خفضت الإمارات أسعار الفائدة على شهادات الإيداع بما يصل إلى 20 نقطة أساس أمس، في محاولة للجم المضاربات التي تصاعدت على الدرهم الإماراتي المرتبط بالدولار منذ وقوع الأخير في حال قياسية من الضعف. وزادت حدة المضاربات على الدرهم الذي ارتفع إلى أعلى مستوى في خمس سنوات تدعمه تصريحات محافظ المصرف المركزي الإماراتي سلطان بن ناصر السويدي ومسؤولين إماراتيين آخرين حول احتمال فك ارتباطه بالدولار وتبني سلة عملات لتحديد أسعار الصرف. وخفض البنك المركزي الإماراتي الفائدة على شهادات الإيداع لستة شهور وتسعة 10 نقاط أساس إلى 4.40 في المئة و4.30 في المئة على التوالي، وخفض الفائدة على شهادات 12 شهراً 15 نقطة إلى 4.15 في المئة، وعلى شهادات 18 شهراً 20 نقطة أساس إلى أربعة في المئة. وترك البنك أسعار الفائدة على شهادات أسبوع وشهر وثلاثة أشهر من دون تغيير. ولا يطبق البنك المركزي الإماراتي سعر فائدة أساسياً. وتستخدم المصارف شهادات الإيداع أداة استرشادية للإقراض في سوق ما بين المصارف. وكلما انخفضت أسعار الفائدة، قلت جاذبية الودائع بالدرهم للمستثمرين. وارتفع الدرهم الإماراتي أول من أمس إلى أعلى مستوى في خمس سنوات وأظهرت الأسعار الآجلة ان المستثمرين يتوقعون ارتفاعاً بنسبة 3.1 في المئة خلال سنة في العملة التي تحدد سعرها عند 3.6725 درهم للدولار منذ عام 1997. وأكد محللون ماليون ان ارتفاع سعر الدرهم إلى مستويات قياسية يظهر ان ثمة مضاربة كبيرة عليه في محاولة لشرائه والاحتفاظ به في حال قررت الإمارات ودول خليجية الأخرى فك ارتباط عملاتها بالدولار، في ضوء تكاثر الحديث عن اتفاق دول مجلس التعاون الخليجي على بحث الخطوة في اجتماعهم في الدوحة مطلع الشهر المقبل. وطالبت أوساط مالية محلية ودولية بضرورة الإسراع في حسم قرار علاقة العملات الخليجية بالدولار الأميركي، باستثناء الدينار الكويتي الذي فُك ارتباطه بالدولار في أيار مايو الماضي ورُبط بسلة عملات لم تُعلن مكوناتها. وأشارت هذه الأوساط إلى ان العملات الخليجية مقوّمة حالياً بأقل من قيمتها بنحو 24 إلى 73 في المئة، وفقاً لتقرير لمؤسسة"ميريل لينش"المالية العالمية التي أشارت إلى ان المضاربات على العملات الخليجية بدأت منذ قرر مجلس الاحتياط الفيديرالي الأميركي خفض سعر الفائدة على الدولار في أيلول سبتمبر الماضي بواقع 75 نقطة أساس. وحضت"ميريل لينش"السلطات النقدية في المنطقة على اتخاذ خطوات لحل أزمة زادت من حدة التضخم في منطقة الخليج، مؤكدة ان"التدخل لكبح جماح المضاربات كلياً مستحيل، وانه ينطوي على مخاطر على الاقتصاد، ويؤدي إلى مزيد من التضخم". ولفتت المؤسسة إلى ان زيادة إصدار شهادات الإيداع للسيطرة على المضاربات من شأنه ان يضعف الاقتصاد. أما مصرف"سيتي غروب"الأميركي فتوقع ان تكون الإمارات الأقرب إلى فك ربط عملتها بالدولار. وأشار في تقرير إلى ان الجدل الحاصل حول إعادة التقويم بين دول المنطقة"لا يزال غير واضح، لأن تكاليف هذا القرار وفوائده غير معلومة، إلا ان التضخم الداخلي وتغيرات الظروف العالمية قد تقود دول المنطقة إلى إعادة تقويم عملاتها في مقابل الدولار، الذي يتوقع المحللون ان يستمر ضعفه خلال السنوات القليلة المقبلة، ما يؤثر في اقتصادات المنطقة التي تبيع نفطها أيضاً بهذه العملة". وأول من أمس، أعلن البنك المركزي الإماراتي ان إجمالي القروض الاستهلاكية في البلاد نما بمقدار الثلث تقريباً في الشهور التسعة الأولى من السنة ليتجاوز 11 بليون دولار، في حين ارتفعت أصول المصارف أكثر من 20 في المئة. وتتوسع مصارف الإمارات في نشاطاتها لتقديم القروض إلى الأفراد بعدما ضرب تراجع حاد لسوق الأسهم عام 2006 عائدات الوساطة والعمولات ودفعها إلى الترويج لقروض شراء السيارات وبطاقات الائتمان والتمويل الشخصي إلى أربعة ملايين عميل محتمل. وأوضح البنك المركزي في موقعه على الإنترنت ان المصارف في ثاني أكبر اقتصاد عربي باتت تملك 41.01 بليون درهم 11.17 بليون دولار من القروض المستحقة على أفراد في 30 أيلول مقارنة ب31.36 بليون درهم بحلول نهاية كانون الأول ديسمبر. وأظهرت بيانات نمو مجمل الإقراض الاستهلاكي إلى ضعفيه تقريباً في السنوات الأربع الأخيرة مع استفادة اقتصاد الإمارات من زيادة أسعار النفط لنحو خمسة أضعافها في السنوات الخمس الماضية ما أتاح فرصاً للمصارف المحلية والأجنبية. وأعلن البنك المركزي ان إجمالي الأصول المصرفية نما بنحو 23 في المئة إلى 1.06 تريليون درهم في الشهور التسعة حتى 30 أيلول. ويحول ربط الدرهم بالدولار دون قيام البلد الخليجي برفع أسعار الفائدة لكبح التضخم الذي بلغ أعلى مستوياته في 19 سنة عندما سجل 9.3 في المئة السنة الماضية. العملات الخليجية الأخرى على صعيد آخر، سمحت الكويت أمس للدينار بالارتفاع لليوم الثالث على التوالي بعد هبوط العملة الأميركية إلى مستويات قياسية أمام اليورو وسلة عملات. ويرى البنك المركزي الكويتي ان انخفاض الدولار في الأسواق العالمية يسهم في ارتفاع التضخم من طريق زيادة تكلفة بعض الواردات. وأفاد البنك أمس ان تداول الدينار سيجرى حول سعر أساس يبلغ 0.27415 للدولار مقارنة ب0.27445 دينار أول من أمس. ويعني هذا ارتفاع الدينار بنسبة 0.11 في المئة. ومثل الإمارات تحصل الكويت على نحو ثلث وارداتها من أوروبا الغربية.