستشار المغربي في تأجيج المشاعر لدى المتظاهرين الذين استمروا في الاعتصام ساعات طويلة، بينما لجأت السلطات الاسبانية الى إغلاق المنفذ الحدودي الوحيد على الطرف المغربي. وذكرت مصادر اسبانية ان المستشار المغربي سيحال على المتابعة القضائية في مليلية التي يقيم فيها. الى ذلك، استمر التفاعل السياسي لتداعيات زيارة خوان كارلوس لسبتة ومليلية، وأصدر البرلمان المغربي بياناً مشتركاً بين مجلسي النواب والمستشارين ندد فيه بالزيارة، لكنه دعا الى فتح حوار بين البلدين ينطلق من الإقرار بمبدأ الاحترام المتبادل وتصفية الاستعمار عن المدينتين المحتلتين"ويكون حواراً جاداً ومسؤولاً من أجل الطي النهائي للملف الاستعماري في الأراضي المغربية والتوجه نحو المستقبل". وسلم رئيسا المجلسين مصطفى المنصوري ومصطفى عكاشة رسالة بهذا الصدد الى السفير الاسباني في الرباط عبر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب فؤاد عالي الهمة. الى ذلك، أعلن رئيس الوزراء المغربي عباس الفاسي أن زيارة العاهل الاسباني للمدينتين المحتلتين"مرفوضة وغير لائقة تستفز مشاعر الشعب المغربي". وقال أمام مجلس النواب في اجتماع طارئ مساء الاثنين انها"لن تغير شيئاً في الواقع الذي يتجسد في الانتساب التاريخي والجغرافي والقانوني للمدينتين". وأضاف ان علاقات البلدين التي عرفت تحسناً كبيراً في الفترة الأخيرة"لا تنسينا أن خلافات جوهرية ما زالت قائمة"، مؤكداً ان هناك خطوطاً حمراً لا يمكن تجاوزها وعلى الجارة الاسبانية ان تدرك ان"زمن الاستعمار ولى من دون رجعة". وأعلن الفاسي ان وزارة التعليم أقرّت خطة لتخصيص دروس في التاريخ حول"مغربية سبتة ومليلية"نزولاً عند رغبات المركزيات النقابية، في اشارة الى خلافات المغرب واسبانيا حول فترات الاحتلال البرتغالي والاسباني وتدرّج استعادة الأراضي المغربية عبر الحوار والمفاوضات. وقال الفاسي إن حكومة بلاده"ترفض أن تكون قدسية الوحدة الترابية مطية بعض الأحزاب الاسبانية في السباق الانتخابي"كون زيارة العاهل الاسباني تأتي قبل بضعة اشهر من الانتخابات الاشتراعية، إذ ينظر الى سكان المدينتين بوصفهم بمثابة خزان للأصوات، خصوصاً لمصلحة الحزب الشعبي المتشدد في مواجهة المغرب. ورد الفاسي على مقولة مدريد ان المغرب لم يطرح ملف المدينتين في المحافل الدولية، مؤكداً أنه في عام 1960 اثناء مناقشة التصريح العالمي حول تصفية الاستعمار دعت حكومة بلاده وقتذاك الى تحرير المدينتين من الاستعمار الاسباني. وعرض إلى مواقف كتلة عدم الانحياز ومنظمة المؤتمر الاسلامي وجامعة الدول العربية الداعمة لموقف بلاده، وقال:"سجّلت المملكة المغربية منذ انضمام اسبانيا الى المجموعة الأوروبية عام 1986 تحفظات في كل المعاهدات والاتفاقات التي ابرمت مع الاتحاد الأوروبي". واعتبر ان زيارة العاهل الاسباني"تضرب في العمق روح معاهدة الصداقة وحسن الجوار"المبرمة بين البلدين، ودان ما وصفه بالخرق السافر للمعاهدة، مؤكداً ان أي احترام لها"يجب ان يكون متبادلاً". وذكرت مصادر رسمية أن التوتر الجديد في العلاقات المغربية - الاسبانية سيكون ضمن أبرز المحاور التي سيبحثها وزير الخارجية المغربي الطيب الفاسي الفهري ونظيره الاسباني ميغيل موراتينوس عند التقائهما في لشبونة على هامش مؤتمر متوسطي. وسيكون اللقاء الأول من نوعه منذ اندلاع الأزمة.