اشتهرت جماهير نادي ليفربول الإنكليزي بإنشادها أغنية"لن تمشي وحيداً"، في لحظات المجد والتألق التي رافقت مسيرة هذا النادي العريق، كما عرف مشجعو"الحمر"بإطلاقهم العنان لفرحتهم الهستيرية، عند تسجيل فريقهم الأهداف عبر لاعبين طبعوا الكرة الإنكليزية والأوروبية بطابعهم الخاص، حتى دخل ليفربول نادي كبار كرة القدم في القارة العجوز من بابه الواسع. إلا أن قلة من لاعبي الفريق الأحمر لاقوا ترحيباً مضاعفاً عند دخولهم ارض الملعب، أو نجاحهم في هز الشباك، منهم النجم العائد روبي فاولر، الذي تخطى بشعبيته كيني دالغليش وكيفن كيغان، وحتى الهداف التاريخي الويلزي ايان راش. وأكد فاولر منذ عودته الى ليفربول بعد اكثر من اربعة اعوام، انه ما زال المفضل عند جماهير النادي، التي نصبت اللافتات المرحبة به وفاءً وتقديراً لشخصه. وبلغت جماهير ليفربول ذروة الحماسة عندما وطئت قدم فاولر ارض الملعب، في المباراة امام برمنغهام سيتي على ملعب"انفيلد رود"، وارتفعت الاهازيج في شكل غير اعتيادي، وسط لافتات الترحيب بالعودة القائلة:"فاولر اهلاً بعودتك الى جنة انفيلد". ويمكن القول انها المرة الاولى التي يخرج فيها جمهور ليفربول راضياً عن مباراة لم يحقق فيها الفريق الفوز، اذ على رغم تعادله مع ضيفه، استمتع المشجعون برؤية فاولر متشحاً باللون الاحمر من جديد. وبدأ فاولر جولته الثانية مع فريقه الأم، بالطريقة عينها التي طبعت بدايته عام 1993، عندما اسند اليه المدرب الاسكتلندي غريام سونيس مهمة هجومية، الى جانب نجم الفريق وقتذاك راش، ليسجل باكورة اهدافه في مرمى فولهام، قبل ان يعيد المشهد امام وست بروميتش البيون، ويرتقي لائحة افضل هدافي النادي، امام دالغليش الذي اشرف عليه في بداياته مع ليفربول. واحتفل فاولر بذكرى ميلاده ال31 بأفضل طريقة ممكنة، مسجلاً هدف الفوز لفريقه في مرمى بولتون، ما جعله يعتبر عودته الى ناديه السابق اشبه بإحساس الولد الذي يرى في كل اشراقة شمس صباح ذكرى الميلاد. ولا شك في ان كثيرين من مشجعي ليفربول تقاسموا الشعور نفسه، عند عودة فاولر الى كنف النادي الذي احتضنه وأطلق نجمه في بداية تسعينات القرن الماضي، كما شهد تسجيله 171 هدفاً في 330 مباراة، ما ضمن له جيشاً من المشجعين الذين يهتفون باسمه طوال وجوده على المستطيل الاخضر. وسرق فاولر الاضواء منذ مباراته الثانية مع ليفربول، مسجلاً خمسة اهداف في مرمى فولهام في كأس رابطة النوادي الانكليزية المحترفة، علماً بأنه استطاع هز الشباك في مباراته الاولى امام فولهام نفسه. وسجل فاولر اول ثلاثية"هاتريك"امام ساوثمبتون، في مباراته الخامسة ضمن الدوري الانكليزي الممتاز، قبل ان يسجل مثلها امام ارسنال في 4 دقائق و32 ثانية رقم قياسي عام 1994، ما اتاح له توقيع عقد طويل الأمد، جعله مليونيراً في ال19 من عمره. الا ان الاهداف التي سطرها هذا النجم لم تكن وحدها الراسخة في اذهان متابعي الكرة الانكليزية، فلا يمكن لأحد ان ينسى إقناعه حكم مباراة أرسنال عام 1997 بعدم احتساب ركلة جزاء لمصلحته، اثر احتكاكه والحارس ديفيد سيمان، واحتفاله عام 1999 بهدف في مرمى الغريم التقليدي ايفرتون بطريقة مشينة، مستخدماً خط الملعب لتقليد متعاطي المخدرات، ما دفع ليفربول والاتحاد الانكليزي لتغريمه وإيقافه، في الوقت الذي اعتبر تصرفه رداً على جمهور ايفرتون الذي اطلق إشاعات عن تعاطيه المواد المحظورة. وبقي فاولر الفتى المدلل في"انفيلد"حتى خلافه ومساعد المدرب فيل طومسون، على رغم إسهامه الفعال في إحراز ليفربول خماسية تاريخية عام 2001، فجاء انتقاله الى ليدز يونايتد بمثابة المفاجأة غير السارة لمحبيه. وعلى رغم صراعه مع الإصابات وازدياد وزنه، بقي هدافاً محترماً بتسجيله 15 هدفاً في 31 مباراة، ترك بعدها النادي الابيض الذي تخبط في مشكلاته المالية الى مانشستر سيتي، إذ كان هدافه الاول الموسم الماضي. ويعتبر الاوفياء لليفربول فاولر مكسباً معنوياً وفرداً منهم، اذ يتمنون اكثر من فوزهم بالألقاب تمديد عقده نهاية الموسم الحالي، لتلقين بقية اللاعبين تعاليم المدرب الاستثنائي الاسكوتلندي بيل شانكلي، رائد اسطورة ليفربول في الستينات والسبعينات، الذي اشتهر بالنظام الانضباطي، اذ كتب على باب النفق المؤدي من غرف الملابس الى ارض الميدان عبارة"هذا هو انفيلد"، ليعلم اللاعبون مدى حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم، وأهمية القميص الذي يرتدونه. في المقابل، لا يفكر فاولر حالياً إلا في أمر وحيد، هو أنه"لا شيء أفضل من المنزل"الذي سيتمنى المكوث فيه.