تشتهر مدينة ليفربول، في شمال غرب انكلترا، بميناء بحري كبير، ولهجة مميزة تعرف بإسم "سكاوز"، ويعاني معظم سكانها من ضآلة فرص العمل، وجميعهم منقسمون، بلغة كرة القدم، الى قسمين، الاول يحب فريق ليفربول والثاني يحب فريق ايفرتون. واللقاء ال160 الاخير بين الغريمين ايفرتون وليفربول، الذي حسمه الاخير 3-2، كان من مباريات ال "دربي" التي اختلفت عن سابقاتها. في الماضي كانت هناك جدية وحماسة وسعي الى النقاط الثلاث للمنافسة على اللقب او الادوار الحاسمة لاحدى الكأسين المحليتين. وفي الحاضر، اختلفت الحال، لان ليفربول بعيد كل البعد عن الالقاب ويسعى الى المحافظة على ماء الوجه ليس اكثر في حين يغوص ايفرتون في معمعة الهروب من شبح الهبوط للموسم الخامس على التوالي، هذا مع العلم انهما جمعا 51 لقباً محلياً واوروبياً هي 27 لقباً في الدوري 18 لليفربول و9 لايفرتون، و10 كؤوس اتحادية محلية مناصفة بين الفريقين، و5 كؤوس للمحترفين كلها لليفربول، و4 كؤوس في مسابقة ابطال اوروبا ليفربول، وكأسان في مسابقة كأس الكؤوس الاوروبية مناصفة، وكأسان في مسابقة كأس الاتحاد الاوروبي ليفربول والكأس السوبر الاوروبية وحاز عليها ليفربول. ويحتل ليفربول حالياً مركزاً في وسط لائحة الدوري وخرج خالي الوفاض من الكأسين المحليتين اللتين تؤهلان للعب في المسابقات الاوروبية، اي سيبتعد عن اوروبا للمرة الثالثة في ال 34 سنة الماضية. وبعد التعديلات الجديدة في المسابقات الاوروبية والغاء مسابقة كأس ابطال الكؤوس فان الفرق الثلاثة الاولى في الدوري مانشستر وارسنال وتشلسي على الارجح، ستتأهل الى دوري الابطال فيما يتأهل صاحب المركز الرابع وهو ليدز على الارجح لكأس الاتحاد مع توتنهام بطل كأس المحترفين ونيوكاسل الذي يخوض نهائي كأس انكلترا ضد مانشستر يونايتد. كان يا ما كان كان الفوز بكأس الاتحاد الاوروبي عام 1973 تحت قيادة مدربه بيل شانكلي بداية سيطرة ليفربول اوروبياً، وكانت الستينات والسبعينات والثمانينات عصراً ذهبياً للنادي الذي بدأ تاريخه تحت ظل جاره ايفرتون عام 1892. ثم جاء بوب بايسلي الذي يعتبر انجح مدرب في تاريخ الكرة الانكليزية، اذ قاد الفريق الى 9 القاب اوروبية ومحلية خلال 9 سنوات من 1974 الى 1983، ولعب بعض ابرز نجوم الكرة للفريق في تلك الفترة منهم كيفن كيغان مدرب منتخب انكلترا الحالي، والاسكتلندي كيني دالغليش الذي درب الفريق بعد بايسلي بسنتين واكمل مسيرة النادي باضافة 4 القاب محلية واوروبية. وتعرض النادي لكبوتين، الاولى كارثة هيسيل التي ذهب ضحيتها 38 قتيلاً و454 جريحاً اغلبهم من جمهور يوفنتوس، والثانية كارثة 1989 عندما فشلت الشرطة الانكليزية في تنظيم دخول جمهور ليفربول الى ملعب هيلزبره في لمشاهدة فريقه امام نوتنغهام في نصف نهائي الكأس ما اسفر عن سقوط 95 قتيلاً و 170 جريحاً. بداية النهاية وترك الحادث الاخير اثراً كبيراً على الفريق والمدينة وكأنهما فقدا الشهية لكرة القدم، وفي العام 1991 اعلن دالغليش استقالته. ومنذ ذلك الحين انتزع مانشستر زمام السيطرة محلياً، وفشل ليفربول في تعيين مدرب يخرج الفريق من مأزقه، وقد استعان بلاعب الفريق السابق الاسكتلندي غرايام سونس ففشل رغم صرفه مبالغ طائلة لاستقدام لاعبين جدد، وبدأت اسهم النادي تتهاوى بسرعة واصبحت الخسارة على ملعب "انفيلد" حدثاً متوقعاً بعد ان كان شبه مستحيل. ورغم نجاح الفريق في الفوز بكأس انكلترا عام 1992 فان ذلك لم يمنع من اقصاء سونس عن منصبه عام 1996 وعين محله ابن النادي روي ايفانز الذي وجد صعوبة في جذب كبار نجوم الكرة. مشكلات ايفانز وكان ايفانز على يقين من ان استقدام نجم عالمي كبير دونه شروط حددها النادي اهمها التأهل سنوياً والمنافسة على البطولات الاوروبية... وليفربول لم ينافس حتى على المراكز الثلاثة الاولى في الدوري المحلي في المواسم الاخيرة. ومشكلة ايفانز انه غير مشهور قياساً على ناديه ولا يستطيع بالتالي ان يقنع المشاهير من اللاعبين بالانضمام الى فريقه خلافاً لما فعل غلين هودل مثلاً الذي درب تشلسي واستقطب النجم الهولندي رود خوليت والذي بدوره حل محل هودل عندما عُين الاخير مدرباً لمنتخب انكلترا، ونجح غوليت في تجربته الاولى كمدرب في استقطاب نجمي ايطاليا فياللي وزولا وغيرهما. اما المشكلة الثالثة فهي ان اللاعب العالمي يفضل اللعب في العاصمة لندن ارسنال وتشلسي ووست هام وتوتنهام لتميزها وافضليتها من نواح عدة، او اللعب لفريق كبير يمر بمرحلة ناجحة كمانشستر. لذلك، فان ابرز النجوم الذي تستهويهم فكرة المجئ الى ليفربول هم من المرتزقة او من ذوي الموهبة المحدودة. ولعب جهاز صقل الناشئين في النادي دوراً بارزاً في ابقاء صورة ليفربول مقبولة عندما دعم الفريق الاول بلاعبين موهوبين امثال مايكل اوين وروبي فاولر وستيف مكمانمان. واللاعبون الثلاثة هم الافضل في الفريق حالياً، ما يؤكد فشل صفقات كبيرة تمثلت بضم نجوم مزعومين امثال بول اينس 6 ملايين دولار والنروجي ليونهاردسن 5 مليون دولار والالماني ريدله 3 مليون دولار والجنوب افريقي شون دندي 4 مليون دولار، والاخير لم يلعب اي مباراة منذ ضمه مطلع الموسم الجاري. ومنذ التعاقد مع المدرب الفرنسي جيرار هوييه، الذي يعلم ان بناء فريق مشابه لفريق الثمانينات يتطلب سنوات عدة، بدأ العمل في اعادة البناء واعلن ان 17 لاعباً سيتم الاستغناء عنهم في نهاية الموسم. ايفرتون وامجاد الماضي واذا اعتبر مشجعو ليفربول ان فريقهم يمر بمحنة فان انصار ايفرتون يعتقدون بان فرحتهم ببقائه في الدرجة الممتازة ستضاهي فرحة الجامايكيين اذا توج منتخبهم بطلاً للعالم! ذلك ان فريق المدينة الثاني يعيش حالاً من الفزع في المواسم الخمسة الماضية ولا يضمن بقاءه ممتازاً الا في المباراة الاخيرة. هذا الفريق كان المنافس الاول لليفربول في الثمانينات وقاسمه البطولات، ونجح في الفوز بالدوري عامي 1985 و1987 وكأس انكلترا 1984 وكأس الكؤوس الاوروبية 1985، وجاءت جميع هذه الالقاب تحت قيادة هوارد كيندال. ويمر ايفرتون حالياً بظروف مالية صعبة ارغمته على بيع بعض نجومه كالاسكتلندي فرغسون لنيوكاسل 5ر13 مليون دولار والويلزي سبيد لنيوكاسل ايضاً 8 ملايين وهينشكليف لشيفيلد ونزداي 7 ملايين والروسي كانتشلسكيس لفيورنتينا 12 مليوناً، ولم يسعفه فنياً وجود المدرب والتر سميث الذي قاد رينجرز الاسكتلندي الى 9 القاب متتالية، وقد رفض احد كبار نجوم الفريق في الثمانينات وهو الاسكتلندي اندي غراي عرضاً لتدريب الفريق العام الماضي وفضل البقاء مقدماً للبرامج في احدى الفضائيات البريطانية بعدما قال: "يحتاج الى معجزة المدرب الذي يريد اعادة امجاد الماضي الى ايفرتون".