اعاد نجم كرة القدم الانكليزية الشاب مايكل اوين نفسه الى الواجهة بعدما اهدى ليفربول كأس انكلترا باحرازه هدفي فريقه في مرمى ارسنال اول من امس على ملعب "ميلينيوم" في كارديف امام 73 الف متفرج. وتقدم ارسنال بهدف لمهاجمه السويدي فريديريك ليونغبرغ 72، لكن اوين قلب النتيجة في آخر سبع دقائق عندما هز شباكه مرتين في الدقيقتين 83 و88. وهي المرة الاولى التي ينجح فيها ليفربول في التغلب على ارسنال في ثلاث محاولات في النهائي، وكانت اخرها عام 1971 عندما فاز الاخير بالنتيجة ذاتها. واللقب هو الثاني لليفربول هذا الموسم بعد فوزه بكأس رابطة الاندية الانكليزية المحترفة، والسادس في هذه المسابقة، في حين تجمد رصيد ارسنال عند 7 القاب، ويملك مانشستر يونايتد الرقم القياسي ب10 القاب. والاكيد ان هذا الفوز الاخير لليفربول سيمثل دافعاً قوياً له لاحراز لقب ثالث ومهم في هذا الموسم ايضاً، عندما يلتقي آلافيس الاسباني بعد غد في مدينة دورتموند الالمانية في نهائي كأس الاتحاد الاوروبي. حفظ الانكليز للاعبهم الدولي السابق راي ويلكنز جملة يقول فيها: "يتمنى كل بريطاني أن يلعب في صفوف مانشستر يونايتد من أجل الهيبة، وفي صفوف ليفربول من أجل النتائج". الجملة كانت موضوعية ومدعومة بالأرقام قبل ان يثور "شياطين مانشستر الحمر" على الأوضاع في التسعينات ويقلبوا الشق الثاني من المقولة الى مصلحتهم أيضاً. لكن ومع كل هذا بقيت لليفربول انجازاته الكثيرة التي اختتمها هذا الموسم بلقبي كأس رابطة اللاعبين المحترفين وكأس انكلترا، وهو على موعد بعد غد ليضيف اليهما لقباً آخر هو بطل كأس الاتحاد الأوروبي في حال فوزه على آلافيس الاسباني، وهو الامر الأقرب الى الواقعية. علماً انه الفريق الوحيد الذي فاز على مانشستر يونايتد ذهاباً واياباً في بطولة انكلترا هذا الموسم. وليفربول حكايته حكاية، وقيادته الفنية لا تمنح إلا للعمالقة، خبرة وفناً وخصالاً شخصية ومتانة أعصاب. فتراث النادي الذي تأسس عام 1892 يفرض ذلك، وأيضاً سجله الحافل. وقد يستمر المدير الفني في مهمته حتى أرذل العمر أمثال بيل شانكلي وبوب بايسلي وجو فاغان... وربما لا يقدر على تحمل العبء الثقيل الى ما لانهاية، فيتخلى عن المهمة شاباً وهو في القمة مثل الاسكتلندي الشهير جداً كيني دالغليش. لكن ما يبدو ان لا هدف لمدربه الحالي الفرنسي جيرار هوبيه سوى اعادة الأمجاد لمدينة ليفربول التي قدمت في الستينات أشهر فرقة موسيقية عرفت باسم "البيتلز" أو "الخنافس"، وهي التي قلبت حينها مفاهيم كثيرة لدى الشباب في كل أنحاء العالم. هواية جمع الألقاب اهتم ليفربول دائماً بالألقاب، فكان له منها، انكليزياً وأوروبياً الكثير ومنها كأس أبطال أوروبا أعوام 1977 و1978 و1981 و1984، وكأس الاتحاد الأوربي عامي 1973 و1976... لكنه كان أيضاً سبباً في حرمان الفرق الانكليزية من المشاركة في البطولات الأوروبية خمس سنوات متتالية، وتحديداً من عام 1986 الى عام 1991. ففي أيار مايو عام 1985 تسببت جماهيره في مأساة ملعب هيسيل البلجيكي، فقبل أن تبدأ مباراة فريقها مع يوفنتوس الايطالي بنجومه المعروفين الفرنسي ميشال بلاتيني، والبولندي زالاتو بونييك، والدوليين الايطاليين باولو روسي وروبرتو كابريني والحارس العملاق دينو زوف وغيرهم، راح 39 مشجعاً ايطالياً ضحايا أعمال شغب اعتبر جمهور ليفربول مسؤولاً عنها، فأوقف فريقه الى أجل غير مسمى، وكذلك بقية الفرق الانكليزية لكن العقوبة رفعت بعد خمس سنوات. ليفربول... الرمز صار ليفربول رمزاً لكرة القدم الانكليزية في حسن التنظيم ووفرة الألقاب، وان كان يأتي في المقام الثاني، مباشرة بعد مانشستر يونايتد، من حيث الشعبية. وكما انشق فريق انتر ميلان عن ميلان في ايطاليا، انشق عدد من لاعبي ايفرتون عن فريقهم عام 1892 واتفقوا مع صاحب الأرض التي كان يتدرب عليها فريق ايفرتون، واسمها "انفليد رود" على تأسيس ناد خاص بهم، فوافق جون هولدينغ على اقتراحهم وبدأت ولادة ليفربول. وفي موسمه الأول ضمن الدرجة الثانية عام 1983، لم يلق ليفربول أي خسارة وصعد الى الدرجة الأولى. لكن نقص الخبرة سرعان ما أعاده الى الدرجة الثانية بعد موسم واحد عندما احتل المركز الأخير بيد انه عاد فوراً الى الأضواء مجدداً. واضطر ليفربول الى الانتظار حتى عام 1901 ليحرز لقبه الكبير الأول، ثم عاد الى الدرجة الثانية عام 1905 ففاز ببطولتها ثم فاز ببطولة الدرجة الأولى عام 1906... ولم يهبط أبداً بعدها حتى عام 1954. حقبة صعبة مثل العام 1954 بداية حقبة صعبة في تاريخ ليفربول الى ان جاءه بيل شانكلي من نادي هورسفيلد عام 1959. وفي موسمه الثالث مع فريقه الجديد، صعد به الى الدرجة الأولى ثم الى الفوز بلقبها عام 1964 بفضل عدد من اللاعبين المعروفين امثال ايان سانت جون ورون ببيتش وايان كالانمان. وعندما شارك الفريق في كأس أبطال اندية أوروبا للمرة الأولى في موسم 1964 - 1965، خسر في الدور نصف النهائي أمام ميلان الايطالي صفر - 1. وفي موسم 1965 - 1966، فاز باللقب المحلي وتساوى مع أرسنال في عدد مرات الفوز بالدوري... ثم تخطى يوفنتوس الايطالي وستاندار لياج البلجيكي وهونفيد المجري وسلتيك الاسكتلندي قبل أن يخسر أمام بوروسيا درتموند الالماني في المباراة الاوروبية النهائية. والواقع ان شانكلي أدخل تطوراً كبيراً على أداء فريقه، وضم مع مرور الوقت ضم نخبة من اللاعبين "الفنانين" أمثال الحارس راي كليمينس، وقلب الدفاع آملين هيوز ثم المهاجمين كيفن كيغان وستيف هاوياي، ففاز ليفربول بكأس الاتحاد الأوروبي بعدما تغلب على بوروسيا مونشنغلادباخ الألماني ذهاباً بثلاثة أهداف سجل كيغان من بينها هدفين ولويد الهدف الثالث، ثم خسر اياباً بهدفين سجلهما هاينكس. وفي عام 1974، حل بوب بايسلي محل شانكلي، فارتقى مستوى الفريق خططياً ومهارياً وصار من أشهر الفرق الأوروبية. وهو أحرز كأس الاتحاد الأوروبي مرة ثانية في العام ذاته إثر فوزه على كلوب بروج البلجيكي 3-2 ذهاباً وتعادله معه 1-1 إياباً. لكن عام 1977 كان الأبرز لدى مشجعي ليفربول لأنه أحرز كأس أبطال أوروبا للمرة الأولى إثر فوزه على مونشنغلادباخ 3-1 في روما، وسجل له أهدافه ماكدرموث وسميث ونيل. وتكرر الانجاز ثانية عام 1978 بفوزه على كلوب بروج بهدفين لدالغليش في لندن. وفاز باللقب للمرة الثالثة عام 1981 عندما فاز على ريال مدريد الاسباني بهدف لآلن كيندي في باريس. واختتم "رباعيته" الأوروبية الكبيرة عندما فاز على روما الايطالي في عقر داره على الملعب الأولمبي بركلات الترجيح 4-3. أما أبرز ألقابه المحلية فهي فوزه ببطولة الدوري اعوام 1901 و6 و22 و23 و64 و66 و73 و77 و79 و80 و82 و83 و84 و86 و87 و88 و1990... وكأس انكلترا اعوام 1965 و73 و74 و89 و95 و2001... وكأس رابطة المحترفين اعوام 1981 و82 و83 و84 و2001. ليفربول سيطر على حقبة الثمانينات، ومانشستر على التسعينات... فمن منهما سيكون قادراً على فرض اسمه على اول عقد في الالفية الثالثة؟ موعدنا مع الاجابة سيكون بعد عشر سنوات!