تنطوي العلاقة بين فرنساوبريطانيا منذ قرون، على ود ونفور في آن، لكن أياً من المؤرخين لم يتصور أن البلدين كانا يدرسان احتمال توحدهما في دولة واحدة تحت ظل تاج الملكة إليزابيث الثانية، في خمسينات القرن الماضي. وأكدت وثائق حصلت"هيئة الإذاعة البريطانية"بي. بي. سي على نصها وبثت برنامجاً خاصاً عنها، ان رئيس الوزراء الفرنسي السابق غي موليه زار نظيره البريطاني انتوني ايدن في لندن في خمسينات القرن العشرين، لمناقشة إمكان قيام اتحاد بين بلديهما. لكن إيدن المحافظ رفض الفكرة التي عرضها عليه موليه الاشتراكي في 10 أيلول سبتمبر 1956. وأوضحت وثيقة خاصة بمجلس الوزراء البريطاني ان"فرنسا كانت تعاني في تلك الحقبة أزمة اقتصادية، وواجهت مع بريطانيا تداعيات أزمة السويس بعد تأميم مصر القناة. وتحالف البلدان مع إسرائيل في غزو مدينة بورسعيد انتقاماً من الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر"، في ما عرف بالعدوان الثلاثي. وأشارت الوثائق الى ان فرنسا كانت آنذاك"تتألم من خسارة قناة السويس والدعم المصري للثورة الجزائرية، وكانت تسعى جاهدة للحصول على دعم بريطاني". وعندما أخفق موليه في مسعاه"التوحيدي"، جاء رده سريعاً بتقديم طرح آخر"اعتبره جذرياً"، يسمح لفرنسا بأن تلتحق برابطة الكومنولث التي تضم بريطانيا ومستعمراتها السابقة. وتشير الوثائق الى أن الزعماء البريطانيين استقبلوا هذا الاقتراح"بحرارة أكبر". وسجلت وثيقة مؤرخة في 28 أيلول 1956، مضمون مكالمة هاتفية بين إيدن وسكرتير الحكومة آنذاك السير نورمان بروك، أعرب فيها رئيس الوزراء البريطاني عن اعتقاده بضرورة"أن نبحث على الفور فكرة ضم فرنسا الى الكومنولث". وكشفت الوثائق أن"موليه لم يكن يرى أي صعوبة في قبول الفرنسيين ان تصبح الملكة اليزابيث الثانية ملكة على دولتهم ايضاً"، باعتبارها رئيسة لدول الكومنولث. وبعد ذلك بسنة، وقّعت فرنسا معاهدة روما مع ألمانيا ودول اخرى لإقامة السوق الأوروبية المشتركة التي تطورت لتصبح الاتحاد الأوروبي. الوزير البريطاني السابق لشؤون أوروبا دينيس ماكشين علّق على مضمون الوثائق قائلاً:"إنه مثال رائع على أن بريطانياوفرنسا يجمعهما المصير والتوق للاتحاد معاً". ولفت إلى أن مصير البلدين"ارتبط منذ حاول وليام الفاتح جعل إنكلترا مستعمرة فرنسية". يذكر أن الوثائق رفعت عنها السرية قبل 20 سنة، لكن أحداً لم يلتفت إليها. ورأى ماكشين ان هذا الكشف يظهر أن"أفضل لحظات التاريخ هي نهاياتها"، وزاد:"فرنساوبريطانيا كزوجين عجوزين يفكران باستمرار في قتل أحدهما الآخر، ولكن لا يمكنهما أن يحلما بالافتراق".