أثبت الإثيوبي كنينيسي بيكيلي"أنه الأعظم"في سباقات العدو الريفي الضاحية، وذلك بعدما حصد الأحد الماضي في مدينة فوكووما اليابانية لقبه العالمي العاشر على التوالي، كونه احتكر منذ سنة 2002 السباقين القصير 4 كلم والطويل 12 كلم في البطولة، واللذين يقامان بفارق 24 ساعة بينهما، وهو إنجاز يُسجل له. وإذا كان الكينيان بول تيرغات وجون نغوجي سبقا بيكيلي إلى التتويج خمس مرات متتالية، فإن العداء قصير القامة الهادئ المحيّا 1.60م، 54 كلغ والذي يُتم عامه ال24 في 13 حزيران يونيو المقبل، صاحب ظاهرة"الثنائية الاستثنائية"على مدى خمس سنوات. وفي حين يصرّح بأنه اكتفى ولم يعد هناك شيء يبرهنه في هذا المجال، يضيف مستدركاً:"سأفكر في تلبية أي نداء، نزولاً عند رغبة الجمهور"! علماً بأن السباق القصير الذي أدرجه الاتحاد الدولي لألعاب القوى سنة 1998، سيلغى بدءاً من مونديال السنة المقبلة في مومباسا. ومنذ سنة 1981 حتى 2000 وزعت 46 ميدالية في بطولة العالم للعدو الريفي، وسِجل اكتساح كيني تمثّل في حصد 33 منها أي ما نسبته 71.74 في المئة من المجموع العام، في مقابل 7 ميداليات لإثيوبيا 15.22 في المئة و6 ميداليات لبقية العالم 13.04 في المئة. وتحقق التطور الإثيوبي بدءاً من 2001، إذ اقتطع حتى 2005 الحصة الكبرى البالغة 12 ميدالية 60 في المئة في مقابل 7 ميداليات لكينيا 35 في المئة وميدالية واحدة لبقية العالم 5 في المئة. وما حققه بيكيلي حتى الآن أتاح له أن يكون البطل الأكثر تتويجاً عالمياً وأولمبياً في مجال ألعاب القوى، إذ يتربّع على قمة الترتيب بپ18 لقباً هي: 14 لقباً في العدو الريفي، أربعة منها في ترتيب الفرق، ولقب أولمبي 10 آلاف متر في أثينا 2004، ولقبان عالميان 10 آلاف متر في باريس 2003 وهلسنكي 2005، ولقب عالمي في القاعة 3 آلاف متر في موسكو 2006، ومن دون أن نغفل حمله الرقم العالمي في ال5 آلاف متر 12.37.35 دقيقة وال10 آلاف متر 26.17.53د. ويلي بيكيلي في الترتيب الأميركي كارل لويس 17 لقباً على المضمار في الجري السريع والوثب الطويل، ثم تيرغات 16 لقباً في العدو الريفي وسباقات الطريق، والأميركي مايكل جونسون 14 لقباً في الجري على المضمار والإثيوبي هايله جبريسيلاسي 10 ألقاب في الجري الطويل وسباقات الطريق. الدرس القاسي في اليابان، لقّن بيكيلي منافسيه درساً قاسياً، ألغى مفعول أي محاشرة قد يتعرّض لها، إذ شنّ هجومه على دفعتين، الأولى من خلال سرعة تصاعدية بين"محطتي"السبعة والثمانية كيلومترات، واستمر نحو ثمانية عدائين"يكافحون"إلى جانبه، والثانية عندما أطلق ساقيه للريح قبل1200م من خط النهاية، فقضى على الجميع. ويتفق الخبراء على أن لا أحد يجاري بيكيلي في"إدارة"سباقين خلال24 ساعة، كما يتفق مدرباه السابق إيسهوتو سنتاييهو الذي أشرف على بلورة موهبته، والحالي تولوسا كوتو رابع سباق ال10 آلاف متر في دورة موسكو الأولمبية 1980، على قوة ساقيه المصقولتين في الطبيعة الطلقة، حيث اكتسب فن الجري. والواضح أن بيكيلي يتعاطى مع السباق القصير في بطولة العالم وكأنه مرحلة تدريبية ضمن برنامج طويل، وعموماً يستفيد من برمجة هذا السباق قبل السباق الطويل، حيث يمكنه أن يتّبع وتيرة سرعة نهائية كبيرة في الأمتار ال500م الأخيرة لا تنعكس سلباً على جهوزه، وبالتالي يُقارن هذا السباق بمنافسة تأهيلية تصفية لمسافة 5 آلاف متر في بطولة العالم أو الألعاب الأولمبية. ويلاحظ عزيز داوودة المدير الفني للمنتخب المغربي أن بيكيلي يملك ميزة مراقبة الخصم ومواكبته ثم"الانقضاض"عليه من خلال"قراءة"نقاط ضعفه، ولا سيما الإنصات إلى طريقة تنفّسه واحتساب إيقاعها لتقدير مدى تعبه وربط ذلك بقياس نظري لخطواته وتحليلها. وما لا شك فيه أن بنية بيكيلي وقامته مثاليتان فضلاً عن مزاياه البدنية وأسلوب تدريبه إذ إن سباقات الضاحية مناسبة جداً في برنامج الإعداد لسباقات المسافات الطويلة على المضمار صيفاً، أضف إلى ذلك قدمين حساستين"عجيبتين"تولّدان طاقة كبيرة بخطوات"اقتصادية". وينصح المغربي هشام الكروج البطل العالمي والأولمبي، بيكيلي بحسن الاختيار من الآن وصاعداً، وعدم استهلاك نفسه أكثر بل التركيز على"غزو"آفاق جديدة وألقاب مسافات على المضمار، مضيفاً"عليه حسن الاختيار وليس الإكثار..."، مشيراً إلى أنه"نسيج ذاته حالياً"، وپ"لا يوجد منافسون من طينته ما يضعف بالتالي السباقات أحياناً"، وهو في نظره"المثال الأخير الذي تجب حمايته".