نجحت البنوك المركزية لدول الخليج العربية في رفع أسعار الفائدة في السوق منذ يونيو حزيران رغم مساحة المناورة المحدودة المتاحة لها من جراء ربط عملات دولها بالدولار الأمريكي . وعمل صناع السياسات في المنطقة معا منذ الربيع لإخماد التكهنات بأن ارتفاع التضخم إلى مستوى قياسي سيضطرهم إلى رفع سعر ربط عملاتهم بالدولار الضعيف عالميا . ويجبر ربط العملات بالدولار البنوك المركزية الخليجية عموما على اقتفاء أثر السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الاتحادي ( البنك المركزي الأمريكي ) الذي أوصل سعر الفائدة القياسي في الولاياتالمتحدة إلى اثنين بالمئة فقط عن طريق سبعة تخفيضات خلال أقل من عام . بيد أن البنوك المركزية الخليجية شددت السياسة النقدية بكفاءة مستخدمة تدابير مثل رفع الاحتياطي الالزامي للبنوك وهي تؤدي دورا نشطا في رفع أسعار الفائدة بين البنوك مع تضييق نطاق المضاربة على العملة في ذات الوقت . وارتفع سعر الفائدة بين البنوك السعودية لمدة ثلاثة أشهر أكثر من 110 نقاط أساس في الشهرين الماضيين ليصل إلى 3٫92 في المئة بينما ارتفع سعر الفائدة بين بنوك الإمارات لثلاثة أشهر 76 نقطة أساس إلى 2٫66 في المئة . وقال جيسون جوف مدير مبيعات الخزانة لدى بنك الإماراتدبي الوطني أكبر بنوك المنطقة من حيث الموجودات " السيولة التي تدفقت في 2007 قد رحلت الآن في حقيقة الأمر لأن المستثمرين لا يتوقعون فك ربط العملات . " لا أحد يبيع الدولار ويشتري الدرهم والسيولة الآن شحيحة ." وتوجه أسعار الفائدة بين البنوك تكاليف الاقتراض التجاري في أنحاء الخليج حيث يتزايد الطلب على الائتمان مع ازدهار اقتصادات المنطقة بفضل ارتفاع أسعار النفط لما يقرب من ستة أمثالها منذ العام .2002 وفي أحدث مثال ساعد البنك المركزي في الكويت البلد العربي الخليجي الوحيد الذي لا يربط عملته بالدولار على رفع سعر الفائدة بين البنوك لثلاثة أشهر نحو 40 نقطة أساس عن طريق سحب ضمانه لمعاملات ما بين البنوك في خطوة جعلت المضاربة على الدينار أعلى تكلفة . وقال سايمون وليامز خبير اقتصاد المنطقة لدى اتش .اس.بي.سي" ارتفاع أسعار الفائدة بين البنوك سيغذي تكلفة الائتمان ." وكان اتش .اس.بي.سيقال إن توقعات أن يبقي مجلس الاحتياطي الأمريكي سعر الفائدة مستقرا هذا العام تدعم أسعار الفائدة بين البنوك في الخليج . ويرجع إلى حد كبير ارتفاع سعر الفائدة في الأونة الأخيرة إلى تراجع المضاربين عن رهانهم بأن بعض دول الخليج ربما تقتدي بالكويت وترفع قيمة عملاتها لمحاربة التضخم . وكان تدفق الأموال على عملات الخليج في أواخر 2007 قد أتخم أسواق ما بين البنوك بالسيولة ودفع في ابريل نيسان أسعار فائدة ما بين البنوك لثلاثة أشهر في السعودية والإمارات العربية المتحدة إلى أدنى مستوياتها في أربعة أعوام . وخفض هذا بدوره تكاليف الاقتراض التجاري حتى مع صعود التضخم إلى أعلى مستوى في 20 عاما على الأقل عندما سجل 11٫1 بالمئة في الإمارات العام الماضي وارتفاعه إلى أكثر من عشرة بالمئة في السعودية هذا العام وهي ذروة غير مسبوقة منذ أكثر من 30 عاما . ومنذ ابريل عمل مسؤولو البنوك المركزية الخليجية معا لعكس هذا الاتجاه العام وذلك أساسا عن طريق الاصرار على عزمهم عدم التخلي عن ربط عملاتهم بالدولار وعدم رفع قيمتها قبل تنفيذ خطة العملة الموحدة .